اليوم الثلاثاء الثاني من فيفري تمر الذكرى التاسعة عشرة للرحيل المؤلم لفارس الاذاعة الوطنية وصوت الشعب الاعلامي القدير سي صالح جغام... اسم طبع بأحرف من نور في الذاكرة الثابتة في قلوب كل المستمعين بكامل ارجاء الوطن العربي... فمن عام لآخر ينطوي الزمن... ونتذكر أعزاء لنا... رحلوا عن هذه الدنيا وتركوا بصماتهم والذكريات... التي عشناها معهم بحلوّها ومرّها... وصالح جغام هو واحد من هؤلاء الأعزاء... الذين سرقهم القدر منا... هذا الاعلامي والمنشط الاذاعي المتميز... الذي مرّ على وفاته 19 سنة كاملة... وكأنها البارحة... تحرّك لواعج النفس ونحن نتذكّر هذا الرجل المقدام والصحفي الفذ... صالح جغام ان كان الموت قد غيبه عنا فان ما قدّمه من جليل الخدمات للصحافة التونسية والاذاعة والتلفزة التونسية لا يمكن تناسيه أبدا والله... فقد كان الوقت الذي يقضيه الفقيد في الاذاعة وبين استوديوهات التسجيل والتصوير ومكتب مجلة الاذاعة أكثر مما يقضيه مع زوجته وابنه ماهر فقد أحب المستمعين والمشاهدين والقراء أكبر من حبه لنفسه... فها هي السنوات تمر ولا ننسى... وهل يحق لنا أن ننسى سي صالح جغام الذي مازال اسمه يثير التعب لبعض المتشعبطين والمفلسين؟... اسألوا شقيقه الزميل حبيب جغام ان كنا قد تحاملنا وافترينا عليهم؟ ان صالح جغام ظل حيّا في القلب والوجدان، فهل تمر ذكرى وفاته هكذا في صمت أشبه بصمت القبور دون أن نتذكر كلماته، صولاته الميكروفونية، نرفزته الرائعة وكل الاشياء التي أحببناه فيها كان المايسترو صالح جغام صوت الشعب، صوت الجماهير في الاذاعة كان لا يجامل، ولا يحذق فن الالاعيب والعزف على وتر التمعش الرخيص من الفنانين، كان يقول الكلام الذي يشعر به، ولا يقرأ أي حساب لمخلفاته، برامجه الاذاعية مدرسة بحالها... عليك فقط أن تكون منتبها فيها لتتعلم، وتتثقف، فلا مجال لتلبد الفكر مع انسان اسمه صالح جغام... تمرّ السنوات ولا ننسى فهل ننسى سهرات عربية؟ هل ننسى حقيبة المفاجآت؟! أبدا لا!! وهل ننسى ضحكاته الساخرة من الذين يقرؤون الكتب ولا يعرفون الشعراء؟ ولا يملكون حبة الفكر؟ لقد خسر سي صالح عريضا، هو الجمهور الذي لا يفكر للتاريخ جمهورا من ذهب... هو ذلك الجمهور الذي ينتظر بشوق كبير برامجه، لأنه جمهور متعلم واع ومثقف، لقد كانت نرفزة سي صالح أكثر من رائعة وصوته مميزا جدا جدا... وسخريته نافذة... لذلك أجبيناه وسنبقى نحب الرجل الذي فاجأه الموت.