حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي شعر صاحب المذكرات أن هناك تململا في صفوف بعض الحضور في اجتماع الديوان السياسي... ورغم أنه أكد أن لا اهتمام منه أعاره الى هذا التصرّف الذي فهمه ولمحه، فإنه مضى قدما نحو تفسير المذكرة وقد تولى بورقيبة تقديمها. أصبح «سي احمد» وزيرا للتخطيط (أي التصميم وقتها) «وكان لابد ان نعمل ونقدّم البحوث والتخطيط المطلوب... لكني وجدت كما قلت ندرة في الكفاءات والموظفين صلب الوزارة التي تسلّمت... ففي الوزارة الجديدة، لم يكن بإمكاننا ان نعمل في ضوء قلة الموارد والكفاءات البشرية. فالأمر يتطلب لجانا متعددة مكوّنة من موظفين سامين... أردنا أن نتعامل في نفس الوقت مع وزارة المالية، فطلبنا منها ان تحيل الينا كوزارة القسم الثاني من الميزانية (الموضوع على الذمة للتجهيز والبناء) ويسمى «Titre II»... كاتبنا الجهات المعنية وتكلّمنا... ولكن لا حياة لمن تنادي، وصادف ان عُيّن أحمد المستيري سفيرا (بألمانيا تقريبا) وخرج حينئذ من وزارة المالية. وكان الهادي خفشة وزير العدل يشرف بالنيابة او يدير وزارة المالية... ولكن موظفا متنفّذا في الوزارة المذكورة، كان بيده الحلّ والعقد وهو صاحب القرار... كتبنا وطلبنا... ولكن لا جواب...» وهنا سألت «سي احمد» بن صالح: لماذا تحتاجون الى وزارة المالية في تلك الفترة بالذات، اي منذ البداية؟ فقال :«موظفو وزارة التخطيط لم يتصرّفوا في مجال التخطيط في البلاد.... نحن أردنا ان يكون المخطط وليد لجان متعددة» قلت مقاطعة بهدوء ومن اجل ان نفهم اكثر : هل يكون هذا الموقف من وزارة المالية، وليد أفكار المخطط المستوحاة من برنامج الاتحاد الذي حدّثتنا عنه طويلا؟ قال «سي احمد» بعد برهة من التفكير ربما تكون لحظات استعادة بعض المحطات: «برنامج الاتحاد العام التونسي للشغل فيه التوجيهات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد التونسية... ولكن المخطط فيه جزء تربوي... يتعرض الى المسألة التربوية... وهنا أريد ان أشير الى أن المخطط عرف مشاركة أكثر من خمسة آلاف تونسي شاركوا بصفة من الصفات في تحرير العشرية والمخطط الانتقالي (ثلاث سنوات) والمخطط الرباعي الاول والمخطط الرباعي الثاني..» وعن سؤال استفساري عن المشاركات وممن تتكوّن هذه المشاركة؟ ذكر «سي احمد» بن صالح ان كبار الموظفين وكذلك المهندسين اضافة الى المنظمات وعديد الكفاءات في البلاد... هم من شارك في تأمين هذا المخطط... «لكن الصعوبات التي واجهانا في مستوى وزارة المالية، كانت شديدة... وكأن هناك ستارا بيني كوزير للتخطيط وبين المالية كإدارة... حينئذ وعندما يئست من التعامل مع المالية، وقد تبيّن ان هناك قوى معاكسة لهذا المشروع لجأت الى الهادي نويرة (عضو الديوان السياسي) وكان أقرب الناس اليّ في تلك الفترة...» غدا : بن صالح يلتقي نويرة... فهل يأتي الحل؟ فإلى الحلقة القادمة إن شاء ا&...