ليس جديدا على الساحة السياسية مدى قرب رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق الى الإمارات و استماتته في خدمة مصالحها كاشفا ولاءه الأعمى لها بشكل فاضح. ولم يتوان مرزوق في أكثر من مناسبة في إبراز قربه من الإمارات ، سيما إبان الأزمة الأخيرة التي خيمت على العلاقة بين تونسوالإمارات، متجاوزا أعراف دبلوماسية وشعبية يفترض أن تصب في خانة المصلحة الوطنية التي تمثلها الدبلوماسية الرسمية المبنية على الحياد وعدم الانحياز وعدم التدخل في الشأن الخارجي للدول الأخرى. و قد عبر متابعو الشأن العام عن استغرابهم من مواقف بعض الأحزاب التي لم تخف خشيتها من توتر العلاقة مع الطرف الإماراتي، بل دعت إلى الحذر واتهمت دولاً وأطرافاً أخرى في افتعال الأزمة بين البلدين. وأثارت بيانات وتصريحات أحزاب "مشروع تونس" وزعيمه محسن مرزوق تساؤلات كثيرة حول أسباب ملاطفة الجانب الإماراتي الذي أهان التونسيين في وقت كانت سليطة وراديكالية في مواقف تتعلق بدول أخرى، حتى وإن تعلق الأمر بقضايا دار حولها إجماع وطني أو قالت فيها الدبلوماسية الرسمية كلمتها. و لم تنتظر الامارات كثيرا لتعترف بجميل محسن مرزوق بشكل غير مباشر، حيث سارعت الى التعليق على انسحاب حزبه من حكومة الوحدة الوطنية معتبرة ذلك خسارة وطنية لا تعوض. و وصفت صحيفة "الخليج" الاماراتية في مقال صدر الجمعة 19 جانفي الجاري انسحاب حركة مشروع تونس من الحكومة ب"اللطمة القوية" للتحالف الحكومي ولا سيما حزب نداء تونس الذي خسر حليفاً سياسياً مهمّاً حتى وإن لم يكن شريكاً في الحكم، إذ يعد نداء تونس مرجعاً ل «حركة مشروع تونس»، باعتبار أن مشروع تونس كان قد انشق سابقاً عن النداء ويضم قياديين أغلبهم أيضاً من النداء يتقدمهم الأمين العام محسن مرزوق، وفق نص المقال. واستماتت الصحيفة في توصيف هذا الانسحاب على انه خسارة وطنية ملمحة الى ان التحالف الحكومي سيفقد توازنه بعد الانسحاب سيما وانه جاء بعد انسحابات لأطراف سياسية اخرى (الحزب الجمهوري وافاق تونس). و أضافت صحيفة الخليج في مقالها " في نظر الأحزاب المنسحبة، فإن التحالف الحكومي فشل في إدارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ما زاد في حالة الاحتقان في البلاد عبر المصادقة على قانون المالية الذي أقر زيادات في الأسعار والضرائب وكان وراء موجة الاحتجاجات العنيف التي شهدتها تونس مؤخراً" ، محاولة بذلك التركيز على ان الوضع في تونس غير مستقر سياسيا اقتصاديا واجتماعيا ، في محاولة يائسة الى إثارة المخاوف من المآل الذي ينتظر تونس. و ثمنت الصحيفة الاماراتية "جهود" حزب محسن مرزوق الذي دعا في بيان له إلى ضرورة تعديل جوهري للتمشي السياسي والاقتصادي في البلاد وذلك بالدعوة لحكومة كفاءات وطنية غير معنية بالانتخابات وتنظيم مؤتمر لتصحيح المسار يقدم حلولاً عاجلة. ومن جانب اخر انتقدت التحالف بين النهضة والنداء معتبرة انه قد فشل وعجز عن تنفيذ الأهداف المتفق عليها ولم يكن له تأثير ملموس على عمل الحكومة وانسحبت أحزاب منه وساد عمله الارتجال.