حوار وإعداد: فاطمة بن عبد الله الكرّاي سألت سي «أحمد بن صالح» عن المخطط والمالية والاقتصاد والتعاضد، وقد غاص في الحديث عن التربية والتعليم والاصلاحات التي اقترحها كوزير، وقد وقفنا خلال الحلقات الماضية على أهمها واستذكرنا جلها لأننا من جيل عنته تلك الاصلاحات سواء منها في الابتدائي أو في الثانوي أو العالي. في جوابه عن سؤال حول المخطط، وكان الحديث يهم سنة «69» أي أشهرا قبل خروج بن صالح من الوزارة فقال: «تواصل المخطط بصفة طبيعية لكن وقع نوع من الهدوء فيما يتعلق بالتعاضد»... قلت له: لماذا؟ قال: «أولا هناك تنظيم اسمه الاتحاد القومي للتعاضد وقد تولى المسيرة، وهناك المدرسة القومية للتعاضد مع بعض الفروع في بعض الجهات لرفع مستوى الفلاحين المتعاضدين...» وهنا وقبل أن أوجه له سؤالا حول المناخ السياسي العام والتجربة في حد ذاتها بادر بالقول: «أظن أنه في ذلك الوقت وقعت الحملة... حملة خافتة أو هي حملة تحت الستار نوعا ما، وقعت ضد السياسة برمتها وخاصة ضد التعاضد. وقد أشار الى ذلك مدير أمن سابق بأن أعلم سلطته العليا بتواجد نوع من الميليشيات أو مجموعات في الجهات بدأت تندس في الجهات للتشنيع بالسياسة الاقتصادية وخاصة منها التعاضد، والتلويح بالتهديد بالتعميم»... قلت له: لكن التعميم لم تكن موافقا عليه، بل هي فكرة بورقيبة؟ انقطع سي أحمد قليلا عن الكلام، ثم واصل القول: «من هنا إحدى نقاط الاستفهام... وما زالت مواضيع أخرى محل استفهام أيضا... سوف نأتي الى بعض مؤشراتها.... ثم انني ذكرت لك، أن «الجماعة» (ويقصد الذين يخططون لإزاحة بن صالح وتشويه التجربة التعاضدية) غيروا، بعد جلسة المحاسبة بقرطاج، حين كشف عن محاولة اغتيال بن صالح ولم يفلحوا في أن يرسخوا كذبة أن بن صالح هو بن يوسف «ثاني» بدأوا يعمدون الى طريق آخر....» وهنا أضاف «سي أحمد»: «شخصيا، لم يبلغني أي شيء في أمر الجهات... بل إن الرئيس، الذي واصلت لقاءه، لم يحدثني عن أية كلمة فيها اضطراب أوجوّ ما فيه شيء ضد السياسة المتبعة... وهنا ما يذكر بصفة أساسية هو أنه وفي تلك الفترة، أي سنة 1969، كان عندي موعد أو زيارة الى صفاقس لبضعة أيام... فيها تدشين لبعض المنجزات... شخصيا أعطيت أهمية خاصة لهذه الزيارة، لأنني أعتبر أن صفاقس نهضت في جميع الميادين... وكانت فيها حيوية.... صفاقس تقدمت والقطاع الخاص فيها بدأ يتطور ولم يقع أي شيء من شأنه أن يعتبر اضطرابا أو قلقا، من الكلام عن التعميم.... تعميم التعاضد.... وهنا لابد وأن أشير الى أن صفاقس عرفت نشاطا مطردا، وكان الإخوان هناك نشطوا اقتصاديا وسياسيا... وبان أن حياة أخرى نشأت أو بدأت تنشأ، من قابس الى صفاقس الى قمودة الى قفصة... عرفت هذه الجهة نشاطا اقتصاديا قويا، في الفلاحة والصناعة ومنشآت الدولة... زرت صفاقس اذن، وكان الاقبال باهرا جدا... وبدت النخوة قوية والشعارات قوية أيضا... وخلال تلك الأيام وقعت ندوة في صفاقس أو نظمت وضمت كامل اطارات الجهة... وقد أصدروا لوائح ايجابية جدا متماشية مع المسيرة التنموية بل ومحفزة لها.... وقد اعتبرت شخصيا أن بهجة تلك الأيام علامة قوية مشجعة من طرف جماهير صفاقس بمختلف طبقاتها ومكوناتها... فقد بدا الجميع، معتزا بما حصل وبما يجب أن يحصل».... فما قصة الترحاب الشديد.... والانخراط الكبير في المسيرة التنموية... التي صدرت عن أهل صفاقس.... هذا ما سنراه لاحقا وكذلك علاقة خطاب بن صالح في صفاقس باشتداد الأزمة....