عاد الحديث عن التحرير الوزاري إلى تصدر الواجهة من جديد بعد صدور منشور عن رئاسة الحكومة، دعت فيه الوزراء إلى موافاتها بمذكرة حول تقييمهم لنشاط وزاراتهم، الأمر الذي اعتبره متابعو الشأن السياسي خطوة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد نحو التأهب لإجراء تحوير وزاري وشيك. و أثارت دعوة رئيس الحكومة ، طاقمه الوزاري إلى موافاته قبل يوم 30 أوت 2018 الحالي بتقييم نشاط الوزارات خلال السنتين الماضيتين، تساؤلات في الأوساط السياسية التونسية عما إذا كان ذلك مقدمة لإعلانه تحويراً وزارياً وشيكاً ورداً أيضاً على تمسك عدد من الأطراف السياسية في مقدمها حزب نداء تونس، ومن الأطراف الاجتماعية على رأسها اتحاد الشغل، بضرورة تغيير الفريق الحكومي برمته. وكانت رئاسة الحكومة قد دعت في منشور صادر عنها بتاريخ 14 أوت الجاري الوزراء إلى موافاتها بمذكرة تأليفية مرفوقة بنسخة على قرص مضغوط تتضمن تقييما لنشاط وزاراتهم سنتين بعد تشكيل الحكومة. وأمهلت رئاسة الحكومة الوزراء الى يوم 30 أوت اي انها مكنتهم من 15 يوما لاعداد التقييم. ولفتت في منشورها الى أن "التقييم يجب أن يتضمن الانجازات الكمية والنوعية المسجلة في القطاعات الراجعة لكل وزارة بالنظر والمؤشرات التي تعكس مدى التطور الذي تشهده هذه القطاعات بالاضافة إلى الاخلالات التي صاحبت تنفيذ السياسات والبرامج والانشطة العمومية ومكامن النقص فيها والتدابير المتخذة أو المقترحة من أجل تلافيها". واضاف المنشور ان هذا التقييم ياتي "للوقوف على النتائج والانجازات المسجلة بمختلف القطاعات وعلى مدى تحقيق الاهداف المرجوة من التدخلات العمومية وتحديد مدى نجاعتها واثارها بما يساعد على استشراف آفاق العمل الحكومي" . والمرجح ان هذه الخطوة تندرج في اطار الاعداد للاعلان عن تحوير وزاري عميق يعتزم الشاهد اقراره، فيما يُطالب جل الفاعلين باستثناء حركة النهضة بتغيير يشمل رأس الحكومة . وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد اقترح على البرلمان تعيين هشام الفراتي وزيراً للداخلية خلفاً للطفي براهم المقال. وخلّفت عمليات التصويت على هذا التغيير جدلاً حاداً تركّز على اعادة خلط الأوراق من قبل رئيس الحكومة واعتبار التصويت لفائدة وزير الداخلية ب148 صوتاً دليلاً على ما تحظى به الحكومة من ثقة لدى أعضاء البرلمان. في المقابل، حاولت كتل برلمانية، من بينها الكتلة الممثلة لحزب «النداء»، التفرقة بين التصويت لفائدة وزير داخلية جديد، وبين ضرورة عرض حكومة الشاهد على البرلمان لنيل الثقة من جديد في ظل الدعوات المتكررة إلى إجراء تغيير شامل على الحكومة بما في ذلك رئيسها. و أضحى التحوير الوزاري أكثر من ملح ، و بإخضاع الشاهد حكومته إلى تقييم شامل في أداء كل عضو منها ، على مستوى النقائص أو الهفوات أو الإخلالات أوعدم تقديم الإضافة، من المتوقع أن يلي هذه الخطوة مباشرة تحوير وزاري عميق. و في كل الحالات، يبقى هذا التعديل رهينا لمستوى التشاور والتنسيق بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من ناحية، وبين الأحزاب والمنظمات من ناحية أخرى . و يتمسك حزب نداء تونس بإجراء تحوير وزاري شامل واستبعاد يوسف الشاهد، وقد جدد خلال اليومين الماضيين دعوته له بعرض حكومته على البرلمان لطلب تجديد الثقة فيها. وأجمع متابعو الشأن السياسي على أنه لا يمكن في الوقت الحالي الحديث عن تحوير وزاري شامل لأنه من الصعب حاليا تغيير حكومة الشاهد برمتها، نظرا لعامل الوقت لاسيما وأن تشكيل حكومة جديدة بأكملها يتطلب وقتا طويلا، وضرورة احترام المراحل الدستورية، التي تفرض منحها الثقة في مجلس نواب الشعب، وإجراء مشاورات مطولة لتشكيل الحكومة، وبالتالي فإن أقرب فرضية إلى الواقع تتمثل في إجراء تحوير وزاري جزئي . وتوقعوا أن يتزامن التعديل الوزاري مع عودة النشاط البرلماني وسيكون حتماً قبل شهر أكتوبر المقبل، إذ إن عملية تقييم الحكومة لأنشطة الوزارات قد تتطلب مجهودات مطولة للوقوف على مكامن ضعف العمل وقوته في كل وزارة.