زينب الغيلاني بعد ثورة الربيع العربي انتشرت في تونس ظاهرة فنية حديثة جديدة لا توجد في القاعات الموسيقية ولا في صالات العرض التقليدية و لا في مراكز فنية و لا لها حتى ترخيصا رسميا بل توجد حيث الناس و حيث الحياة .. انه ''فن الشارع " الذي بات ظاهرة حديثة في شوارع عاصمة تونس من قبل شباب بسطاء،حيث كلما مر الناس من هناك أعجب بتراتيل ألحانهم و ضرب ايقاعهم و دندنة انغامهمالجميلة و الساحرة.فلا تجد الا من يصفق لهم أو من يحييهم لأبداعهم أو من يرقص حتى على إيقاع آلاتهم . لماذا اختار الشباب الشارع رحمه لبدايةهذاالفن؟ أي علاقة تجمعه بالفضاء و المجتمع ؟ و لماذا انبعث من رقدته الا الآن؟ و ماهي ملامح هذا الانبعاث؟ كأنهم ينطقون من خلال فنهم أن ارواحهم ضائعة في البيئة التونسية الروتينية ، طفولتهم مازالت تبحث عن حقوقها المهدورة في جل أقطار هذا الوطن ، صدورهم تنتفض تعبر و تكسر كل الأغلال و القيود و الأسئلة الحائرة في ظل الانفتاح اليوم ، محتاجون فقط لناس لهم أذن سامعة و حضن واسع لشباب ضائعان هذه المجموعة الشابة المبدعة يعتبرون الشارع هو نوع من أنواع التمرد والخروج عن المألوف أو أنه جزء من حالة الحراك و الاستقلالية عن الفن الرسمي،بل انه الفن الذي يساعد على كسر الحواجز و تعزيز الموسيقى الثقافية ، وخير لهم المكان أن يكون المكان في الشارع لأنه هو الأكثر التصاقا بالحياة بوصفه العيش في فنالشارع يعني العيش في الحياة. و لقد تسرب هذا الفن في أحضان احتفال الناس بظواهرالانتصار على عدوانية الطبيعة و عدوان البشر بعد ذلك . ان الفسحة الجمالية التي تضيفها الموسيقى على الشارع التونسي سواء كانت للهواية أو للمهنة أو للتسلية في الأخير ترسم شارعا لعالم منبع بالبسمة والبهجة و الألفة و الدفء و الخيال عبر تلك المواويل و الألحان و الآلات. و كما قال احد العرب "من لم يحركه الربيع وأزهاره ، والعود وأوتاره .. فهو فاسد المزاج ليس له علاج ". لأن الشارع رحم المجانين ، رحم الفنانين ، رحم المبدعون و الموهوبون ، رحم الحرية و الديمقراطية يحلق الشباب بأجنحتهم الفنية بكل جرأة و بكل أنفتاح بعيدا عن سلطة الكراسي و المقاعد و الإضاءة و الديكور و توجيهات المخرج، تعب و جهد و أمل الا لهمزة وصل ايصال رسالة مبدعة للجمهور ، ذلك الجمهور المتحمس و الفاعل و الفضولي ، جمهور غير محدد لا في الأعمار و لا في الاهتمامات و لا حتى في الأفكار و التوجهات فتكون النتيجة فنان الشارع مبدع و موهوب ، جمهور ذواق و مستمتع ، و فرجة فنية فريدة .