تونس (وات) - إذا كان تاريخ 24 جوان 1956 الموافق لتاريخ انبعاث الجيش الوطني، يمثل محطة مضيئة توجت نضال الشعب التونسي من أجل الاستقلال والسيادة، فإن السنوات ال56 التي مضت على ميلاد الجيش الوطني، برهنت على أن جيش تونس ساهم بقدر كبير في حماية النظام الجمهوري ومؤسساته وساند ارادة الشعب التونسي في الحرية والكرامة. فقد كان الدور الذي اضطلع به الجيش الوطني في المرحلة التي أعقبت ثورة 14 جانفي 2011 تجسيدا لانتصار هذه المؤسسة الوطنية لإرادة الشعب التونسي في الحرية والكرامة والديمقراطية. وفي هذا الصدد أسهم الجيش الوطني في انجاح انتخابات المجلس الوطنى التأسيسي التي جرت يوم 23 اكتوبر 2011 حيث عمل على تامين صناديق الاقتراع قبل واثناء اجراء الانتخابات والى حين الاعلان عن نتائجها النهائية. كما ساهم الجيش في تامين الشروط الموضوعية لتحقيق الانتقال الديمقراطي في البلاد سيما من خلال حماية الحدود البرية والبحرية والمجال الجوي الى جانب معاضدة جهود الدولة في مجال التنمية وتامين مقومات العيش اليومى للمواطن وحمايته من خلال حفظ النظام العام والممتلكات العامة والخاصة والمنشات الحساسة فى البلاد. وبالفعل فقد واصل الجيش الوطنى منذ بروز أول مؤشرات تدهور الاوضاع الامنية بليبيا القيام بواجبه الانسانى على الحدود التونسية الليبية حيث بادر بتركيز النواة الاولى لمخيم الشوشة في فيفرى 2011 الذي لا يزال يحتضن حوالى 2500 لاجىء ينتظرون ترحيلهم الى بلدان اخرى غير اوطانهم من قبل المنظمات والهيئات الدولية الانسانية. ووفق معطيات من وزارة الدفاع الوطني، نجح الجيش الوطني فى التعامل مع مليون و700 الف لاجىء من 140 جنسية على مستوى الاستقبال والايواء والاحاطة الشاملة بالرغم من صعوبة المرحلة وبعض الاشكاليات المتعلقة بالتنسيق وبالترحيل مع المنظمات الاممية والانسانية. وعلى صعيد اخر اضطلع الجيش الوطني بدور هام فى انجاح السنتين الدراسيتين والجامعيتين 2011 و2012 وضمان احسن الظروف لاجراء مختلف الامتحانات والمناظرات الوطنية بالاضافة الى تامين المحاصيل الزراعية والفلاحية ومقاومة الحرائق المتعددة التى شهدتها البلاد. وبخصوص النجدة والانقاذ وحماية البيئة والمحيط يسخر الجيش الوطنى وسائله البرية والبحرية والجوية لتقديم الخدمات اللازمة وقد تدخل لانقاذ عديد التونسيين الذين التجؤوا الى رحلات الهجرة غير الشرعية اضافة الى جهوده المتواصلة خلال الظروف المناخية الصعبة التى عرفتها مناطق الشمال الغربى فى فصل الشتاء الماضى لازالة الثلوج وانقاذ واجلاء المواطنين فى المناطق التى حاصرتها المياه. وفي اطار الخدمة الوطنية وقصد تحفيز الشباب تم تمكين كل متقدم لاداء الواجب الوطني من منخة قدرها 200 دينار بالنسبة لحاملي الشهادات العليا و100 دينار بالنسبة للشباب من غير الحاملين لشهادات ومنحهم الاولوية عند ادماج البعض منهم بعد اداء الخدمة الوطنية وتجسيما للمبادىء الاممية في حفظ السلام ونشر الامن في العالم ومناصرة القضايا العادلة، تستجيب تونس دائما لنداء المجتمع الدولي بايفاد فيالق عسكرية سواء تحت لواء الاممالمتحدة او الاتحاد الافريقي الى عدة مناطق من العالم لتشارك في نشر السلام وموءازرة الشعوب على تجاوز المحن. ومواكبة لمتطلبات الديمقراطية الناشئة انضمت تونس بعد الثورة الى مركز المراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة بجنيف لتكون بذلك ثانى بلد عربى بعد لبنان ينضم الى هذا المركز المهتم بالتنمية والتسيير الرشيد لقطاعى الدفاع والامن. وستستفيد المؤسسة العسكرية في اطار هذا المركز من تجارب عدة دول فى مجال التسيير الديمقراطى بما يساهم فى تطوير اداء الجيش الوطنى والقيام بمهامه ليكون فى خدمة الشعب والنظام الدستورى فى نطاق ما يقتضيه القانون المنظم له. وتكريسا للاستقلالية القضاء العسكري وتوفير كل ضمانات الحياد تم لاول مرة سن نظام اساسي خاص بالقضاة العسكريين فضلا عن الغاء الامر بالتتبع الصادر عن وزير الدفاع الوطني واحداث لاول مرة في تاريخ القضاء العسكري مجلس القضاء العسكري الذي يكفل جميع الضمانات الوظيفية للقضاة . ويذكر ان القضاء العسكري يتولى النظر في العديد من قضايا المتعلقة بالخصوص بجرحى وشهداء الثورة .