اكد الوزير الاول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي على ضرورة مراجعة المنوال الاجتماعي الذي كرس التفاوت التنموي بين الجهات ومثل احد ابرز اسباب قيام الثورة في تونس. وابرز لدى افتتاحه صباح يوم الاربعاء بالضاحية الشمالية للعاصمة اشغال الندوة الدولية حول “العدالة الاجتماعية ومقاومة الاقصاء في زمن الانتقال الديمقراطي” اهمية تضافر جهود كل الاطراف المعنية من اجل ارساء نمط نمو اجتماعي يقضي على البطالة والفقر والاقصاء والتفاوت بين الجهات ويعزز الحماية الاجتماعية بما يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وارساء الامن والاستقرار وبالتالي انجاح المسار الانتقالي الديمقراطي في تونس. ولاحظ ان الشباب الذي قام بثورة الحرية والكرامة دون مرجعية مذهبية او فكرية او تاثير خارجي ينتمي اغلبه الى المناطق الداخلية المهمشة والاقل حظا في التنمية مذكرا بان 80 بالمائة من موارد التنمية كانت موجهة في النظام السابق الى المناطق الساحلية والسياحية على حساب المناطق الداخلية التي تحظى ب 20 بالمائة فقط من اعتمادات التنمية. واضاف الباجي قائد السبسي ان الثورة التونسية كشفت “عمق الهوة بين الواقع والمعلن” وهو ما استوجب من الحكومة الانتقالية وكافة القوى الوطنية تعزيز الحوار الوطني قصد مراجعة كافة جوانب المنوال الاجتماعي التونسي وضبط خارطة طريق تحدد اولويات التنمية الاجتماعية وترسم خطة عمل واضحة تربط الاجل بالعاجل بما يمكن من النهوض بالفئات الضعيفة والمهمشة في مختلف الجهات. وبين ان تضافر الجهود من اجل تكريس مبدا العدالة الاجتماعية افرزت جملة من الاجراءات العملية ابرزها تعزيز الاعانات القارة وتسوية وضعية عملة الحضائر وعملة المناولة واقرار الزيادات في الاجور وادخال مرونة اكبر على الية القروض الصغرى وتنظيم مناظرات انتداب في القطاع العمومي مذكرا بان احتضان اكثر من مليون لاجىء من ليبيا الشقيقة اثر بدوره على الوضع الاجتماعي في تونس. وافاد بان هذه الاجراءات كان لها وقع ايجابي في الحد من تداعيات البطالة والفقر في البلاد مبرزا الحرص على مواصلة التكفل الاجتماعي بالاسر المعوزة ووضع جملة من الاليات لمساعدة الشباب العاطل عن العمل على اقتحام سوق الشغل ابرزها الية التكوين التكميلي بالاضافة الى بعث مشروع لاستيعاب البطالة لمدة 5 سنوات باعتمادات جملية تبلغ 125 مليار دولار. واعرب الوزير الاول عن الامل في ان تساهم التوصيات العملية التي ستنبثق عن هذه الندوة في اصلاح الواقع الاجتماعي في تونس والوقوف على النقائص والاشكاليات وتكريس الحوار والوفاق الاجتماعيين من اجل ايجاد الحلول الكفيلة برفع هذه التحديات وتجاوز هذه المرحلة الدقيقة من مسار الانتقال الديمقراطي وتحقيق اهداف الثورة في الحفاظ على الكرامة وارساء العدالة الاجتماعية. وكان محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية اكد ان مقاومة الاقصاء الاجتماعي يعتبر في مقدمة اولويات الحكومة الانتقالية وكافة القوى الوطنية كما انه يمثل هاجس المنظمات الدولية نظرا لارتباطها الوثيق بعاملي السلم والاستقرار الاجتماعيين. ولاحظ ان كسب رهان العدالة الاجتماعية والادماج الاجتماعي لا يقل اهمية عن انجاح الاستحقاق الانتخابي القادم باعتبارهما شرطان اساسيان لانجاح المسار الانتقالي والاستجابة لانتظارات التونسيين في الكرامة والتمتع بمقومات العيش الكريم مبرزا حرص الوزارة على تعزيز اليات الحماية الاجتماعية للوقاية من الفقر. ومن جهته بين شارلز دان المدير الجهوي لافريقيا بمنظمة العمل الدولية ان النهوض بالموارد البشرية يجب ان يظل في مقدمة الجهود التنموية تكريسا للحقوق الاساسية للافراد كالحق في الصحة والتعليم والشغل في كنف العدالة والمساواة بين الفئات والجهات والاجيال. ولاحظ ان تشغيل الشباب يعد اولوية عاجلة في العديد من بلدان العالم باعتباره الضامن لكرامة الفرد وهو ما يستدعي تضافر الجهود الدولية وتنسيق البرامج وتبادل التجارب والمعلومات في هذا المجال بالاستناد الى دراسات واقعية تضبط حلولا قابلة للتطبيق بالنجاعة المرجوة. وقال شارلز دان في هذا الصدد “ليس هناك وصفة جاهزة لحل معضلة التشغيل” مشددا على اهمية الدور الموكول للقطاع الخاص والاطراف الاجتماعية والمنظمات بما في ذلك الدولية في النهوض بهذا القطاع الحيوي وفي تدعيم برامج الحماية الاجتماعية ضمانا لامن الشعوب واستقرارها. وتنتظم هذه الندوة الدولية التي تتواصل يوم غد الخميس بالتعاون بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية وبدعم من البنك العالمي وبرنامج الاممالمتحدة للطفولة والاتحاد الاوروبي والمعهد الوطني للاحصاء والدراسات الاقتصادية بفرنسا. ويتضمن برنامج الندوة 6 مائدات مستديرة تتضمن جملة من المداخلات وتتمحور بالخصوص حول مقاربتي الاقصاء والادماج الاجتماعيين من خلال الوقوف على تجارب عربية ودولية بالاضافة الى ابراز دور الدولة زمن الانتقال الديمقراطي في الحد من الاقصاءات والفوارق التنموية وتكريس مبدا العدالة الاجتماعية