سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأول مرة (184): «المجهولون» أشعلوا فتيل التخويف من التعاضد.. وتمكّنوا من ثروات المواطنين.. بثمن زهيد
حوار وإعداد : فاطمة بن عبد الله الكراي عمل «سي أحمد» بن صالح كوزير للمالية والتخطيط، مع كوكبة من وكلاء كاتب الدولة وهي خطة كما ذكرنا سابقا تعني أو توافق خطة كاتب الدولة الآن على اعتبار أن أعضاء الحكومة من الوزراء وإلى حدود سنة 1970، هم وزراء بتسمية كتاب دولة عمل إذن مع هذه المجموعة، التي اختصّ كلّ فرد فيها «بوزارة» وهنا، يقول «سي أحمد» موضحا، وقبل أن يجيب عن السؤال الذي ختمنا به حلقة أمس: «تتكون المجموعة من الرصّاع والبشير ناجي ومحمد الجدّي، ثمّ بعد مدة عوّض منصور معلى «ناجي» وعوّض الأسعد بن عصمان «الجدّي» والتيجاني حرشة عوض محسن الامام الذي توفّي كما قلنا في حادث طائرة وكان في مهمة خارج البلاد.. والأخ التيجاني حرشة عوّض الإمام في معهد الانتاجية، فيما أصبح الصادق بحرون مديرا للتخطيط.. والصادق بحرون يكشف «سي أحمد» أن له قصّة، إبّان محاكمة بن صالح سنأتي على تفاصيلها عندما يحين أوانها.. إذن يواصل صاحب المذكرات قصّة تحمّله بمفرده كوزير، وطبعا معه وكلاء كاتب الدولة، عددا كبيرا من الوزارات، حيث سألته إن كان هذا عنوان ثقة في شخصه، أم قضية كفاءة.. أم غيرهما.. ثمّ «ألم يجلب لك هذا غيرة أو حسدا أو عينا مؤلمة، كما يقال، من زملائك»؟ عن هذا السؤال، الذي يحمل في طياته أكثر من استفسار، يقول صاحب المذكرات: «.. نحن الآن بصدد التاريخ.. (يضحك..) انطلقنا كما تذكرين، من الرّفض فالشكّ (أي المدّة الأولى من العمل الحكومي).. الرّفض وأعني به رفض برنامج الاتحاد من بورقيبة سنة 1956، فقد رفض ذاك البرنامج التقدمي الذي يعدّ رفضه في الحقيقة رفضا للتخطيط.. أما الشكّ فكان، كما قلت يهمّ المدة الأولى، أي عندما كنت في وزارة التخطيط دون المالية.. ثم كان الوقت الكافي، لاطلاق «الآفاق العشرية».. ثم انطلقت الآلة، وبدأت الانجازات.. لذلك كان من الضروري تنويع العمل والأشخاص، ولكن مع الحفاظ على «قيادة» واحدة مسؤولة أمام السلط العليا في البلاد.. ولم نعش أيّ خلل داخلي على كلّ حال، في وزارة التخطيط والمالية، التي كانت كما قدّمت في السؤال تشمل في الحقيقة عدة وزارات من حيث العدد والاختصاص.. وإذا كان هناك خلل، فإنه لم يأت بالتأكيد من داخل الوزارة بل أتى من العناصر التي لم تكن مقتنعة، وهي في الحكومة، ولكن البعض من «المواطن» المسؤولة لم تقم بواجبها، تجاه الدّس وتغيير الحقائق بخصوص السياسة الاقتصادية عامة، والتي حصرها أهل الفتنة، حصروها، في التعاضد».. سألته بسرعة: من هم أهل الفتنة؟ قال: «الذين دخلوا (الحكومة) للتخريب.. والذين أوحوا بضرورة تعميم التعاضد والابتعاد عن سياسة المراحل في تطبيق التعاضد، ثمّ استعملوا الخوف من ذاك التعميم السريع.. مما دفع عددا من المواطنين إلى بيع حيواناتهم وممتلكاتهم، حيث نذكر قصّة في هذا الصدد، عندما جمع «هؤلاء» (أهل الفتنة ومن حولهم) والذين لا أسميهم بل أقول عنهم «المجهولون» إذن جمعوا عشرات الآلاف من الحيوانات، مثل الأبقار والأغنام.. بأثمان زهيدة جدّا، وأخذوا قسما كبيرا منها (الحيوانات) إلى جهة القيروان، إلى درجة أن السماء صعقتهم بفيضانات عارمة.. جرفت كل شيء».. قلت: لماذا القيروان بالذات؟ فقال «سي أحمد» وهو يواصل ابتسامة ساخرة من القصّة وعبث القدر : «لقد اشتروا تلك الحيوانات ب«فرنكات» (أربعة صوردي، قال..) وهم الذين دفعوا إلى تسخين الأجواء، بخطر تعميم التعاضد، واستعملوا كلمات الرئيس سواء كان ذلك في اجتماع القبّة (بالمنزه) حين دعا بورقيبة (أو هو أمر) بأن يسرّع بتعميم التعاضد أو كذلك في اللجنة المركزية، إلى درجة أن النّاس باعوا ثرواتهم الحيوانية بأثمان رمزية.. واشتراها بعض «النّاس» ووزعوها على الجهات.. فعاقبتهم الطبيعة بالفيضانات.. عندها بدأ الجوّ يتجه نحو التسمّم».. فإلى حلقة قادمة، إن شاء اللّه، وتفاصيل أخرى، تربط بين فترتين من تاريخ تونس الحديث..