تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراها حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات رغم حلوها ومرّها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفنا اليوم هو السيد خير الدين الصوابني رئيس «حزب الطليعة العربي الديمقراطي» ومستشار في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي. تحدّث ضيفنا عن أيام الدراسة الجامعية فقال: "دخلت كلية الآداب ب9 أفريل سنة 1979 ثم انتقلت إلى كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة سنة 1980 لدراسة اختصاص الآداب والحضارة العربية وحصلت على الأستاذية في الأدب العربي من كلية الآداب بمنوبة سنة 1983. وكانت الحركة الطلابية آنذاك في أوجها وكانت الجامعة تتميّز بحراك ثقافي ونقابي كبير وكان يصعب العثور على طالب لا يحمل هموما ثقافية أو نقابية أو سياسية وبرغم التجاذبات كانت ظاهرة العنف محدودة باستثناء أحداث 30 مارس 1982. وكان الخيار العام للحركة الطلابية هو القطع مع النظام الحاكم والطلبة المنتمين إليه. وكانت الأحلام الثورية والشبابية والطموحات الثقافية تحدو الجميع. وكان الطلبة يشاركون صباحا مساء في اجتماعات عامة وحلقات نقاش في الجامعة ويواكبون الحركة السينمائية والمسرحية والشعرية". وعن إقامته بالمبيت الجامعي التابع لكلية الآداب بمنوبة قال محدّثنا: «تقطن عائلتي بولاية تونس، لكن بحكم نشاطي السياسي التحقت بالمبيت الجامعي كساكن عرضي وكان المبيت يحمل نفس السّمات التي تحملها الجامعة، حيث كان يحتضن حلقات النقاش الضيّقة تتم ليلا في الغرف والتي يتم خلالها الإعداد للتحركات التي ستقام في اليوم الموالي مثل المسيرات، أو الاجتماعات العامة. وبحكم مشاركتي في الاجتماعات والنقاشات الطلابية تم إيقافي عديد المرات كما تم اقتحام المبيت ليلا للقبض عليّ لكن تم إلقاء القبض على عناصر أخرى كانت موجودة في الغرفة التي أقيم بها. وبعد شهر من هذه الحادثة تمكنت عناصر الأمن من إيقافي مع جملة من العناصر الناشطة في المجال السياسي ومنهم العجيمي الوريمي ورضا المكي. ومن أهم ما أنجزت على الصعيد الطلابي ترؤسي لكل الاجتماعات والتحرّكات التي ساهمت في عقد المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة للاتحاد العام التونسي للطلبة". وبخصوص المنحة الجامعية أكد السيد خير الدين أنه حرم منها على خلفية نشاطه السياسي وأنه تم تسليط مظلمة مالية على والده بمجرّد أن طالب هو بالمنحة. وكانت عائلته تزوّده بالمال لمجابهة مصاريف الدراسة. وعن طبيعة العلاقات التي كانت تجمع الطالبات بالطلبة قال محدثنا: «كانت علاقات متنوعة منها ما يندرج ضمن باب الصداقة ومنها ما يندرج ضمن باب الحبّ، وقد عشت قصص الحب بألوانها وأهمّها تلك التي جمعتني بالمرحومة زوجتي القاصة المعروفة «نجاة بوقرّة». وقد كنا متلازمين إلى أبعد الحدود نتقارب في كثير من الأحيان ونتباعد في أحيان قليلة. وكان الجو الطلابي عموما مزيجا بين التنافس والإصرار على النضال والعبقرية والعواطف الجميلة".