هي مأساة ناطقة ,ملامحها مرتسمة على وجه المتضررة الذي يعلوه الشحوب بسبب حالة الضنك التي تعيشها هي وأسرتها بلا سند وسط صمت رهيب للمسؤولين. «التونسية» اتصلت بالمتضررة كوثر بلحسن البالغة من العمر 29سنة والتي سردت علينا تفاصيل أزمتها التي تعيشها منذ سنوات فكان لنا معها النقل التالي: حسب ما ذكرت محدثتنا «كوثر»، فإنها تعيش حالة فقر مدقع عايناها عند دخولنا إلى منزلها: أغطية صوفية بالية ,حشايا متآكلة, تنام هي وطفلها الرضيع جهاد (عمره شهران) على الأرض رغم برودة الطقس وانعدام أي وسيلة للتدفئة. كانت تكابد مشاق الحياة هي وزوجها ويعيشان من دخل «نصبة» بباب البحر، لكن التراتيب البلدية حجزت البضاعة بحكم عدم امتلاكهما لرخصة ومنذ ذلك الحين انعدم مورد رزقهما وباتت محدثتنا تنام لأيام بلا طعام لولا بعض الصدقات التي يمن بها عليها أهل البر والإحسان لملئ بطونهم الخاوية. وتضيف محدثتنا أنها تعاني من اعاقة ورغم محاولة علاجها من طرف أسرتها إلا أن المخلفات كانت جسيمة وقد خضعت لعدة عمليات جراحية بلغت حوالي 15عملية تمكنت على إثرها من الحركة رغم الإعاقة تتنقل بصعوبة ولكن رغم كل ذلك فقد تحملت محنتها بكل جلد وكان همها الوحيد هو تربية أبنائها لكن أوضاعها المادية تتدنى يوما بعد يوم ذلك أنها لا تجد بمَ تشتري حليب ابنها الرضيع «جهاد» مما اضطرها إلى تغذيته بالماء والسكر رغم أن ذلك يكتسي خطورة كبيرة عليه، لكن حسب ذكرها ما بيدها الحل فقد أوعزتها الحيلة وطرقت كل الأبواب طالبة تمكينها من اعانة قارة بحكم اعاقتها لكن لم يرحم أحد عجزها بل أنها في كل مرة تتلقى الوعود والتطمينات بتسوية وضعيتها لكن ظلت مجرد كلام في مهب الريح فيما تزداد حالتها الاجتماعية تأزما فمأساة محدثتنا لم تنته عند هذا الحد إذ اضطرت إلى أن تسلم ابنتها البالغة من العمر سنتين ونصف إلى جدها حتى توفر لها ظروف أحسن وحتى لا تنام جائعة لعجزها على توفير المأكل لها مؤكدة أن هذا الموقف يحز في نفسها كثيرا لأنها ترى أن عائلتها تشتّتت لا لشيء إلا بسبب الفقر وهي الآن تعيش حالة احباط تام قد تجعلها تقدم على الانتحار هي وأبنائها حسب قولها لأن ذلك أهون عليها ألف مرة من أن ترى فلذات أكبادها يموتون جوعا أمامها دون أن تقدر على فعل شئ وهي تتمنى أن تستمع السلط المعنية إلى ندائها الذي قد يكون الأخير وذلك بتمكينها من حل جذري لمأساتها أو أي رخصة تستطيع بها اعالة أسرتها التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. فهل من استجابة لهذا الطلب البسيط الذي من شأنه أن يعيد بريق الحياة إلى منزل تنبعث منه رائحة الموت من كل مكان؟