أفتتحت صباح اليوم بأحد النزل بضاحية قمرت بالعاصمة الندوة الدولية حول العدالة الإجتماعية ومقاومة الإقصاء في زمن الإنتقال الديمقراطي التي تنظمها وزارة الشؤون الإجتماعية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبحضور ممثلين عن البنك الدولي ودول عربية على غرار المغرب ومصر ودول أمريكية منها على سبيل الذكر لا الحصر البرازيل ... الندوة إستهلها السيد محمد الناصر وزير الشؤون الإجتماعية بكلمة رحب من خلالها بالسيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة الإنتقالية والسيد شارل دان المدير الجهوي لإفريقيا بمنظمة العمل الدولية ممثلا عن المدير العام للمنظمة سالفة الذكر وبالحاضرين ...قبل أن يوضح أهمية موضوع الندوة في الوقت الراهن خصوصا وأنه يتزامن مع وضع إنتقالي ديمقراطي تعيشه تونس ، حيث أكد أن تحقيق العدالة الاجتماعية هو محل اهتمام وتدارس من قبل العديد من الدول بما فيها الدول المتقدمة إضافة إلى أنه محل متابعة وتباحث من طرف عديد الهيئات الدولية والبنوك العالمية... من أجل ذلك حرصت الوزارة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية على تشريك المنظمات والهيئات الوطنية كالإتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة . اللذين يعتبران من أبرز الهياكل الفاعلة والمتدخلة في الموضوع حيث يسعيان إلى تجاوز مشكل الفقر وغياب العدالة الاجتماعية . ومن ثم قدم وزير الشؤون الاجتماعية محاور الندوة حيث تعلق المحور الأول بالمقاربات الدولية وتعريف مفهوم الفقر والإقصاء باعتبار وأن لكل منظمة ولكل دولة تعريفها ومفهومها وتصورها الخاص للفقر وسيتم في أعقاب تدارس هذا المحور تقريب المفهوم مشيرا إلى أن تونس لديها مقاربات ومفهومها الخاص للفقر مبديا إستغرابه في الوقت نفسه من تقديرات نسبة الفقر في تونس حيث أشار إلى أنه حسب الارقام الرسمية فإن تونس حققت نسبة نمو قاربت 5 في المائة والحال أن نسبة الفقر تساوي 24 في المائة وهو ما يحيل على التناقض !! ... وفي نفس السياق بين أن للفقر مقياسا خاصا فهو شعور وإحساس نفسي يختلف تعريفه من شخص الى آخر... وسيتم خلال المحور الثاني تباحث السبل الكفيلة بمعالجة هذه الظاهرة من خلال الاستماع إلى تجارب بعض الدول التي استطاعت قطع أشواط كبيرة لتجاوز ظاهرة الفقر ... على أن تختتم الندوة بتقديم الحلول التي من شأنها أن تقي الدول والمجتمعات من الفقر من خلال إيجاد سياسات تضمن حماية إجتماعية لكل مواطن وتوفر له الدخل الأدنى . من جهة أخرى أبدى السيد شارل دان المدير الجهوي لإفريقيا لمنظمة العمل الدولية إعجابه بالشعب التونسي وكذلك بالعمل الذي يقوم به الوزير الأول والحكومة خصوصا في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها تونس ...مؤكدا أن ما حدث في تونس منحها مكانة مرموقة . وفي سياق حديثه دعا السيد شارل دان إلى ضرورة التنبه إلى الأوضاع الإجتماعية من خلال تدارسها لتفادي الأوضاع التي قد تنجم عنها مشبها إياها بالقنبلة الموقوتة إذ أن الحل لتفادي بعض هذه المشاكل يكمن في توفير ظروف عمل ملائمة وتغطية إجتماعية فعّالة وراتب شهري محترم مستشهدا بأن 8 من 10 عمال لا يحظون بالتغطية الاجتماعية وبراتب يتناسب ومتطلبات الحياة اليومية مضيفا في ذات الصدد أن التقليص من نسبة البطالة من شانه أن يحدّ من هذه المشاكل ... ومذكرا أن منظمة العمل أعدت أكثر من 30 برنامجا حول العمل اللائق وهي قيد التباحث مع الحكومات بما في ذلك الحكومة التونسية ...وترتكز هذه البرامج على وضع إستراتيجيات جديدة لخلق مواطن شغل اضافية وتحسين فاعلية التغطية الاجتماعية والاستثمار في الانتاجية والربط بين الإقتصاد المنظم والإقتصاد الموازي وهو ما من شأنه ان ينعكس إيجابيا على الإقتصاد الإجتماعي وتنميته وفتح آفاق جديدة للحوار الإجتماعي ودعوة الشركاء والمتداخلين إلى تقديم نظرة مشتركة حديثة ... ولدى تناوله لكلمة الإفتتاح بالندوة توجه الوزير الأول الباجي قائد السبسي بالشكر الى الهيئات الدولية ومنها منظمة العمل نظير حرصها على مساعدة تونس للنهوض من جديد وتجاوز بعض المصاعب التي أظهرتها الثورة التي أكد أنها جاءت بأيدي عاملة وصدور عارية قام بها شبان دون زعامة أو قيادة طموحهم في ذلك تحقيق عيش كريم وهو ما تعمل عليه الحكومة الإنتقالية التي نجحت رغم الظروف العصيبة في توفير ما يناهز 50 ألف موطن شغل بين انتدابات في الوظيفة العمومية وفي إطار برنامج التكوين التأهيلي إضافة إلى المساعدات المالية والعينية التي تقدمها الدولة لما يزيد عن 180 ألف عائلة معوزة كل هذه الإجراءات وغيرها تزامنت مع الوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس من هشاشة ومصاعب إقتصادية ونسبة نمو في حدود الصفر وحسب ماأكّد أنها خالفت ما كان يسوقه النظام البائد إضافة إلى الوضع في ليبيا الذي زاد الطين بلة وتحمل تونس عبء مليون لاجئ دون مساعدات دولية وحتى إن وجدت فهي لم تف بالغرض لكن رغم ذلك فإن تونس راهنت على علاقات الأخوة والصداقة مع الشعب الليبي والتعاون حيث بات أمن تونس من أمن ليبيا والعكس ... وفي ذات الصدد أكد الوزير الأول أن الحكومة وضعت برنامجا تشغيليا يمتد على 5 سنوات بتكلفة تناهز 125 مليار دولار متعجبا من وعود النظام البائد بتشغيل 300 ألف عاطل عن العمل خلال عامين إضافة إلى ان هناك من قال في المدة الأخيرة إنه سيتولى تشغيل 600 ألف عاطل إذا ما بلغ السلطة مبينا ان تشغيل هذا العدد يعد معجزة لا يمكن ان يصدقها اي عاقل ! وختم حديثه بالتأكيد على أن تونس تزخر بالكفاءات التي ستنهض بالبلاد وتعيد إليها الإشعاع القاري والدولي. * هوامش الندوة : * تعرض الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي إلى حادث بسيط حيث تعثر أثناء الإرتقاء إلى المنصة .... وقد إعتذر عن ذلك خلال مداخلته وأكد أنها توازي زلة اللسان مؤكدا انه في خير حال رغم بعض المتاعب الصحية بفعل ضغط العمل وشدد قائلا : "الوزير فخار بكري ماتخافوش ما نتكسرش بسهولة" ! * كالعادة كانت مداخلة الوزير الأول خفيفة الظل وقد مازح الحاضرين في أكثر من مناسبة وتوجه في أكثر من مرة إلى السيد عبد السلام جراد امين عام اتحاد الشغل قائلا "موش هكة سي عبد السلام" . ولتبرير هذا الأمر بعد تكراره في أكثر من مناسبة قال "أنا نتفاهم برشا مع سي عبد السلام " . * عقب كلمة الإفتتاح تم عقد المائدة المستديرة الأولى والتي تمحورت حول الفقر والهشاشة والإقصاء الإجتماعي ومقاربات الهيئات الدولية وقد سجلت مداخلات مكتب العمل الدولي ومقاربة البنك العالمي وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية والإتحاد الأوروبي والمكتب الجهوي لصندوق الأممالمتحدة للطفولة للشرق الأوسط شمال إفريقيا بعمان .