لما كتبت رجاء بن سلامة عن الحرب اللبنانية الأخيرة، وموقفها من المقاومة المهزوز. قلت لعل الحس المرهف للمرأة وهي تشاهد الاطفال النساء يموتون بالقنابل الصهيونية المنازل وهي تدمر وتتساقط البناية تلو الأخرى، قد انعكس ذلك على موقفها، وكالت للمقاومة ما جدت به قريحتها. ولما فاجأنا الاستاد المفكر الذي كنا نتسابق الصحف بحثا عن «فردانياته» لنلتهمها، السيد علي حرب الذي حبر مقالا مطولا صب فيه جام غضبه على الغوغائيين، قلت لعل الاستاذ قد فاضت فيه مشاعر الابوة اللبنانية لما شاهده من تقتيل يندى له الجبين فالتمست له عذار ورب عذر. ولكن لما صرعنا حمدي أبو جليل بدعوته للاستسلام طفح الكاس، دعوتك للاستسلام مرفوضة يا أبا جليل. بكل بساطة الاستسلام يعني خسارة كل شيء، حتى ماء الوجه إن كان يوجد. الاستسلام يعني الرضوخ للاملاءات وللقيود المكلفة التي تفوق تكاليف المقاومة. لعلك تعرف على مر التاريخ الأمم والحضارات التي استسلمت كم كان ثمنها باهضا انطلاقا من شروط روما على قرطاج المجحفة برغم تعديلات شيبيون لها وصولا الى العراق الذي ينزف تحت الوصاية الأمريكية وما تراه بأم عينيك من استغلال للثروات ... دعوتك للاستسلام تدعو الى الحيرة، فأنت البدوي الذي خبرت البراري كيف تهت في بيداء المتنبي وصحراء خالد بن الوليد ؟ فكيف تنقاد بهذه السهولة للاستسلام؟ وتهدي العدو ما فقده في هذه الحرب على طبق من ورد ؟ ومتى علمت أن للعدو حدود لطلباته؟ فما سيطلبه منك اليوم يضاعفه غدا، وستجد نفسك موضع الملك الذي طلب منه عالم الشطرنج أن يعطيه بكل مربع ضعف ما أعطاه بالمربع الأسبق بدء بحبة قمح واحدة، استهزأ الملك بطلبه بادي الامر فأعطاه كل حبوب مملكته حتى استفرغها وعجز عن تلبية طلبه. كيف تستسلم وأنت منتصر ؟ فالعدو اعترف بخسارته، ودخلت بلبلة في البيت الاسرائيلي قد لا ينجو منها ألمرت نفسه. وها هو الأديب الاسرائيلي دافيد جروسمان يؤيد ما ذهبنا اليه بعد قتل ابنه في الحرب على لبنان، أقر بخسارة إسرائيل ودعا لمحاسبة النفس ومراجعتها لعل واقع الهزيمة العربي المستمر، جعل أدوات تحليلك غير قادرة على التفكير خارج منطق الهزيمة، جعلك غير قادر على استيعاب الانتصار. ففي هذه الحرب الجائرة التي دخلها العدو بكل ترسانته الحربية، وآلته المدمرة وأسلوبه الهمجي. نفث حقده الدفين، لماضيه اللعين مع الغرب، فصب حممه علينا نحن الابرياء منه براءة الذئب من دم بن يعقوب. فأما آن لليهود أن يفيقوا من غفلتهم، وان يدركوا ان الذي شتتهم هم الغرب وليس نحن، فما هو ذنبنا حتي يقتلونا، ولماذا تغتصبوا أرضنا يوم بعد يوم. أليس فيكم رجل رشيد؟ يرشدكم الى حقيقة تاريخكم فترحلوا عنا، وتتركونا لحال سبيلنا في هذه الحرب انتصر حزب الله وكل الأمة معه . لأنه الأفضل ولأنه وزع قوته في ساحة المعركة على أحسن وجه. كان متفوقا بحضوره اللوجستي المدهش أما أنا أنت واخواتك يا أبا جليل، كان عليك ان توجه حزب الله بالقول السديد والرؤية الصائبة كأن ترشده بأن لا يكتفي بالتفوق البري فالحروب الحديثة جوا وبحرا «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» . فنحن نريد أن نرى حزب الله يدحر العدو من الطائرة ومن البارجة حتي يكتمل النصر دعوتك للاستسلام تدعو الى التعجب، فقد اقرنت الاستسلام بالشجاعة والكرامة والكبرياء اعذرني يا أبا جليل لم أجد لها تفسيرا بقاموس فيلة حنبعل ولابقاموس فرس مسنيسا ولا بمسالك تشي غفارا ولا حتى بحصان طروادة . فأين وجدتها؟