هل تهاوت «متاريس» النسق الفلسفي وخبت شُعلة من بيده حكمة الخلاص البشري من نسقٍ إنداحت فيه ارادة المعرفة لحساب إرادة القوّة والسيطرة؟ وهل تمركزت كمّاشة التخريب والترهيب واستحوذت على المشهد الإنساني برمته فما عادت الفلسفة واهبة المستقبل ومانحة التواصل والحوار؟... «ما أشدّ غربة هذا الفيلسوف وما أعظم غفلته يمضي الى تدبّر أمر الوجود متفقها في الأدوار.. فاللغة لم تعد اطار تحقق الذاتية ومسكن الوجود ولا الكلام الذي نعبّر به صوت الوجود الأخرس» بهذا الوضع السريالي موضع لنا الأستاذ الباحث بالجامعة التونسيّة زهير الخويلدي حالة الفيلسوف والفلسفة بعد أن تمّ تحويل الجدال الفكري بين العلماء إلى صراع فعلي بين البشر وحروب بين الدول وصدام بين الحضارات... في تتويج صارخ لما وصل إليه الوعي البشري من حيرة مقضّة تتأرجحُ بين النقد أو التأسيس والتأويل أو التفكيك والمعنى أو اللاّمعنى.. كما يعزُو الأستاذ زهير الخويلدي هذا «السُبات الفلسفي» إلى مفهوم «الحشد» وحالته فقد «غزت الشعوبية الفكر واقتحم الابتذال الفن وأصبح الذوق يُصنع على القياس وأصبح المبدع في تناغم مع انتظارات الجمهور» في زمن التماثل والتطابق وغياب التميّز والتنوّع... الاستراتيجية الفلسفية الأولى / التأسيسية التي يراهن عليها صاحب كتاب «لزومية العود على بدء أو استراتيجيات فلسفية» هي ضرورة إبراز أهميّة التدخل النظري في سير الأحداث حتى يكون المرء في حضرة الوجود وهو يتفكّك وحتى يكون قادرا على الا ضطلاع بمشروع العبوريين برزخ الرضوخ والحريّة، العدم والوجود،... هو ذا المشروع الذي غار في صلصاله الأستاذ الباحث بالجامعة التونسية زهير الخويلدي المتحصّل على الإجازة في الفلسفة من كلية 9 أفريل سنة 1996 وشهادة الكفاءة في التدريس سنة 1999 وشهادة التبريز في الفلسفة سنة .2003 وقد ضمّ مُنجزه الفلسفي مقالات تحليليّة ونقديّة لمواضيع فكرية راهنة كالحق العالمي في التفلسف ومفارقات العولمة ومعنى المعنى في الفكر وفن طرح المشكل الفلسفي ولغة الهوية لغة الفكر ولعبة الكتابة والقراءة.. ولذلك أهدى الأستاذ زهير الخويلدي كتابه هذا إلى العاملين من أجل الانسان، المساهمين في الدفاع عن الأمة، المناهضين للعولمة من أجل حياة أفضل وعالم يتسّع للجميع.