أفاد الخبير والباحث في مجال الطفولة والأسرة إبراهيم الريحاني، اليوم السبت 20 جوان 2020، أن التفكك الأسري الناتج عن الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية جعل من المنزل المكان الأكثر تهديدا بالنسبة للطفل، حسب ما أكدته احصائيات مندوبي حماية الطفولة لسنة 2019 ولفت الخبير، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، الى أن عددا كبيرا من الأسر التونسية تعيش تحت وطأة ضغوطات اقتصادية كبيرة نتيجة ضعف مواردها المالية وعجزها عن تغطية مصاريفها اليومية وتلبية حاجيات أطفالها الأساسية وصعوبات اجتماعية جمة خاصة في ما يتعلق باضطرار الأبوين الى الغياب عن المنزل لساعات طويلة بسبب انغماسهما في العمل، مؤكدا أن هذه الوضعية تعكر الأجواء الأسرية فيسودها التشنج والتوتر الذي غالبا ما يؤدي الى التفكك الأسري. وشدد الخبير على أن الطفل المحروم من التواصل مع الأبوين ومن النهل من حبهما واهتمامهما وحنانهما يجد نفسه غير محصن من جميع التهديدات التي تواجهه خارج المنزل وداخله فيتمرد على كل القيم والضوابط و القوانين ويجعل من العنف أداة له في التواصل مع الغير. وقال الخبير إن المدرسة في حد ذاتها وبمنظومتها التربوية المتآكلة أصبحت تشكل مصدر ضغط كبير على الطفل بسبب كثرة ساعات التمدرس وعجزها عن تقديم مضمون يخاطب الحاجيات الحقيقية والأساسية للطفل، ومن أهمها تعزيز شعوره بالأمان وتمكينه من التعبير عن ذاته وعن انشغالاته مما يعزز ثقته بنفسه و تقديره لذاته دون التغاضي عن حاجته الأكيدة للعب. وأضاف ان الطفل الضحية يعيش للأسف هشاشة نفسية كبيرة بسبب فقدانه للأمان والاستقرار النفسي داخل الأسرة والمدرسة على حد السواء وهو ما يفسر تسجيل 400 وحاولة انتحار في صفوف الأطفال سنة 2019. ورغم أن تونس تبقى رائدة في مجال حقوق الطفل باحتلالها المراتب الأولى عربيا وافريقيا في وضع القوانين وتوقيعها على جل الاتفاقيات العالمية الا أن المتأمل في واقع الطفولة في تونس يعي أن الوضع غير مطمئن استنادا الى عديد من الأرقام والاحصائيات وآخرها ما تم الإعلان عنه في التقرير السنوي لمكتب مندوب حماية الطفولة لسنة 2019، وفق الخبير. وشدد الريحاني على أن التشريعات لوحدها غير كافية كما أنها بحاجة الى عديد التنقيحات ومن بينها ضرورة تضمين مصطلح الطفل الضحية في مجلة الطفل وادراج حقوق أخرى بها كالحق في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية المجانية خاصة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة على غرار الذين يعانون من طيف التوحد ومن اضطرابات التعلم خاصة وان التعهد بهم يتطلب إمكانيات مالية هامة تعجز أغلب الأسر على توفيرها مما يزيد من وطأة ضغوطاتها وبالتالي تفككها. وخلص الخبير الى أن النهوض بوضع الطفولة في تونس يتطلب رؤية شاملة ومقاربة متكاملة وليس مجرد حلول مجزأة وغير متناغمة. يذكر أن المندوب العام لحماية الطفولة، مهيار حمادي، أفاد في ندوة صحفية الخميس الفارط لتقديم التقرير السنوي لنشاط مندوبي حماية الطفولة خلال سنة 2019 ان مندوبي حماية الطفولة يتلقون يوميا ما يزيد عن 67 اشعارا بشأن الطفولة المهددة مشيرا الى ان المنزل يشكل مكان التهديد الاول بالنسبة للاطفال، بنسبة 88ر53 من اجمالي الاشعارات، يليه الشارع بنسبة 38ر21 بالمائة فيما تمثل المؤسسات التربوية مكان التهديد الثالث بنسبة 3ر13 بالمائة. وتتمثل وضعيات التهديد الاكثر أهمية من حيث عدد الاشعارات في تقصير الوالدين في التربية والرعاية بنسبة 27 بالمائة من اجمالي الاشعارات واعتياد سوء المعاملة بنسبة 22 بالمائة وعجز الابوين او من يسهر على رعاية الطفل والاحاطة به وتربيته بنسبة 22 بالمائة وتعريض الطفل للاهمال والتشرد ب 9 بالمائة واستغلال الطفل جنسيا بنسبة 7 بالمائة وفقدان السند العائلي بنسبة 6 بالمائة.