الضربة الإرهابية الغادرة التي شهدها متحف باردو الاربعاء الماضي زادت من لحمة التونسيين في ما بينهم ومتنت امتناءهم للوطن وضاعفت غيرتهم عليه. وفي تحد غير مسبوق لم تعلن تونس الحداد ولم تتوقف الأنشطة الثقافية ولا التظاهرات الفنية والثقافية وأصرت وزيرة الثقافة على إعادة فتح متحف باردو في أقرب وقت في أسلوب جديد لمواجهة الذين لم يؤمنوا بغير ثقافة الموت وإستباحة الإستبداد وزرع الغدر وإغتيال الأحلام وتبديد الآمال. «التونسية» حاورت بعض فنانينا حول سبل مجابهة ثقافة الموت وقوى الظلام. الفنان لمين النهدي: مستعد لتقديم عروضا في الشعانبي إنها مسؤولية الجميع ولكني أرى أن الفنان له دور هام في تعديل الكفة فمواجهة هؤلاء الإرهابيين والفكر المتطرف يمر عبر تكثيف التظاهرات الثقافية والحفلات الغنائية في كل مكان. أنا مستعد لعرض مسرحيتي على سفح جبل الشعانبي، لا يهم المكان همنا أن لا نتوقف عن النشاط فهم يريدون تدميرنا وتكتيفنا وتكبيلنا ولن نرضخ. في رأيي إن العملية الغادرة ليست موجهة لضرب السياحة فقط بل المقصود هو رمزية المكان متحف باردو إذ كان بإمكانهم تنفيذ العملية في أي فضاء في أي مكان قد يعج بالسياح ولكن استهداف متحف باردو بكل ما يحمله من رمزية ومن تاريخ مقصود بل سنحاربهم بفننا سأركز في عروضي القادمة على محاربة وعلى تعرية الإرهابيين أكثر مما أقوم به وسننجح وسننجح. الفنان رجاء فرحات: المواطن الرقيب أفرز القرن العشرون حركات سياسية إرهابية بدأت مع الفاشية الإيطالية والنازية والفاشية الإسبانية فساد الموت وتفشت ثقافة الموت نفس الشيء بالنسبة للحركات الإسلامية فمن الخطإ أن نعتقد أن الحركات الجهادية الإسلامية قادمة من المدينةالمنورة وأنها معاصرة ووليدة القرن العشرين. هذه القوة ليست من فراغ بل تنبني على مناهج واضحة فهي تتخذ من قوتها كل تقدم تقني وتكنولوجي وتعتمد أحدث و سائل الإتصال والمعلوماتية لذلك فإني أرى أن كل الوسائل والمناهج متاحة لمحاربة هذه الحركات فلن ننجح إلا إذا جندنا كل القوى الإجتماعية والمخابراتية والأمنية فلهذه الحركات آلة جهنمية لا تحتاج إلى ملايين الناس فالمجرمان اللذان نفذا العملية وقتلا وجرحا مسّا هيبة الدولة وسياحتنا ربما كانا يتناولان اللبلابي في حي التضامن ولكن هناك من زودهما بالسلاح لتحطيم الآمال. فقوة هذه الحركات القتالية ليست بسيارات رباعية الدفع بل التخطيط هو وراء ذلك. لذلك لابد من تطبيق المنهج السويسري فكما يقال المواطن السويسري هو بوليس في حد ذاته فأن تمر بشوارع جنيف مثلا وتأتي بأي فعل غريب ستجد المواطنين لك بالمرصاد، اليوم حان الوقت ليفهم الشعب التونسي انه الرقيب الأول يجب أن يكون يقظا حذرا وأن يتفطن لكل تصرف غريب في المدارس، في الجوامع في السوق في الجمعيات، في اي مكان يجب أن نتجند جميعا لنكون عينا ورقيبا. الفنانة نبيهة كراولي: بالفن يعلو صوت الحق أنا اليوم في القاهرة لأغني شعرا عربيا.... نعم سنغنّي لأننا لن نرضخ لثقافة الموت التي أرادوها لنا عند وصولي الى القاهرة رأيت التقدير والإعجاب فى نظرات المثقفين الحاضرين لأن تونس تنهض وتواصل عملها لمكافحة الإرهاب وهنا لا يمكن للأمن أن يكون وحده في مواجهة هؤلاء الذين غدروا بنا وغدروا بتراب هذا البلد. الفن إن كان مسرحا أو موسيقى او شعرا أو نثرا هو سلاح نشهره في وجوههم الأمر مقصود سياح ومتحف، سياحة وثقافة، وحضارة، وتاريخ أرادوا تدميرنا و لكنهم لن يتمكنوا ولن ينجحوا، صحيح نخسر أبناءنا في ظل هذه المواجهات ولكننا سنضحي أكثر أما بالنسبة لي شخصيا فمستعدة للغناء في أي مكان من تراب الجمهورية لنقول بصوت واحد نحن لن نسكت ولن نخرس وسيعلو صوت الحق. الفنان شريف علوي: غيمة حزن عابرة «كي تخذ شرى مكحلة» قاطرتنا معطلة في وحل التحزب ولا يمكن بالمرة أن تتجاوز الأحزاب أجنداتها. أرهقنا جنون الكراسي والسلطة مما أوصلنا إلى إنقسام الناس فاستفحلت الفوضى فلو لم يكن هذا الإفراط المقصود في التكالب على السلطة والمناصب لما وصل الإرهاب الى قلب المدينة وفي متحف باردو و وراء مجلس نواب الشعب وأمام أنظار الأمن وسيارات الشرطة ولكن اللحظة الحاسمة قادمة ولا ريب إنها عظمة تونس الخضراء إن تحت الرماد هناك شعب بلا طائفية وهنا بيت القصيد فلن ينجحوا بإرهابهم وجهلهم إنها غيمة حزن عابرة فلن يقدروا على عليسة وأبي القاسم الشابي. المهم ان نبني من جديد أن لا نرضخ أن نغني في كل مكان، يكفي من المشاحنات التلفزية يكفي من التشنج في البلاتوهات التلفزية يكفي من تدمير الأعصاب إتحدوا يا أهل السياسة فتونس أعطتكم الحرية فلا تخذلوها. سنية مبارك: دورة قرطاج بعنوان مكافحة الإرهاب إن لم يستفق الشعب اليوم لن يستفيق أبدا فكلنا مهددون، أطفالنا قبل كبارنا، إنهم يسعونا إلى تدمير كل شيء ولكن ألم نساعدهم بتهاوننا وتخاذلنا والسماح لهم بأن يتواجدوا في حياتنا اليومية بكل تفاصيلها فتونس تتسع للجميع نعم ولكن لا تتسع لمن يؤمن بثقافة الموت لمن تعلم الغدر والخيانة لمن إستباح دماء الأبرياء كيف وصلنا إلى هذا اليوم؟ سؤال إجابته يعرفها الجميع ولكن يتجاهلونها تخاذلوا في مواجهة أفكار وسموم الدعاة عند زياراتهم لبلدنا لزراعة الفكر الميت لزراعة ثقافة ليست للتونسيين وللتونسيات. اليوم نحن أمام أكبر تحدي لمجابهة هؤلاء عبر الفنون والثقافة لابد من وضع إستراتيجية للسياسة الثقافية للبلاد قصد محاربة من أرادوا تدميرنا ولكنهم لن ينجحوا وستكون الدورة الجديدة لمهرجان قرطاج بإذن الله عنوانا لمحاربة هؤلاء.