المترشح للرئاسية قيس سعيد يتواصل مع المواطنين بباب الخضراء بالعاصمة    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان التشكيلي إسماعيل بن فرج    وكالة السلامة السيبرنية تحذّر    صالون المياه والري    مخزون المياه في السدود    دمّرت مساحات واسعة من حقول التين الشوكي...«الحشرة القرمزية» تبيد فلاحتنا!    الاعلان عن قائمة الحكام التونسين الدوليين لسنة 2025    «غوتيريش» يشيد باسهامات بلادنا    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    مصر: جريمة قتل مروعة لرجل أعمال سعودي وتقطيع جثته.. وبطاقة بنك قادت الشرطة للقاتل    عبد الكريم ..طبعا مستاء ..وجدّا ….    جيش الإحتلال: وقت الحوثيين سيأتي لكن التركيز الآن على مواصلة الهجوم على حزب الله    الملعب التونسي يفرض التعادل على الترجي الرياضي    الليلة: بعض السحب والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    الثلاثاء القادم.. تونس تحتفى باليوم العالمي لكبار السن    حي التضامن: نجاح عملية أمنية وحجز كمية من المواد المخدرة    الرابطة 1 : الفوز الثالث على التوالي للاولمبي الباجي والترجي الجرجيسي والاول للنجم الساحلي    بطولة النخبة لكرة اليد (الجولة الخامسة): النتائج الكاملة    احتراق طفل في كوم من التبن بجندوبة: الأسباب والتفاصيل    منذ منتصف الشهر: توافد الرضع المصابين بالبرونكيوليت على مستشفى باب سعدون    عزيز دوقاز يحرز لقب بطولة فوزهو الصينية للتنس    هزيمة مستحقّة لفريق بدون روح ولا فكر كروي    المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل يدعو الجماهير في تونس الى استمرار دعم القضية العادلة    اعتداء مروع على لاعب كرة قدم مصري بقطع يده والأمن يلاحق الجناة    توزر: انعقاد الاجتماع التحضيري الثاني للملتقى الدولي للاستثمار بين تونس وليبيا والجزائر    وزارة الثّقافة تنعى الفنّان التّشكيلي اسماعيل بن فرج    بعد الكشف عن علاقة " أزواد" وأوكرانيا.. مطالب بتدخل عاجل    مدنين: صابة الزيتون قد تتجاوز صابة الموسم الفارط بنسبة 220%    الجزائر: حملة تلقيح ضدّ عدد من الفيروسات    عاجل/ هلاك طفل 8 سنوات في حريق بكوم تبن بفرنانة..    رحلة جوية خاصة الثلاثاء ستُقلّ 260 تونسيا مقيما بلبنان يرغبون في العودة إلى البلاد    الثلاثاء.. رحلة جوية خاصة لإجلاء 260 تونسيًا من لبنان    رئيس رابطة حقوق الإنسان: تنقيح القانون الانتخابي قبل أسبوع من الانتخابات "عمل لا يستقيم"    إيداع راشد الخياري السجن تنفيذا لحكم استئنافي في حقه    دولة تغلق المدارس بعد مقتل 100 شخص بسبب الأمطار الغزيرة    رويترز: انتشال جثمان نصرالله ولم تظهر عليه جروح مباشرة    تونس ضمن البلدان الرائدة افريقيا في مؤشر الادارة الالكترونية لسنة 2024    الشروع يوم 5 اكتوبر القادم في زرع بذور عشب ملعب بوجمعة الكميتي    متعهّد الحفلات نجيب شبيل في ذمّة الله    سيناريو حاتم بالحاج وبطولة عدد من النجوم: "سلة سلة" على الوطنية الأولى قريبا    الشاعر بوبكر العموري.. القضاء على الفساد وبناء الدولة رهين مشروع ثقافي    حسن نصر الله...مسيرة الجهاد والشهادة    بعد الأمطار الاخيرة: نسبة امتلاء السدود التونسية    طقس الليلة.. سحب احيانا كثيفة مع خلايا رعدية بهذه المناطق    مشروع تونسي عن الرقمنة والوساطة الثقافية في قصر النجمة الزهراء ضمن القائمة القصيرة للأعمال المرشحة لجائزة إيكروم الشارقة لحفظ وحماية التراث في المنطقة العربية    بيّة الزردي : مانيش بطالة والظهور ككرونيكوز كان لمتطلبات مادية    قرمبالية: قافلة صحية متعددة الاختصاصات بالمدرسة الابتدائية ببلحسن    سيدي بوسعيد: وزير السياحة يعاين وضعية الميناء الترفيهي و النزل السياحي بالمنطقة    ايطاليا : مشاركة وزير الفلاحة في أشغال منتدى الزراعة لمجموعة ال7    وزير الشؤون الدينية يدعو إلى التقيّد بتعاليم الإسلام في المحافظة على المياه وعدم الإسراف في استعمالها    أبرز مباريات اليوم السبت في الدوريات الأوروبية.    نادرة التومي تتحصّل على جائزة أفضل أداء نسائي دور أول ضمن فعاليات الدورة 14 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    طقس اليوم: تغيرات جوية منتظرة خاصة في هذه المناطق    المرسى : محاصرة مجرم خطير مورط في عدة قضايا ومحل تفتيش    ليل الجمعة.. سحب بأغلب الجهات تكون محليا كثيفة بالمناطق الغربية    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة عيد الميلاد
دستويفسكي
نشر في الشعب يوم 17 - 12 - 2011

أحلم دائما ان هذا حدث في مكان ما. في زمن غير محدد عشية العيد تماما في مدينة كبيرة من المدن اثناء جوّ جليدي فظيع، احلم ان طفلا لا يزال صغيرا جدا، طفلا عمره ست سنوات، وربما اقل من ذلك، استيقظ ذات صباح في قبو ينضح رطوبة. انه يرتدي نوعا من قميص او مئزز. يرتجف من شدة البرد وأنفاسه تنتشر بخارا أبيض، قبع في ركن جالسا على صندوق وأخذ يرسل هذا البخار عامدا يخادع به ضجره ويتسلى عن سأمه بالنظر اليه كطيف يطير ولكنه جائع ويتمنى أن يصيب شيئا من الطعام لقد دار هذا اليوم عدة مرات من السرير الحقير الذي ترقد عليه أمه المريضة فوق فراش من قش موسدة صرة، ما الذي جاء بها الى المكان؟ اغلب الظن انها قد وافاها اعرض بغتة وقد اقتادت الشرطة أمس صاحبة القبو التي تؤجر غرفة.
وجلا السكان عن جميع أركان القبو متفرقين هنا وهناك فاليوم عيد ولم يبق في القبو الا لحّام خرق أخذ منه السكر كل مأخذ لانه ظل يشرب منذ اربع وعشرين ساعة غير منتظرا ان يحل يوم العيد، وفي الطرف الآخر من الغرفة تئن عجوز صغيرة اقعدها مرض الروماتيزم ولابد ان عمرها ثمانون عاما، لقد كانت في أزمنة غير هذه الازمنة وأمكنة غير هذه الامكنة مربية اطفال ولكنها الان تموت وحيدة، تئن وتتهجد وتنهر الصبي لذلك يخاف الصبي الان من ان يدنو اكثر من ذلك المكان، وقد استطاع ان يجد في الدهليز ما يشربه ولكنه لم يتمكن من العثور على اية كسرة خبز يأكلها، فهذه هي المرة العاشرة على الاقل التي يقترب فيها من امه ليوقظها وقد اعتراه اخيرا شيء من الخوف في هذا الظلام، لقد هبط الليل منذ مدة طويلة، لكن لم يشعل احد الضوء حتى الان وحين جسّ الصبي وجه امه ادهشه ان هذا الوجه ظل ساكنا لا يتحرك وانه بارد برودة الجدار، ظل يحدث نفسه، البرد شديد حقا هنا، وارتاحت يده على كتف المريضة من تلقاء نفسها ثم أخذ ينفخ على اصابعه ليدفئها ثم اذ هو ينبش السرير فجأة ليعثر على كسكتيه ويخرج من القبو متلمسا طريقه في الظلمة الحالكة دون ضجة، وقد كان يمكن ان يتصرف قبل ذلك بمدة طويلة لولا خوفه من ان يلتقي في اعلى السلم بكلب ضخم ظل ينبح امام باب المنزل المجاور طوال اليوم ولكن الكلب كان قد بارح مكانه، ورأى الصبي نفسه في الشارع فجأة.
رباه! يا لها من مدينة! انه لم يشهد في حياته كالذي يشهده الان... هناك في البلد الذي جاء منه يكون الظلام شديدا في الليل فالشارع لا ينيره الا مصباح واحد والمنازل الخشبية الصغيرة مختفية وراء مصاريعها ومتى هبط الليل لا يُرى احد في الشارع فالناس يؤوون الى بيوتهم ولا يبقى في الشارع الا الكلاب، مئات من الكلاب ألوف من الكلاب، اسراب كبيرة من الكلاب تظل تعوي وتنبح طوال الليل ولكن الجو دافئ جدا هناك. وهناك كان يُعطى طعاما يأكله، اما هنا يارب ما اكثر الناس وما أوفر الخيل والعربات.. وهذا الجليد.. هذا الجليد.
وخرج بخار متجمد من خياشيم الافراس المسرجة ورنّت حدوات حوافرها على بلاط الشارع تحت الثلج الهش وهؤلاء الناس كلهم ما اكثر ما يتصادمون.. ما اشد رغبته في ان يأكل ولو لقمة من اي شيء، ما اشد الألم الذي يشعر به في اصابعه فجأة ومتى اقترب رجل من شرطة المدينة اشاح وجهه عنه متظاهرا بأنه لم يلمحه.
هذا شارع اخر، آوه.. ما أعرضه!.. هنا سَيُداسُ حتما، ما أكثر ما يصبح هؤلاء الناس كلهم وما أشد ما يسرعون في مشيهم وما أكثر الضياء! وما أشدّ النور سطوعا ! ثم ما هذا ؟ زجاج نافذة واسعة وراء الزجاج غرفة وفي الغرفة شجرة عالية تبلغ السقف، انها شجرة صنوبر.. .. ما أكثر ما تحمل من انوار واشرطة مذهبة وتفاحات وقد احيطت بلعب صغيرة واقراص صغيرة... وهي غرفة أولاد يركضون انهم يرتدون ثباب العيد، ما اتفههم وهم يضحكون! هذه بنت اخذت تراقص صبيا صغيرا.. ما ألطفها ما أحلاها.. حتى ان الموسيقى تسمع من خلال الزجاج ينظر الصبي ويعجب ويدهش، ثم ها هو يضحك بينما هو يشعر بألم في اصابع رجليه الصغيرتين وبينما تحمر اصابع يديه احمرارا شديدا وتأبى ان تنحني وتوجعه إن هو حركها، عندئذ تذكر الصبي فجأة ان اصابعه تؤلمه فأخذ يبكي وركض مبتعدا ولكن ها هو يرى زجاج نافذة اخرى ويرى غرفة اخرى فيها شجرة ايضا غير انه يلمح في هذه المرة موائد ويرى على الموائد أصنافا من الحلوى، اصنافا كثيرة من الحلوى اقراصا من الموز اقراصا حمراء واقراصا صفراء ويرى اربع سيدات غنيات قد جلسن يوزعن الحلوى ويدخل أُناس كثير في اجمل الحلل آتين من الشارع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.