حذر نصر الله من اغتياله، من هو محمد علي الحسيني رفيق المقاومة مع "السيد"؟    تفاصيل جديدة عن عملية اغتيال نصر الله..    دولة الاحتلال تستهدف قلب بيروت وتغتال قائد حماس بلبنان    كيف تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من اختراق صفوف حزب الله واغتيال نصر الله؟    حالة الطقس اليوم الإثنين    الولايات المتحدة.. ارتفاع حصيلة قتلى إعصار "هيلين" إلى 111 شخصا    وسائل إعلام عبرية: الجيش الإسرائيلي يستكمل استعداداته لغزو لبنان    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان التشكيلي إسماعيل بن فرج    المترشح للرئاسية قيس سعيد يتواصل مع المواطنين بباب الخضراء بالعاصمة    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان التشكيلي إسماعيل بن فرج    مخزون المياه في السدود    دمّرت مساحات واسعة من حقول التين الشوكي...«الحشرة القرمزية» تبيد فلاحتنا!    الاعلان عن قائمة الحكام التونسين الدوليين لسنة 2025    «غوتيريش» يشيد باسهامات بلادنا    وكالة السلامة السيبرنية تحذّر    صالون المياه والري    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    عبد الكريم ..طبعا مستاء ..وجدّا ….    مصر: جريمة قتل مروعة لرجل أعمال سعودي وتقطيع جثته.. وبطاقة بنك قادت الشرطة للقاتل    الليلة: بعض السحب والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    الملعب التونسي يفرض التعادل على الترجي الرياضي    الثلاثاء القادم.. تونس تحتفى باليوم العالمي لكبار السن    بطولة النخبة لكرة اليد (الجولة الخامسة): النتائج الكاملة    الرابطة 1 : الفوز الثالث على التوالي للاولمبي الباجي والترجي الجرجيسي والاول للنجم الساحلي    حي التضامن: نجاح عملية أمنية وحجز كمية من المواد المخدرة    احتراق طفل في كوم من التبن بجندوبة: الأسباب والتفاصيل    منذ منتصف الشهر: توافد الرضع المصابين بالبرونكيوليت على مستشفى باب سعدون    المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل يدعو الجماهير في تونس الى استمرار دعم القضية العادلة    عزيز دوقاز يحرز لقب بطولة فوزهو الصينية للتنس    هزيمة مستحقّة لفريق بدون روح ولا فكر كروي    اعتداء مروع على لاعب كرة قدم مصري بقطع يده والأمن يلاحق الجناة    توزر: انعقاد الاجتماع التحضيري الثاني للملتقى الدولي للاستثمار بين تونس وليبيا والجزائر    مدنين: صابة الزيتون قد تتجاوز صابة الموسم الفارط بنسبة 220%    تونس ضمن البلدان الرائدة افريقيا في مؤشر الإدارة الإلكترونية لسنة 2024    إيداع راشد الخياري السجن تنفيذا لحكم استئنافي في حقه    الثلاثاء.. رحلة جوية خاصة لإجلاء 260 تونسيًا من لبنان    رئيس رابطة حقوق الإنسان: تنقيح القانون الانتخابي قبل أسبوع من الانتخابات "عمل لا يستقيم"    حزب الله ينعى القيادي علي كركي    تونس ضمن البلدان الرائدة افريقيا في مؤشر الادارة الالكترونية لسنة 2024    الشروع يوم 5 اكتوبر القادم في زرع بذور عشب ملعب بوجمعة الكميتي    سيناريو حاتم بالحاج وبطولة عدد من النجوم: "سلة سلة" على الوطنية الأولى قريبا    الشاعر بوبكر العموري.. القضاء على الفساد وبناء الدولة رهين مشروع ثقافي    حسن نصر الله...مسيرة الجهاد والشهادة    بعد الأمطار الاخيرة: نسبة امتلاء السدود التونسية    طقس الليلة.. سحب احيانا كثيفة مع خلايا رعدية بهذه المناطق    مشروع تونسي عن الرقمنة والوساطة الثقافية في قصر النجمة الزهراء ضمن القائمة القصيرة للأعمال المرشحة لجائزة إيكروم الشارقة لحفظ وحماية التراث في المنطقة العربية    بيّة الزردي : مانيش بطالة والظهور ككرونيكوز كان لمتطلبات مادية    قرمبالية: قافلة صحية متعددة الاختصاصات بالمدرسة الابتدائية ببلحسن    سيدي بوسعيد: وزير السياحة يعاين وضعية الميناء الترفيهي و النزل السياحي بالمنطقة    ايطاليا : مشاركة وزير الفلاحة في أشغال منتدى الزراعة لمجموعة ال7    وزير الشؤون الدينية يدعو إلى التقيّد بتعاليم الإسلام في المحافظة على المياه وعدم الإسراف في استعمالها    أبرز مباريات اليوم السبت في الدوريات الأوروبية.    نادرة التومي تتحصّل على جائزة أفضل أداء نسائي دور أول ضمن فعاليات الدورة 14 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    طقس اليوم: تغيرات جوية منتظرة خاصة في هذه المناطق    المرسى : محاصرة مجرم خطير مورط في عدة قضايا ومحل تفتيش    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عجوز
قصة
نشر في الشعب يوم 31 - 03 - 2012

خرجت من منزلي في نحو الظهر، كان عليّ ان انجز أعمالا كثيرة، وكنت متأخرة تأخرا كبيرا، فإذا أنا ألقى على باب أحد المنازل امرأة عجوزا طاعنة في السن هرمة هرما شديدا متكئة على عصا يستحيل على المرء ان يحزر ما سنّها، كانت جالسة بقرب بوابة فناء المنزل على الدكة التي يجلس عليها البواب. كانت تستريح من عناء السيّر، وكنت انا ذاهبة الى منزل آخر يبعد عن ذلك المكان بضع خطوات. ودخلت المنزل الذي كنت ذاهبة اليه، فلما خرجت منه رأيت العجوز جالسة الآن على دكة بواب هذا المنزل الأخير، ونظرت إليّ فابتسمت لها، ودخلت متجرا كان عليّ أن اشتري منه حذاءيْن لابنتي صوفيا، وبعد أربع دقائق او خمس رأيت العجوز مرة اخرى في شارع «نفسكي» جالسة هذه المرة لا على دكة اذ لا دكة هناك بل على حجر قرب الباب، فرأيتني أقف أمامها من غير ارادتي قائلة لنفسي: لماذا تجلس هذا الجلوس امام جميع المنازل؟
وسألتها :
أ أنت متعبة يا جدة؟
نعم يا ابنتي، أنا متعبة، متعبة دائما، قلت لنفسي الجوّ دافئ والشمس ساطعة فسأمضي أتغدى عند أحفادي.
إذن أنت ذاهبة إلى الغداء يا جدة؟
إلى الغداء يا ابنتي... الى الغداء...
ولكنك لا تقطعي بهذا السير مسافة طويلة.
بلى، أستريح ثم أنهض فأمشي بضع خطوات ثم أستريح مرة اخرى وهكذا دواليك...
نظرت اليها. بدا لي أمرها عجيبا، انها عجوز قصيرة نظيفة المظهر بالية الثياب لعلها من البوجوازية الصغيرة، وجهها ذابل اصفر، محروق. شفتاها باهتتان لا لون لهما، تشبه ان تكون مومياء، ولكن هذه المومياء تبتسم والشمس تسطع لها كما تسطع لجميع الأحياء، قلت لها مبتسمة.
لابد أنك مسنّة جدا يا جدة؟
مائة وأربع سنين يا ابنتي، مائة وأربع سنين لا أكثر، وأنت إلى أين تراك ذاهبة؟!
ألقت عليّ هذا السؤال وهي تنظر اليّ ضاحكة ربما فرحها أنها تحدث أحدا ولكني استغربت من عجوز تجاوزت المائة ان تسأل الى اين ذاهبة حتى لكأن الأمر يعنيها.
قلت وأنا أضحك أيضا.
اشتريت لابنتي حذاءيْن يا جدة، وأنا الآن عائدة بهما إلى الدار.
ما أصغرهما، أرأيت ما أصغرهما لابد أن ابنتك صغيرة جدا. هل لك أولاد أُخر؟!
وكادت تضحك وهي تسألني بنظرها،إذ ان عينيها كابيتان بامتنان ولكنّ نوعا من حرارة داخلية تتغشاهما أحيانا.
قلت لها.
هل تأخذين مني هذه الكويكات الخمسة يا جدة؟ سوف تشترين بها رغيفا صغيرا.
ماذا؟ خمسة كويكات؟ شكرا آخذها!...
خذيها دون أن تستحي يا جدة...
اخذتها. كان واضحا أنها ليست متسوّلة، هيهات أن تكون متسوّلة، لقد أخذت الكويكات بكثير من اللياقة والكياسة لا كما تؤخذ صدقة، بل كما تُؤخذ هدية يقبلها من يُهدى إليه لطفا وطيبة ولعلها كانت مسرورة مغتبطة.من ذا الذي يكلم العجوز المسكينة يوما؟ وهي الآن لا تُكَلّم فحسب وإنما يُهتّم بها، ويُحدّب عليها ويشعر أحد نحوها بعاطفة ومودة.
استودعك الله يا جدة أتمنى أن تظلي بصحة جيدة وعافية تامة.
سأصل يا ابنتي، سأصل... سأصل... اذهبي أنت إلى حفيدتك، كذلك قالت العجوز باسمة، أنني لمّا أصبح بعد جدة متخيلة في أغلب الظن أن جميع السيدات جدات. فانصرفت عنها التفت لأراها مرة أخرى، كانت تنهض عن مكانها ببطء ومشقة، ثم تسير بضع خطوات جارّة نفسها جرّا ضاربة بعصاها الأرض، لعلها ستحتاج الى ان تستريح عشر مرات اخرى قبل أن تصل إلى مسكن ذويها الذين ستتغدى عندهم، إلى أين عساها ذاهبة؟ يا لها من عجوز صغيرة غريبة ذلكم ما روته السيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.