تنتصب القرية الحرفية ببروطة داخل المدينة العتيقة ، وهو عقار على ملك جمعية صيانة المدينة تم اسناد التصرف فيه منذ سنة 1990 للديوان الوطني للصناعات التقليدية, و يتكون من بناية ذات طابقين على شاكلة " دار عربي " و يحتوي على 34 محلا صغير الحجم ( في حدود 6 امتار مربعة للمحل الواحد ) وتؤمها حاليا 7 حرفيات في حين بقية المحلات ظلت شاغرة نظرا لضيق الفضاءات و تآكل البناية و تواضع المرافق العامة بها. هذه القرية الحرفية التي توجد بها عدة اختصاصات مثل التطريز اليدوي و التزويق على جميع المحامل و الجبة و السكاجة و الخطاطة و جميع انواع الحايك و تطريز فساتين العرائس بالكونيل و الفضة و غيرها , تشكو من النقائص مما اثر على مهمتها." التونسية" زارت القرية و خرجت بالتحقيق التالي: قال السيد صلاح الدين الزعيري المسؤول عن هذا المركز الحرفي ل " التونسية " ان عملية الاستقطاب و الاقبال على هذه القرية في وقت زمني سابق من قبل الفتيات اللواتي تبلغ اعمارهن بين 15 و 25 سنة تعتبر مشجعة جدا حيث كانت توجد في كل محل ما بين 3 و 8 فتيات اي بمعدل 6 فتيات لكل محل. اما الان فلن تجد في كل محل اكثر من 3 متكونات على اقصي تقدير حيث يتوجن سنتهن التكوينية بشهادة في الكفاءة المهنية كما تتسلم الواحدة منحة شهرية من الدولة قدرها 50 دينارا بعد ان كانت سابقا 15 دينارا. و تعود اسباب هذا التراجع الى المصانع التي احدثت و التي استقطبت هؤلاء الفتيات و اغرتهن بأجور شهرية تفوق 50 دينارا. و من الطبيعي ان تنحاز الفتاة الى ذلك قصد تحسين وضعها خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ظروفهن الاجتماعية الصعبة. و رغم ذلك يقوم المندوب الجهوي بدور كبير في تشجيع و تأطير الحرفيين من اجل مواصلة العمل و فض مشاكلهم" . و اكد السيد الزعيري ان ترويج المنتوج بدوره تقلص و تراجع عما كان عليه من قبل رغم التشجيعات المتواصلة من الديوان الوطني للصناعات التقليدية الذي وفر المعارض الى جانب التجار الذين يأتون الى القرية لاقتناء المنتوج اضافة الى تراجع نسبة السياح ايضا مما جعل الانتاج حسب الطلب لا غير. من جهتها تدخلت الحرفية ناجية الخلفاوي و ايدت كلام المسؤول عن المركز لكنها شددت من جهة اخرى على ان المهنة في الصناعات التقليدية تعتبر طيبة و فيها دخل محترم لكن الفتيات يرغبن في المصانع, و اشارت الى ان الحرفية اليوم لم تتسلم شيئا عكس ما كانت تتمتع به سابقا عندما كانت تصرف الى كل مكونة منحة ب 15 دينارا عن كل فتاة يقع تكوينها في المحل الى جانب ربح انتاجها وهو ما اصبح مفقودا الان رغم تشجيعات الديوان. اعادة تأهيل القرية تشكو هذه القرية الحرفية عديد النقائص و السلبيات التي اثرت على مردوديتها حيث تآكلت بنايتها و اصبحت متداعية للسقوط بل و تشكل خطرا حقيقيا على الحرفيات و المتكونات مما اثر على جدوى مردوديتها. السيد لطفي المناعي المندوب الجهوي للصناعات التقليدية بالقيروان اوضح ل " التونسية " البرنامج الجديد للوزراة بخصوص اعادة هيكلة و تأهيل هذه القرية وفق برنامج وظيفي لمشروع متكامل بكلفة تقديرية قيمتها 200 الف دينار و تشمل اعادة التهيئة, ترميم البناية ( الأسقف, الأرضية، قنوات الصرف الصحي و الأبواب و النوافذ ) و توسيع المحلات و تهيئتها لتحسين قابلية استقطابها للحرفيين و الزوار مع خلق فضاءات لانتصاب المجمعات و مؤسسات الصناعات التقليدية لصالح خريجي التعليم العالي ثم تحسين ظروف العمل و الاستقبال بالقرية و إدماج القرية ضمن المسلك السياحي الرسمي الى جانب احداث قاعة عرض دائمة. و بالنسبة للمحتوى المادي للمشروع فتتكون المرافق العامة للقرية من مشرب و تبليط الأرضية و تصليح الأسقف و تصليح الأبواب و النوافذ و دهن و تزويق البناية مع إحداث وحدة للاتصالات و الخدمات الإعلامية و إحداث 4 وحدات صحية و استبدال قنوات الصرف المتآكلة. اما المحلات الحرفية فستتوسع و يمكن اختزالها في وحدة استقبال و تأطير و قاعة عرض و 2 مجمعات حرفية ( بمساحة 35 مترا مربعا للواحدة ) اضافة الى 13 محلا بمساحة 15 مترا مربعا للواحدة. كما اكد المندوب الجهوي ان الوقت قد حان لتحسين عملية تأطير الحرفيين ضمن توجه جديد في منظومة كاملة و هناك برمجة قرى حرفية اخرى في كل من معتمديات حاجب العيون و العلا و الوسلاتية خاصة و ان ولاية القيروان معروفة بطابعها التقليدي.