حتى أصحاب المطاعم أصبحوا عندما يريدون إغراء الزبائن بارتياد محلاتهم للسهر يختارون أسماء شرقية ضمن الأطباق الفنية المقترحة في السهرة وهناك حتى من يتعمد اختيار أسماء فنية شرقية غير حقيقية للأصوات التي تغني عنده في المطعم في حين أنها تونسية. هذه الظاهرة تكشف الواقع الذي أصبح يعيشه الفنان التونسي والمغني تحديدا على مستوى النشاط وإحياء الحفلات العامة خصوصا. **موسم الجفاف في هذا الموسم مثلا لم يتجاوز عدد الفنانين التونسيين الذين أحيوا حفلات عامة الاثنين وهما صابر الرباعي ولطفي بوشناق ورغم محاولة البعض تنظيم حفلات خاصة بهم مثل عباس المقدم ومقداد السهيلي لم ينجحوا حتى في تحصيل الفضاءات.. أين أمينة فاخت وصوفية صادق ونبيهة كراولي ونوال غشام وشكري بوزيان وغيرهم؟ **بخل وكاشيات تعجيزية صحيح أن إحياء الحفلات العامة مازال مرتبطا بنشاط الجمعيات الرياضية وغيرها التي أصبحت تفضل الأسماء الشرقية اللبنانية والمصرية وحتى الأجنبية عند التفكير في إقامة العروض ولكن الفنان التونسي مطالب كذلك بالاجتهاد والعمل سواء على مستوى الإنتاج والتجديد أو على مستوى الدعاية ولإقناع العاملين في قطاع تنظيم الحفلات. قد يتعلّل البعض بصعوبة استقدام الجمهور في حالة القيام بحفلات خاصة ولكن نفور الجمهور له ما يبرّره كذلك وهو غياب الإنتاجات الخاصة لدى الفنانين التونسيين وعدم اجتهادهم في تجديد إنتاجاتهم وبخلهم الشديد في الإنفاق على الإنتاج والدعاية لأعمالهم رغم ما يجنونه في الحفلات الخاصة مثل الأعراس والغناء في المطاعم.. وحتى حين تتاح لهم الفرصة للغناء في حفل أو مهرجان يطلبون كاشيات تعجيزية. **في الأعراس والمطاعم ويلاحظ اليوم أن نشاط المغنين التونسيين أصبح مقتصرا على الغناء في المطاعم والأفراح لأن ذلك لا يتطلب منهم جهدا كبيرا وخصوصا في البحث عن إنتاج جديد وتجارب مختلفة. فهم يرددون ما يؤديه غيرهم وبعضا من أرشيفهم الخاص وأغاني التراث... كما أن نشاطهم في المهرجانات الصيفية أصبح مرتبطا بما توفره وزارة الثقافة والشباب والترفيه من عروض مدعومة.. وربما يبقى مهرجان الأغنية المناسبة الوحيدة الذي أصبح يلتقي فيها المغنون التونسيين بالجمهور التونسي ولو أن ذلك يبقى بدوره نسبيا نظرا لتعلق التونسي في الدورة الأخيرة للمهرجان ببرنامج «ستار أكاديمي» على قناة «آل بي سي»... **زحف الشرقيين كلّ هذه الظروف التي يتحمل المغنون التونسيون جانبا كبيرا منها فتحت الباب على مصراعيه لزحف الفنانين الشرقيين وتعلق الجمهور التونسي بهم إلى درجة الهوس حتى بنجوم «ستار أكاديمي» وطلاب «المدرسة الخاصة».. وحتى أصحاب المطاعم أصبحوا يخجلون من التعاقد مع الأسماء التونسية فيعمدون إلى استبدالها ولو اسميّا بأسماء شرقية.. ويبقى الفن التونسي في النهاية هو الخاسر الوحيد..