بعد الثورة المباركة التي قدم في سبيلها الشعب التونسي الحرّ دماءه الزكية لملمنا جراحنا ونهضنا من جديد رغم البلبلة التي احدثها أباع الرئيس المخلوع بين صفوف الاحرار عدنا إلى أعمالنا وكلنا عزم على الوقوف بصلابة ورفع الراية والجباه عاليا ولم نقل لاذيال التجمع »Dégage«.. بل التمسنا لهم الاعذار فقلنا خدعوهم واستغلوهم واستعملوهم.. ووو... وهم مساكين مغلوبون على أمرهم ولا حول لهم ولا قوّة اقصد لا رأي ولا شخصية.. بل اكثر من ذلك قلنا من أجل تونسنا الخضراء ومستقبل الاجيال القادمة يجب ان نغفر ونستغفر لهم ونضع اليد في اليد ونطوي صفحة الظلم والاستبداد والقهر والاقصاء والتهميش لكل فئات المجتمع ومصادرة العقول والضحك على الذقون... الا اننا نُفاجأُ يوميا بمن تربّى في حضن الطاغية واقتات بفتات موائد اسياده ونبت لحمه من سحت وشرب من ينابيع ملوثة واستنشق عطورهم الفاسدة.. يتلون كالحرباء على اعتاب الوطن ويتنكّر للمبادئ والقيم الانسانية ويعاوده الحنين إلى السلطة والنفوذ والتستر على الحقيقة »وتغطية الشمس بالغربال« والوقوف في صف المصلحة الشخصية ومن يؤمنُها له وهذا ما جرى ويجري في كل المؤسسات العمومية والخاصة فكل مدير وكل قواد وكل فاسد داهمته الثورة وزلزلته (كما فعلت بالمخلوع وعرشه)... ولم يكن قد اكتفى بعد من وسخ الدنيا فانبطح وطأطأ رأسه للعاصفة كي لا تعصف به وبما اكتسب من عرق الكادحين... تذلل لمن حوله حتى لا يطرد من نعيم الخضراء الذي لا ينضب ولا يشع فلبس طورا جبّة الدين وادعى انه اضْطُهد ونصف عائلته في السجن وانه كان مع الحاكم حتى لا يُزجَّ به مع المحكوم عليهم وانه سيعود إلى رحاب الشرع والشريعة ويتمسك بنو اهي الله تعالى... ولبس طورا كسوة الثقافة فطعن في الهوية... وادعى ان التفسخ من القيم والمبادئ والتنكر للدين من الحداثة ومتطلبات العولمة والعصرنة ومنهم من لبس كسوة المسؤول والراعي للثورة... فتتبع عورات الاخرين واصطاد لهم في المياه العكرة وفتح ملفاتهم التي ملأها في غفلة منهم ومن الزمن استعدادا تحسّبا لثورتهم وتمرّدهم عليه وهذه لعمري من أساليب اسياده عبّاد الدنيا وحراس الكراسي وامناء المصالح المادية الرخيصة ومنهم من لبس رداء الحكيم والعارف فادعى العلم والمعرفة بالقانون والوصاية على البلاد والعباد فسقط في الاسلوب البوليسي المرفوض من قمع واذلال واستغلال واخراس لاصوات الحق والحرية والكرامة ومنهم من بات كالعنكبوت ينسج خيوط الشر ويصنع فخاخ الجبن والجهل في الظلام الدامس ليوقع الابرياء والمسالمين في شباكه فيقطع طرقاتهم و يكدر صفو اجتماعاتهم ويهدم امنهم ويأكل احلامهم اقول لاعداء السلام والانسانية اعداء البناء والتحضر هؤلاء المهندسين في الصفوف القابعين في الزوايا وعلى الرفوف ثعالب الحفر وحيّات الكهوف.. الذين مصّوا دماءنا واغتسلوا بعرقنا واستكرشوا وتمعشوا قبل وبعد الثورة.. سقطت اقنعتكم ولن تنطلي علينا حيلكم ان الله تعالى والشعب لكم بالمرصاد.. وان عدتم عدنا واقول لكم ثَبَتَ عبر التاريخ ان العاقبة للمتقين وكما قال الله تعالى: »أما الزبد فيذهب جفاء واما ماينفع الناس فيمكث في الارض افلا تعْقلون« صدق الله العظيم.. فاتعظوا وتمعنوا في مسيرة قائدكم المخلوع.. وكيف كانت نهايته. المربية النقابية منى الورغي / بنزرت