حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي بعد ان واجه وزير التخطيط صعوبات كشف الجزء الكبير منها الى أقرب المسؤولين في الديوان السياسي إليه، جاءه نويرة بالحلّ الذي ارتآه رئيس الدولة: ضمّ وزارتي التخطيط والمالية، في وزارة واحدة.. يقول «سي أحمد» بن صالح مواصلا حديثه عن المهمة الجديدة: «بدأنا أول مهمة ضمن وزارة التخطيط والمالية بداية الستين من القرن الماضي، بتحضير الآفاق العشرية Prespectives decinnales. ... كنا نريد ان يكون المخطط المستقبلي للدولة وليد لجان متعددة.. ففي برنامج الاتحاد مثلما أشرت سابقا كان يحوي التوجهات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.. ولكن المخطط، الذي نتكلّم عنه يحوي مسألة تربوية، فقد كوّن وفق ذلك ومن أجل انجاز هذا المخطط اللجان المختلفة من الوزارات ومن المنظمات الوطنية ومن الولايات وكذلك من البلديات». سألت صاحب المذكرات كم دام عمل هذه اللجان فردّ بسرعة وفهمت انه كان سيكشف عن الأمر آليا وبلا حاجة الى سؤال: «أسبوع كامل، وقعت فيه اجتماعات في مختلف جهات البلاد، وذلك بعد عملية التنصيب على رأس وزارة التخطيط والمالية، وكان الموضوع المشترك يهم السؤال التالي: ما معنى التخطيط وما معنى التصميم...؟ وكانت الاجتماعات تقام بإشراف مسؤولين ومناضلين وسياسيين». ولكن كيف بدأت الاتصالات، وكيف تمت هذه الاجتماعات من حيث التنظيم الهيكلي؟ عن هذا السؤال يقول «سي أحمد بن صالح» «لقد بدأت الاتصالات عن طريق فريق من الموظفين مكلفين بإعداد الوثيقة وكنت أرأس هذا الفريق وقمنا باجتماعات في كل ثلاث ولايات كان هناك اجتماع كبير.. فمثلا في باجة كان الاجتماع يضم كلاّ من جندوبة والكاف، كنا نفسّر المقصود من التخطيط ونستمع الى الطلبات والاقتراحات.. وخاصة في مستوى تكوين اللجان التي تتابع المخططات.. وهنا لابدّ أن أشير الى أن مجموع اعضاء اللجان التي حرّرت نصوص المخططات يصل عددها الى خمسة آلاف تقريبا.. يعني شارك حوالي خمسة آلاف إنسان في هذه المخططات صياغة ونقاشات وتحريرا... وهنا لا أتحدث عن الحضور فحسب بل أعني النقاش والتخطيط والمالية». ولكن ما هي الخطوط العريضة او عناوين هذه المخططات التي عرفت باسم الآفاق العشرية؟ يقول «سي أحمد» بن صالح ان «خمسة آلاف تونسي ساهموا بصفة من الصفات في تحرير الآفاق العشرية، والمخطط الانتقالي والمخطط الرباعي الأول والمخطط الرباعي الثاني، وهم مهندسون وموظفون وخبراء في مجالات تدخل ضمن اختصاص هذه الآفاق وكنت أترأس الاجتماعات عندما لا يرأسها الرئيس بورقيبة وكان ذلك سنة 19611962». وكشف صاحب المذكرات «كان أول شيء قررناه هو إحداث مجلس وطني للتخطيط وذلك بعد ان أصبح التخطيط فيه كبار الموظفين وبعض الوزراء من الذين لهم منحى او اختصاص يحوم حول الجانب الاقتصادي.. كما ساهمت المنظمات والحزب.. وهناك اجتماع وطني حول المسألة». سألت: «ما هي مهام هذا المجلس؟ فقال: «هذا المجلس، يعتمد المراقبة.. وأول من أعطى رأيه في الآفاق العشرية هو المجلس الوطني للتخطيط».. في الحلقة القادمة، إن شاء الله سوف نكتشف أركان الآفاق العشرية، وأسسها وخلفياتها في ذهن صاحبها.