أبو مازن كم كرّر معلمي حفظه الله و رعاه في شيخوخته قصة خفيّ حنين و كم بيّن المواضع التي يضرب فيها هذا المثل العربي دلالة على الفشل الذريع والخسارة الكبرى. هنالك تخسر البلاهة أو الحيلة و‘‘ التشيطين‘‘ و يعود الكائد أدراجه و يتقهقر ليعيد حساباته ويضرب أخماسه وفي أسداسه لعله يظفر بالأمنية أو ينزّل من سقف مطالبه فيكون واقعيا بحاله وحال دولة تتعثر ، ان بقي للدولة أثر. لعب كلا الطرفين على أعصاب الناشئة وأوليائهم فصاروا غير قادرين على الاتيان بالحجج والبراهين لما يحدث فيقتنع الأبناء بل باتوا منصتين لهؤلاء الصبية الذين يرتادون المدارس وهم يحللون الوضع و يقيمونه فيمدونك بنسبة فرضية اجراء الامتحان و بموقف المعلم والمدير من الاضراب و الامكانات المتاحة لهما لانقاذ السنة الدراسية. أضحى أبناؤنا نقابيون و متسيسون بعد أن ألقى بهم الوضع في اشكالات متعاقبة أنذرت بأفول منظومة التعليم ويئست من صلاحها واصلاحها. ليفكّر الوزير والنقابة في آن واحد بما يدور في خاطر أصناف من التلامذة ممن يرتادون مدارس التعليم العمومي. هذا تلميذ متميز عمل بكد واجتهاد رغم الاضرابات المتتالية والعطل المتعاقبة فألف الكتاب والكراس و حلّ بعبقرية مسائل رياضية، كيف تراه يفرح باخراجه من مضمار السباق وقد استعد له ليبرهن على رفعة مستواه و أصالة تحصيله العلمي؟ وهذا تلميذ ثان تعوّد الارتقاء درجة درجة ببذل المزيد من المراجعة فيحصّل نتائج مرضية بعد جهد وكدّ آخر السنة، كيف تراه يفرح بالقدر الذي جعله من المرتقين دون جهد يذكر؟ ولكم صنف آخر من التلاميذ الذين اعتادوا الدروس الخصوصية وجدّوا في اتيانها فأفرغت جيوب الأولياء، لو تقدّرون حنق الولي الذي حرم نفسه من الطيبات لأجل نجاح فلذة كبده ولكنه ارتقى آليا بمفعول قرارسياسي. ماذا جنى المستوري من التصعيد غير انسداد الأفق و ضبابية الموقف و العبث بمستقبل مئات الآلاف من الناشئة. ماذا جنى من سلسلة اضرابات لا يعرف لها آخر، لو يرشحونه وزيرا للتعليم أتراه يحقق هذه المطالب دون أن يثقل كاهل الدولة و يعطل تكوين أبنائنا. ماذا جنى جلول الوزير من قرار النجاح الآلي الذي يعتبر حفنة رمل ألقيت في وجه النقابة التي حتما ستزيل ما علق بعينيها وأنفها من تراب ثم تعاود الكرة مرات ومرات. هاهي تتوعد سنة دراسية عصيبة قد تتأخر ولادتها عن منتصف سبتمبر القادم. لقد اقتسما الخفين وعادا كل الى ركنه كما يعود الملاكم عند سماع دوي الجرس ولكن الجولات ستتواتر وسيضيع الفرقاء تعليمنا الذي كنّا نتبجح به أمام البلدان. لعل البكاء على عهد الترويكا و ما عقبها حين كان عبيد و لبيض وجراي يفاوضون رجال التعليم فيتقنون المناورة و يردون أذى النقابة تارة و يقنعونها بكظم غيظها تارة أخرى. لم يكونوا أكفاء كما روّج اعلام العار ولكنه لم تتعطل في عهدهم الامتحانات كليا ولو أنها جرت في بعض الاحيان في ظروف متوترة. أختم بسؤال لكلا الطرفين: هل يعتبر النجاح الآلي عند الاضراب المتتالي حلاّ لتكوين ناشئة تحمل المشعل الى الأعالي.