بعد كلام الأستاذ «مبروك كورشيد» في حوار نشر أمس ب«التونسية» اعتبر فيه ان مسودة الدستور خطيرة جدا وان أخطر ما فيها هو باب لم يقع التركيز عليه وهو باب السلطة المحلية التي نصص عليها بالباب السابع والذي أعطى طابعا إنفصاليا للمحافظات والأقاليم التونسية المزمع إحداثها ،مضيفا ان مسودة الدستور أعطت الجماعات المحلية وأقاليمها المنتخبة حق التعاقد مع هيئات دولية بإستقلال عن الحكومة المركزية، وهو ما من شأنه ان يساهم حسب رأيه في تفتيت تونس الصغيرة ويشجع الجماعات على إفتكاك السلطة من المركز ونظرا لخطورة ما جاء على لسان الأستاذ مبروك كورشيد سألت «التونسية» بعض ممثلي الأحزاب صلب المجلس الوطني التأسيسي عن رأيهم في هذا الفصل، وهل يشكل فعلا خطرا على وحدة تونسكما إتصلنا بالأستاذ «عياض ابن عاشور» أستاذ القانون الدستوري فكانت الردود كالتالي: قال «سمير الطيب» الناطق الرسمي بإسم المسار ان مثل هذا التصريح يدل على سوء فهم للباب وتحديدا لهذا الفصل، مضيفا انه حتى في عهد بن علي كانت البلديات تنجز اتفاقيات تعاون وشراكة مع الخارج فما بالنا بما بعد الثورة؟ وأكدّ سمير الطيب أن «اللامركزية» تندرج في إطار الدولة الموحدة وبالتالي ليس هناك اي خطر على الأقاليم . ونفى «الطيب» مساهمة هذا الفصل في التجزئة ،معتبرا انه يساهم في حل مشاكل التنمية التي اصبح بالإمكان حلها مباشرة وعلى مستوى الجهات، وأن ذلك مسألة جد إيجابية. وقال «الطيب» انه يشتم من هذه القراءة موقفا إيديولوجيا لا غير. من جانبه اعتبر «محمد براهمي»الأمين العام لحركة الشعب، ان الواقع الحالي يشير إلى ان تونس محدودة جغرافيا، وقال: «لا أشاطر الأستاذ كورشيد الرأي، فلو كانت الأقاليم لها مساحات جغرافية واسعة وتركيبة ديمغرافية متنوعة، ربما لوجد ما يهدد الوحدة الوطنية والمجتمع ولكن الواقع الحالي هو عكس ذلك». وأضاف: «التجزئة والإنفصال والحديث عن نزعة تفتيتية... رأي يحتاج الى نقاش».. وأكد أن هذا الفصل يحرّر من وطأة المركزية، ويمكّن من إتاحة الفرصة للبحث عن أساليب وطرق للتنمية الجهوية، عكس ما جاء في قراءة الأستاذ «كورشيد». أمّا «محمود البارودي» عن التحالف الديمقراطي فقال ان هناك اختلافا في أبواب أخرى ولكن هذا الباب بالذات كان محل توافق كبير بين مختلف النواب والأحزاب معتبرا ان باب السلطة المحلية لا يعتبر من الأبواب الخطيرة كما أشار إلى ذلك «كورشيد» لأنّ الجهات عادة ما تستفيد من برامج التوأمة سواء على المستوى الإستثماري أو السياحي . وقال: «الاطلاع على ثقافات أخرى وخلق فرص للاستثمار تعتبر من الأشياء الإيجابية». وأضاف: «ان كان «كورشيد» يرى عكس ذلك فهذا رأيه ومن حقه تفسير الباب كما يحلو له ،ولكني شخصيا لا اتفق معه في هذا الرأي ». اما «عماد الحمّامي» نائب عن حركة «النهضة» ورئيس لجنة الجماعات العمومية المحلية والجهوية صلب المجلس الوطني التأسيسي، فقد قال ان إستعمال لفظة «خطير» بعد الثورة لا يليق ويجب ان ننزع هذه اللفظة من القاموس . وقال : كان على «كورشيد» وهو الاستاذ والأكاديمي ان يتعامل مع هذا الباب على انه مادة تحليلية وبالتالي لا يدخل النوايا في تحليله، مضيفا «كان من الأجدر أن يحكم ويتعامل مع فصول». وقال «لا يمكن ان نعزل فصل أو باب عن الدستور أو نقرأه بمعزل عن الدستور» مؤكدا ان المبادئ العامة أقوى من الفصول وبالتالي «اللامركزية» تم ربطها بوحدة الدولة وهو ما يجعل الحديث عن مركزية يعني احترام التنوع في إطار الوحدة الوطنية مع مراعاة الخصوصية . وأضاف ان الفصل الذي تحدث عن الجماعات المحلية ربطها بمجال تعاون ألا وهو تعاون لامركزي،مضيفا ان هذه مفردة معروفة وان الجماعات المحلية ليس لها أي مجال تعاون الا في إطار اللامركزية. مؤكدا ان الفصل نفسه فيه إحالة للقانون وللسلط التشريعية، وعليه فإن اي علاقات خارجية لا تكون قائمة الا إذا كانت مضبوطة بالقانون . وقال: «عياض ابن عاشور»استاذ القانون الدستوري، ان هناك الكثير من المبالغة في رأي «كورشيد»، مضيفا ان هذا الفصل لم يلفت نظر هيئة الخبراء والتي رأت انه فصل عادي . وتساءل «كيف يكون التعاون بين الجماعات المحلية والجهات الخارجية في إطار ربط علاقات شراكة وتعاون «لامركزي» امرا خطيرا؟». وأضاف الأستاذ عياض ابن عاشور: «هذا الفصل ليس بخطير، وربما لو تحدث «كورشيد» عن فصول أخرى كالفصل 144 لوافقناه الرأي أما هذا الفصل بالذات فنعتبره من الفصول العادية وغير الخطيرة بالمرّة».