تتجه تونس نحو تسريح الموظفين العموميين للتحكم في كتلة الأجور المرتفعة، خاصة مع تزايد عدد الموظفين في القطاع العام الذين بلغ عددهم نحو 650 ألف موظف . و يبدو أنّ الاصلاحات المؤلمة الّتي كان قد أعلن عنها رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد عقب حصول أعضاء حكومته على ثقة نواب الشعب في سبتمبر الماضي ، بدأت في الظهور تباعًا، إذ تتحدّث مصادر حكومية وتقارير اعلامية عن تسريح الاف الموظفين العموميين على أمل أن يتمّ تسريح 120 ألف موظف قبل نهاية سنة 2020. قانون التسريح الطوعي للموظفين قدّمت الحكومة التونسية، في نوفمبر 2017، مشروعا إلى البرلمان يتعلّق بالتسريح الطوعي للموظفين، بعدما صادق عليه المجلس الوزاري، قبل شهر. وأتى ذلك على الرّغم من رفض عدد كبير من النقابيين والسياسيين له، إذ عدّوه مجرّد استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي، ولم تُعتمد فيه إصلاحات فعلية للقطاع العام، إلى جانب غياب أيّ تصوّر واضح عن كيفية إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية. كذلك أثار المشروع جملة من الانتقادات حول تسبّبه في إفراغ الإدارة من الكفاءات. و يقرّ المشروع الذي صادق عليه البرلمان، خلال جانفي الماضي، الحصول على منحة مغادرة تصرف دفعة واحدة، وتقدّر ب 36 أجراً شهريا صافيا". وقدّرت الحكومة عدد طالبي المغادرة الطوعية التي يبدأ العمل بها، في أفريل المقبل، ما بين 10 آلاف و15 ألف موظف. كذلك توقّعت أن يقدّم نحو 10 آلاف موظف طلبات تقاعد مبكر، لكنّها لم تتلقَ إلا 6400 طلب فقط، على الرغم من مرور أكثر من شهرَين على مناقشة المشروع في الأوساط النقابية والسياسية. فغياب حملات التوعية التي توضح امتيازات البرنامج وأهدافه، لم يشجّع الموظفين على قبول الخروج الطوعي من العمل. قانون يجيز التقاعد المبكّر من جهة أخرى صادق البرلمان على قانون يجيز التقاعد المبكّر للموظفين العموميين، في فيفري الماضي، اي التقاعد قبل بلوغهم السن القانونية بثلاث سنوات، وذلك في إطار خطة حكومية لتقليص عدد موظفي الدولة من 650 ألف موظف حالياً إلى ما دون 500 ألف، في السنوات الخمس المقبلة. وتحدّد تلقي طلبات التقاعد لمن يبلغون السن القانونية، من جانفي 2018 إلى نفس التاريخ من 2021. ويقدر عدد المحالين على التقاعد المتوقع خلال سنة 2018 بأكثر من 15 ألف موظف، علما وأن التوقعات تشير إلى أن عدد المتقاعدين خلال سنوات 2017 و2018 و2019 قد يصل إلى أكثر من 50 ألف متقاعد من جميع أسلاك الوظيفة العمومية دون احتساب المتقاعدين من القطاع العام، بحسب ما ذكرته صحيفة "الصباح الأسبوعي" المحلية، في عددها الأخير. ويرى بعض المراقبين أن هذا الخيار قد يكون له سلبيات على التوازنات المالية لصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية الذي يعيش وضعا ماليا حيث بلغ عجز الصندوق خلال الثلاث سنوات الأخيرة ألف مليار دينار، ويتوقع وصوله إلى 4600 مليون دينار سنة 2020. الحكومة تغلق باب الوظيفة العموميّة قرّرت الحكومة، وللسنة الثانية على التوالي، التخلّي في ميزانية الدولة لسنة 2018 عن الانتدابات الجديدة في الوظيفة العمومية، مع عدم تعويض الشغور الناتج عن الإحالات والتقاعد، وذلك في مقابل تشجيع الشباب العاطلين عن العمل على تأسيس مشاريع خاصة، وتقديم قروض وتمويل من قبل البنك التونسي للتضامن. و يتخطّى عدد العاطلين عن العمل في تونس 650 ألف شخص، ما زال معظمهم يتشبثون بحقهم في الانتداب والوظيفة العمومية، على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد.