لعل المشهد الابلغ والاكثر تعبيرا، ذلك الذي حدث بقاعة الاساتذة بمعهد على الزواوي بالحاجب اثناء حفل تنصيب المدير الجهوي للتعليم لمجلس المؤسسة إذ حرص هذا المسؤول على كنس كل المعلقات النقابية وإزالتها في رسالة واضحة مفادها أن مجلس المؤسسة هو العصا التي ستضرب النقابات والنقابيين. ولان الرسالة يجب ان تكون كاملة فقد جيّش المدير الجهوي وزارة الاشراف فاصدرت قرارا بإيقاف الكاتب العام للنقابة الاساسية للتعليم الثانوي بالحاجب عن العمل ناسبة إليه تهم التطاول والثلب والاقتحام والتحريض لانه ببساطة قام بواجبه كممثل نقابي اراد ان يُبين وجهة النظرالنقابية في مسألة مجلس المؤسسة وهكذا اكتمل الحريق الذي ما انفك المديرالجهوي ينفخ في ناره منذ توليه مهامه في بداية السنة الدراسية الحالية. ولفهم فصول المسرحية لابد من العودة الى بدايتها، فالديكور بدأ باضفاء طابع عسكري مخيف على مبنى الادارة الجهوية للتعليم بإقامة حواجز عند مدخلها وإطلاق ايدي ميليشيا تشتم وتضرب رجال التربية والتعليم وخاصة النقابيين منهم. ثم تتشابك احداث الرواية لتنتقل الى الترويع فمن التباطؤ في الاستجابة لتحديد مواعيد لجلسات العمل مع نقابات التربية والتعليم الى تهاطل الاستجوابات وتعدد مجالس التأديب لاسباب واهية مسايرة لبعض المديرين في اتهاماتهم الباطلة والمغرضة (تشير بعض المصادر الى اكثر من 50 مجلس تأديب منذ بداية السنة). ولعل الإدارة الجهوية للتعليم اعتقدت في وقت من الاوقات أنها قضت على «الورم النقابي» فلم تعد تهتم بجودة الاداء فارسلت استجوابات لموظفين محالين على التقاعد لانهم لم يحضروا حلقات تكوين واخرين كانوا في تلك الفترة يؤدون فريضة الحج وشق ثالث لانه لم يحضر حصة لم يدع إليها. ولان العمل النقابي يتصدى للتجاوزات ويدافع عن المصالح المادية والمعنوية للمنخرطين فان كل محاولة لاضعافه واقتصائه انما هي عودة الى اساليب عمل باليةتقوم على المحسوبية والمحاباة وعودة الى عقلية الثأر والانتقام المستندة الى مزاج هذا المسؤول او ذاك بعيدا عن التقيد بالقانون والاتفاقات المبرمة. وهذا بالذات مضمون الفصل الاخر من الرواية فقد عمد المدير الجهوي الى تسمية بعض المنتدبين الجدد في مراكز بمدينة القيروان متجاهلا ملفات ذات اولوية انتظر اصحابها طويلا ونصب مجالس مؤسسة لاتنطبق عليها الشروط التي اقرتها الوزارة نفسها. وفي اروع لقطة قام المسؤول الاول عن التعليم بالجهة بحرمان عامل من حقه بالتمتع بمسكن امنته إليه اللجنة الادارية المتناصفة الجهوية بلا سبب معلن. واعتبارا لانشغال المدير الجهوي للتعليم بحربه ضد النقابات لم يعد يجد وقتا للقيام بالوظائف التي من المفترض ان يكون قد عين من أجلها، فتجهيزات المؤسسة التربوية مهترئة وهو لا يكلف نفسه حتى عناء معاينتها، واساتذة معهد حفوز يطلبون منه عندما ذهب لتنصيب مجلس المؤسسة هناك ان يستمع الى مشاغلهم فينظر اليهم شزرا ويبعدهم بحركة انيقة من اصبعه وهو في كل ذلك محقا لانه جاء مبشرا بحريق لا داعية للحوار. ولان الطرف النقابي مسؤول فقد عمل على التهدئة والتزم بضبط النفس مكتفيا برصد الخروقات ولفت نظر المسؤولين الى العواقب الوخيمة المحتملة لسلوك الادارة الجهوية غيران هذا الطرف لم يعد بإمكانه السكوت على الممارسات التعسفية تجاه اسرة التربية والتعليم كما لم يعد بامكانه ان يبقى مكتوف الايدي والنار تأتي على الاخضر واليابس. ومع إبقاء باب الحوار مفتوحا دائما، فقد تقررت سلسلة من التحركات النضالية، بدأها اساتذة معهد حفوز بشن اضراب انذاري لمدة نصف يوم ثم تلاهم اساتذة الحاجب باضراب مفتوح لا زال متواصلا الى حد الساعة حتى عودة زميلهم الى سالف عمله بلا قيد او شرط. وفي مدينة الحاجب نفسها انعقد مجلس قطاعي للتعليم الثانوي تقرر فيه شن اضرابات احتجاجية دورية في كل المعتمديات بدأت باضراب يوم الاثنين 12 فيفري بالقيروان الشمالية والجنوبية وهوالاضراب الذي سجل نجاح فاق 90. ويوم 8 فيفري انعقد مجلس جهوي مشترك لقطاعات عملة التربية والتأطير والارشاد التربوي والتعليم الاساسي والتعليم الثانوي سجل فيه الحاضرون تجاوزات المدير الجهوي في سبع نقاط وادانو فيه الهجمة الشرسة التي يقودها المدير الجهوي الحالي على حق ممارسة العمل النقابي وعلى النقابيين. وقرر اعضاء المجلس الدخول في اضراب انذاري كامل يومي الثلاثاء والاربعاء 20 و21 فيفري 2007 دفاعا عن المؤسسة التربوية وكرامة العاملين بها وحق ممارسة العمل النقابي. هذا ويأمل النقابيون ان تدرك السلط المعنية خطورة الوضع الذي تسبب فيه المدير الجهوي للتعليم وآخر مؤشراته الاعتداء الذي تعرض اليه الاخ صلاح الدين السالمي عضو المكتب التنفيذي من قبل مدير اعدادية 2 مارس 1934 عندما اراد التوجه الى قاعة الاساتذة بتكليف من المكتب الجهوي لاطلاع الاساتذة المضربين على آخر المستجدات وقد اثار هذا الاعتداء السافر والارعن استياء عميقا في نفوس النقابيين بالجهةوصدرت برقيات تنديد عن الاتحاد الجهوي للشغل الى كل الاطراف المعنية.