بالتعاون مع اللجنة الثقافية المحلية بأكودة، نظمت دار الثقافة مؤخرا فعاليات الندوة السنوية «أكودة عبر العصور» التي بلغت دورتها الثامنة وذلك تحت شعار «طقوس ومعالم». وقد تضمّنت مداخلات ثلاث للدكاترة: أحمد الحذيري والتهامي العبدولي واحمد المشرقي ترأس اشغالها الدكتور أحمد الشتيوي. في المداخلة الاولى تحدّث الدكتور أحمد الحذيري عن الرباطات والمرابطين مبيّنا ان افريقية اشتهرت بكونها وفّرت اقدم دليل على وجود معلم (مؤسسة) تسمّى الرباط ويعود التأسيس اولا الى نصف القرن الاول العباسي قبل عهد الامارة الاغلبية الوراثية، وكان الامر متعلّقا في البداية بتعزيز الدفاع عن السواحل، وقد واصل الاغالبة هذه السياسة باقامة اسوار وقصور وقد حفّت بكلمة الرباط والمرابطة معان مختلفة عند الجغارفة القدامى مما يؤكد وجود المعلم ووجود الوظيفة، فقد كانت الرباطات مدنا عسكرية مشحونة بالمتطوّعين من المجاهدين الذين كانوا يتناوبون على مراقبة تحرّكات العدوّ المهاجم. ومع شيوع التصوّف وانتشاره انشئت «الرّبُط» كمبان للمتصوّفة الذين يريدون ان يقضوا بقية حياتهم متفرّغين للعبادة والصلاة دون ان يرتقوا الى درجات التصوف المختلفة التي كانت في الخانقات والزوايا... في المداخلة الثانية الممهورة ب «نحو فهم اخر للقربان» اوضح الدكتور: التهامي العبدولي ان القربان وما اتّصل به من طقوس من الظواهر الثقافية الجامعة المشتركة بين كل الثقافات فالانسان الكائن الثقافي حيثما وجد في العالم يعمد الى ممارسة هذا الطقس في اطار نظام علاقات معيّن قصد تحقيق حاجة ثقافية وظل القربان يؤدي وظيفة اساسية ا نطولوجية، ثم في درجة ثانية يحدث ادماجا اجتماعيا، إذ أن طقس الاداء هو جماعيّ بالاساس. أما الدكتور: أحمد المشرقي فتناول في مداخلته «الطقوس الدينية والتغيّر الاجتماعي» تطوّرات العقائد وتغيّر الطقوس والشعائر وأثر الاسطورة والقصّة في ذلك فالدين يغيّر المجتمع ويتغيّر او يتشكل بشكل المجتمع والدين والمجتمع بينهما علاقة تفاعل مستمرّ، لذلك نجد التفاعل بين الطقوس والنماذج الاجتماعية الثلاثة: النماذج الاول: المجتمع الذي تكون فيه القيم الدينية هي السائدة. النموذج الثاني: يحتوي على القيم الدينية والقيم العلمانية الوضعية. النموذج الثالث: تسيطر فيه القيم العلمانية الوضعية. واثر هذه المداخلات القيمة، تواصل الحوار ثريّا مع الحاضرين في مناخ فكري اصيل واهتمام بالغ من قبل جلّ المشاركين في الندوة الذين سجّلوا ارتياحا عميقا لهذه الندوة وما خاضت فيه من مفاهيم وابعاد، وفي اختتامه للندوة بيّن السيد: مصطفى شفيق البوّاب معتمد اكودة اهمية هذه الابحاث التي تتجه الى الذاكرة الوطنية والشواهد الحضارية لبلاد متأصّلة في الحضارات الانسانية والثقافات المختلفة المتسامحة، والمتكاملة.