تتواصل الأنشطة الثقافية بولاية المنستير بمناسبة شهر التراث حرصا من الأستاذ محمد صالح العتيل على التميز والاضافة فقد احتضن المركب الثقافي بالمنستير يوم السبت ماي ندوة حول «الموروث العقائدي الجذور والتواتر» وقد ترأسها الأستاذ محمد البدوي وقدم الدكتور احمد المشرقي مداخلة بعنوان «الجذور الدينية لثقافة الشرقيين» ومداخلة الدكتور محمد الشتيوي بعنوان «الوسطية العقائدية في افريقية» والاستاذ عبد الرحمان أيوب مداخلته بعنوان «البعد الديني في ملحمة قلقامش». وجاء في ورقة الندوة «تدل الشواهد التراثية المادية واللامادية ذات البعد العقائدي على ان الانسان قد سعى منذ أقدم العصور وحيثما وجد على وجه الارض الى ان يؤسس منظومة متكاملة من المعتقدات تمكنه من ان يقيم معادلة بين العالم في حالة الوجود والقوة التي جعلت هذا العالم يحدث ويستمر. وتتنوع هذه الشواهد التراثية الى نوعين كشواهد مادية ذات قيمة أثرية وشواهد لامادية واذ أسهمت وتسهم هذه الشواهد التراثية ذات البعد العقائدي في تأسيس معتقد الانسان فإنها قد أسهمت هي الاخرى حسب المنظومة المحدودة للمراحل لدورة الحياة والموت... ولكن هل قانون المواترة كاف وحده لجعل التجربة العقائدية علاوة على تماثلها لدى الانسان حيثما وجد تستمر محافظة على ذات التصور المؤسسة لها؟ أفليس ما نشاهده من تعدد وتباين في الممارسات العقائدية لدى الانسان يفيد بأن التعاقد الثقافي سبب من أهم الأسباب التي نتج عنها الكم الهائل من الممارسات العقائدية لدى الانسان؟ هذه الأسئلة المهمة التي طرحتها ورقة الندوة مثلت الارضية التي انطلق منها المتدخلون للإجابات التي تنوعت وتباينت وانتهت الى تقديم مجموعة من القراءات الممكنة للشواهد المادية واللامادية في تراثنا والتي تقول تاريخا من الموروث العقائدي الخصب فالدكتور أحمد المشرقي أستاذ علم الاديان المقارن بجامعة الزيتونة انطلق من الدراسات الكثيرة التي تناولت أسفار العهد القديم بالدرس وخصوصا سفر التكوين الذي يتصدرها موقعا وأهمية ورأى ان الاهتمام في تلك الدراسات توجه في الغالب الى البحث في تحديد بنية السفر وتاريخ تدوينه وما تتضمنه من قصص التكوين وأخبار الأولين ويرى ان دراسة هذا السفر من الجانب الثقافي أهم ومن وجهة الثقافة الشرقية من أفضل المداخل للقراءة والاستفادة. أما الدكتور محمد الشتيوي فقد كانت مداخلته أقرب الى الاشتغال على المدونة الاسلامية من خلال تتبع الوسطية العقائدية في افريقية وانطلق من القول : «إن افريقية أخضعت المذاهب العقدية والفقهية الوافدة من المشرق لعملية استصفاء مقياسها الاعتدال وتجنب التطرف بطرفيه الافراط والتفريط، وهو ما جعلنا نتخلص تدريجيا من الحروب الدينية التي ظهرت فيها ويمكن القول بدءا ان تونس قد استعصت على الفتح العسكري خلافا لعدة بلدان مشرقية كبلاد فارس ومصر لأن ذلك تطلب عدة حملات عسكرية... أما من مكونات الوسطية التي اعتمدها الدكتور الشتيوي فمنها أقطاب العلوم الاسلامية مثل علم الكلام والفقه والتصوف وقد اختار أهل افريقية بعد عدة تحولات مذهب الاشعري في علم الكلام ومذهب مالك في الفقه وطريقة الجنيد السالك في التصوف. أما الأستاذ عبد الرحمان أيوب فانطلق في مساءلة ملحمة قلقامش من تحديد مصطلح «المعتقد» ومتى بدأت عملية الاعتقاد في حد ذاتها على المستوى الروحي والذهني الصرف وما هي أولى هذه التصرفات العقائدية؟ يجيب الباحث ان البدايات على المستوى الدلالي هي الخشوع والاعتراف وعلى المستوى الشكلي اقامة التمثال ألول وبحكم التراكم اشتغل قانون الانتخاب وقانون الاحتكاك بالغير والاخذ منه.. وما الثابت من المعتقدات؟ يرى الباحث ان المنطلق هو المعبد والكهنوت ثم المساجد لينتهي الى مقاربة قانون التواصل والاستمرار وقانون التوليد.