تونس الجميلة ..بنزرت.. عروس الشمال الساحرة    كلام في الثقافة ... حين تدخل الرئيس لإسكات الرويبضة...الثقافة التونسية في السيادة الوطنية !    سفارة الولايات المتحدة بتونس تحتفل بالذكرى 248 لاستقلال الولايات المتحدة الأمريكية    الحماية المدنية توجيه 16 شاحنة لإطفاء حريق منطقة اليهودية والعملية متواصلة    الشاشة في الميزان ..هل حقا «الجمهور عايز كده»؟    حكايات تونسية..الموروث الشعبي المنسي.. دمّه يقطر بين الوديان (2/2)    قهر ومظلمة .. حرائق الغابات ببلادنا ..تداعيات سلبية بالجملة... والتدخل ضروري    طائرة أمريكية دون طيار تراقب الساحل الليبي وسط البحر المتوسط    ايقاف لطفي المرايحي    من قصص الجوسسة..التردد 109 (حلقة 3)... من الدشمة إلى القناة    الدورة 58 من مهرجان الحمامات الدولي .. 11 عرضا تونسيا ...و عودة المسرح بقوّة    القيروان: انقلاب سيارة حماية مدنية كانت في طريقها إلى إخماد حريق    انفجار يهز أكبر مصنع للأسلحة في الولايات المتحدة وأنباء عن سقوط قتلى ومصابين    تصفيات "الكان".. "كاف" يعلن عن تصنيف المنتخبات قبل القرعة بيوم    احدهما خطير جدا.. الاطاحة بعنصرين إجراميين في منوبة    التوقعات الجوية لهذه الليلة    احتياطي الذهب لدى البنك المركزي لسنة 2023    الداخلية : تنفيذ تمرين محاكاة تطبيقي للتصدي لعمليات إرهابية متزامنة بالمنطقة البترولية برادس ومدينة الثقافة    كوبا امريكا : كوستاريكا تفوز على باراغواي لكنها تودع المسابقة    بطولة ويمبلدون :أنس جابر تواجه غدا الأمريكية روبين مونتغميري    اللجنة الوطنية الاولمبية التونسية تكرم الرياضيين التونسيين المتاهلين لدورة الالعاب الاولمبية بباريس    وزيرة العدل تؤكد الحرص على تحسين ظروف عمل المحامين الشبان    صدور الأمر المتعلق بدعوة الناخبين الى الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 بالرائد الرسمي    نابل: هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحجز أكثر من 22 طنا من البهارات والتوابل غير الصالحة للاستهلاك ببني خيار    على اثر تسرب أخطاء في أعداد مترشحين لامتحان الباكالوريا بمعهد بالمهدية، وزارة التربية تقرّ جملة من الإعفاءات    الصخيرة :حجز كمية من الهواتف المحمولة والسجائر المهربة بقيمة جملية تفوق 500 ألف دينار    الترخيص لانجاز خطّ كهربائي هوائي مزدوج يربط بين الخط الكهربائي "متلوي - توزر" والمحطة الفولطاضوئية بسقدود    لوبان تتهم ماكرون بالتحضير ل"انقلاب إداري" في فرنسا    تزايد القلق بشأن صحة الرئيس الأمريكي بايدن والبيت الأبيض يحاول تهدئة الأوضاع    يوم 31 جويلية آخر آجال الترشح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية    المنستير: 16 مهرجانا وتظاهرة ثقافية خلال صائفة 2024 (المندوب الجهوي للشؤون الثقافية)    منير بن صالحة: " اتقوا الله في بناتكم"    10 أشياء.. إياك أن تبوح بها للآخرين!    اتفاقية شراكة بين مستشفى عبد الرحمان مامي بأريانة وجمعية "مرام" لإحداث قسم للأمراض السرطانية للأطفال    وزير الرياضة: نعمل على رقمنة ألعاب الحظ والرهانات إستئناسا بالتجربة الايطالية    عاجل/ اضطراب في حركة قطارات أحواز الساحل جرّاء عطب فني فجئي    بوعرقوب: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية    مجلس الجهات والأقاليم يصادق خلال جلسته الصباحية على 33 فصلا من مشروع النظام الداخلي    تفاصيل رزنامة التوجيه الجامعي.    المنستير: وفاة شاب غرقا بشاطىء بالبقالطة    البريد التونسي يفتح عددا من المكاتب بالمناطق السياحية لتأمين حصة عمل مسائية    مدير بالصوناد: وضعية المياه حرجة جدا.    إنتقالات: النادي الصفاقسي في مفاوضات مع ثنائي الترجي الرياضي    إنتقالات: راضي الجعايدي يخوض تجربة تدريبية جديدة    تفاصيل سهرات مهرجان قرطاج الدولي    بعد ما حصل معه في مهرجان قرطاج: راغب علامة يردّ    نجوى كرم تكشف اسم زوجها الخليجي    النادي الافريقي: هيكل دخيل رئيسا للهيئة التسييرية الى نهاية موسم 2024-2025    حريق بجبل الفكيرين يلتهم 40 هكتار من غابة شعراء وأشجار الصنوبر..وتواصل مجهودات الاطفائه..#خبر_عاجل    جندوبة: بسبب تواصل انقطاع مياه الري.. فلاحو المنطقة السقوية سوق السبت يطلقون صيحة فزع    نائب شعب: قطعنا العلاقات مع صندوق النقد الدولي بتعليمات من رئيس الجمهورية    أولا وأخيرا «حلّسْ واركب»    تحديد موعد رصد هلال بداية السنة الهجرية الجديدة 1446    موعد رصد هلال السنة الهجرية الجديدة    دكتورة تونسية تُصحّح الأفكار الخاطئة عن ''الدلّاع''    حفل بهيج للدكتور عبد الحميد بوعتور الأب الروحي لكرّة السلة الصفاقسية بمناسبة إختياره الإحالة على شرف المهنة    القيروان .. نفوق 45 رأس ماعز بسبب دواء فتاك    دراسة تكشف عن وجود علاقة بين فقدان الأسنان وزيادة خطر الإصابة بالسمنة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة الإسقاط والتلقي لا تؤسس للمواطنة
نشر في الشعب يوم 28 - 04 - 2007

يغلب على العلاقة بين السلطات والمواطن ظاهرة الإسقاط من الأعلى والتلقي من القاعدة. وهذه العلاقة غير الصحية والتي تمظهرت في أغلب السياسات المتبعة في البلاد منذ فجر الاستقلال الى الآن لا تخدم المصلحة العامة ولا تؤسس للمواطنة الواعية لحقوقها والمقتنعة بواجباتها، بل هي تؤسس لعوامل التهميش ومظاهر الغثائية وعوامل اللامبالاة وبالتالي الاستقالة من الحياة العامة. ولتوضيح هذه السياسة سنناقش مسألتين حديثتين هامتين تتعلق الأولى بالتعليم وتهم الثانية تغيير الوقت.
الاضطراب والتذبذب في الحياة التعليمية:
لا يسع المجال التعرض لكل مراحل التعليم في بلادنا منذ الاستقلال الى الآن بداية برنامج «ديبياس» الفرنسي الذي فرضه بورقيبة لإنهاء الزيتونة ثم برنامج الأستاذ المسعدي فالوزير أحمد بن صالح فالاستاذ المزالي الى غير ذلك من البرامج التي تأتى فجأة ودون دراسات معمقة ودون استشارات شعبية واطارية كافية حسبما ورد مثلا بالحوارات التي تجريها مؤسسة التميمي في لقاء الذاكرة الوطنية تصريحات محمد مزالي الوزير الأول الأسبق الصباح فيفري ص ومؤرخون جامعيون الصباح مارس ص .
الاّ ان اللافت للنظر هو مسألة اسقاط مؤسسة المدرسة الأساسية والتخلي عن أسلوب التعليم الذي سبقها، الذي كان مرتكزا أساسا على مرحلتي السنة السادسة ابتدائي والباكالوريا ثانوي فيكفي اقتناع وزير أو بعض المسؤولين في السلم الاداري لقلب برامج التعليم رأسا على عقب دون مراعاة الخصوصيات الاجتماعية والفوارق الحضارية والقدرات الاقتصادية والمؤهلات العلمية، فبين عشية وضحاها وقع التخلّي عن برنامج كان الترتيب فيه والمعدل والعدد أهم قواعده الأساسية لحفز التلميذ على المتابعة والمناقشة وبالتالي البروز والتفوق ليجد نفسه عائما في برنامج جديد لا اعتبار فيه لكل ما ذكر واعتماد ما يسمّى بنظام «الكفايات» الذي تكدست فيه الكتب الرسمية والموازية التي صارت من أروج التجارات ولكن دون فائدة لتطبيق مفهوم كالحمار يحمل أسفارا، اذ المدارس اولا غير مؤهلة لهذا البرنامج الذي لا يتعدّى عدد التلاميذ فيه بالنسبة للدول التي استورد منها 10 تلاميذ في القسم في أقصى الحالات فيما عندها المعدل هو فوق 20 في أحسن الحالات والاطار التعليمي الكفء لهذا البرنامج الذي سيدعي مستويات خاصة ورسكلات متواصلة غير متوفرة، كما أنّ الغالبية الساحقة للمواطنين لا يمكنها متابعة هذا البرنامج. ان اغلب الأمهات الى الآن أميات أو شبه أميات كما أنّ الطاقة الشرائية لها محدودة الى أبعد الحدود حيث يعجز الآلاف عن اقتناء الضروري فما بالك بالموازي والساعات الاضافية التي صارت ضرورة هي الأخرى رغم أنف الجميع. إلاّ أنّه وبنفس الأسلوب الاسقاطي فوجئ الجميع ببرنامج جديد أعلن عنه بتاريخ 7 مارس 2007 أي قبل أقل من 3 أشهر على مناظرة وطنية أي وجوبية لكل تلاميذ السنة الرابعة أساسي بمجرّد منشور صادر عن السيد الوزير يكون الامتحان فيه في 4 مواد مع اشتراط عدد اقصائي قدره 8. فكيف يعقل ان يحدّد تاريخ هذه المناظرة رغم خطورتها العظمى لأنّها ستحدّد مستقبل كل تلميذ بالسنة الرابعة في كامل الوطن في هذه السرعة المستعجلة اي وسط السنة الدراسية وقبل أقل من 3 أشهر على تاريخ إجرائها يومي 8 و9 جوان2007، ولماذا تحديد عدد 8 ليكون محدّدا اقصائيا أي أنّ التلميذ مهما كانت أعداده في المواد الثلاث الأخرى ولو 20 على 20 فإنّه اذا تحصّل على أقل من عدد 8 في إحدى المواد فإنّه يرسب في هذه المناظرة ليواجه مصيرا مجهولا عبّر عنه بالمهني، فهل يعقل ان يكون العدد الاقصائي بالنسبة لتلاميذ في سن العاشرة 8 وبالنسبة للجامعة والباكالوريا 5 أو 6 فأي منطق هذا وأي تعليم هذا وأيّة سياسة هذه؟!
إنّنا لا نفسّر هذا الاّ بمفهوم الإسقاط والتلقي لأنّه لو كان عكس ذلك لوقع اعداد لجان دراسية ولأجريت استشارات جهوية ثمّ وطنية في العطلة الصيفية ثمّ بعد ذلك يؤخذ القرار ولكنّها سياسة فئران التجربة التي لازمت كل حياتنا التعليمية؟!
مسألة تقديم الوقت ساعة في آخر فيفري
بنفس الأسلوب وقع تقديم ساعة في التوقيت بداية من شهر فيفري والحال أنّها كانت تعرف بالتوقيت الصيفي ولا تقدم الاّ في الصيف زمن طول النهار والعطل.
لقد كان السبب المعلن هو الاقتصاد في الطاقة، فهل تقديم هذه الساعة في شهر فيفري حتى شهر أكتوبر تقريبا يحقّق اقتصادا في الطاقة وبالتالي يخدم المصلحة الوطنية؟
انّ تقديم هذه الساعة قبل وقتها المعروف سابقا على عكس ما صور فإنه سيضاعف استهلاك الطاقة، لأنّ الشمس حاليا تشرق بالتوقيت الجديد حوالي السابعة وبالتالي فإنّ التلاميذ والطلاب وكل أنواع المدرسين والموظفين سيجدون أنفسهم يعيشون في فصل الشتاء الدائم أي عليهم القيام منذ الساعة السادسة وعلى أقصى حدّ الساعة السادسة والنصف صباحا للتهيؤ للذهاب للعمل أو للدراسة وكذلك بقيّة العمال والتجار وبالتالي كل الشعب سيجد نفسه يستهلك الطاقة الكهربائية التي لو بقي التوقيت القديم فإنّه لن يستهلكها لأنّ الوقت يكون نهارا وبالتالي لا حاجة للإنارة، كما أنّ مساحة السهرة لن تقصر أبدا، لأنّ المواطن التونسي قد تعود السهر مع الشاشات التلفزية وبالتالي فإنّ الطاقة التي كان سيستهلكها سابقا سيستهلكها حاليا زيادة على الاضطراب النفسي والسلوكي الذي أحدثه هذا التغيير في الوقت مع العلم أنّ كل بلاد العالم لا تغيّر أوقاتها مثلنا فلماذا هذا الانفراد العجيب فهل وقعت استشارة أهل الاختصاص، وهل وقعت دراسة اجتماعية واقتصادية في الموضوع، وهل استشير المواطن المعني الأول بالطاقة؟
انّ مفهوم المواطنة الحقيقية يتنافى بل
يتنافر كليا مع كل أساليب الإسقاط الفوقي والتلقي القاعدي، بل هو يرتكز أساسا على مناخ تفاعلي وحوار ايجابي بين المواطن والمسؤول لتحقيق اطار تفاعلي حقيقي تُرسى فيه دعائم المواطنة الصحية ويسمع فيه صوت المواطن لتحقيق الحياة الديمقراطية الأقرب الى الموضوعيّة والجدية فهل من معبّر؟!
* الأستاذ الحنيفي فريضي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.