بدأ أمس المحامون التونسيون أسبوعا احتجاجيا عبر تنظيم إضراب عام بكامل أنحاء البلاد بدعوة من الهيئة الوطنية للمحامين تخلّلته وقفة احتجاجية داخل «قصر العدالة» بالعاصمة بسبب ما اعتبروه «تكرر الاعتداءات عليهم من قبل الأمنيين» من جهة ومحاولة «إقصاء المحاماة التونسية من المشهد القضائي» من جهة أخرى. في هذا الصدد اتصلت «التونسية» بالعديد من الوجوه البارزة في قطاع المحاماة فكانت الردود مختلفة لكن كلّها تدعو الى رفع المظلمة والكف عن الاعتداءات وتمثيل القطاع أحسن تمثيل في المجلس الأعلى للقضاء المقبل. في هذا الاطار افاد بوبكر بالثابت كاتب عام الهيئة الوطنية للمحامين ان ما دفع الهيئة الوطنية للمحامين الى الدخول في اسبوع احتجاجي واعلان الاضراب العام هو تتالي الاعتداءات والتجاوزات على المحامين كما هو تعبير عن رفض المحاماة التونسية لاستمرار مثل هذه التجاوزات التي تؤشر لوجود شبه حالة إفلات من العقاب على حد تعبيره. وأضاف بالثابت قائلا «احتجاج المحامين هو صوتهم العالي للرفض وللمطالبة والتأكيد على ضرورة التحقيق والتتبع الجديين في كل حالة وفي هذا المستوى فإن للقضاء المسؤولية الكبرى في التعبير عن حياد النيابة العمومية في تعاملها مع القانون ومع كل الأطراف على نفس المسافة». وأوضح كاتب عام الهيئة الوطنية للمحامين «ان ما وقع في صفاقس كان القطرة التي أفاضت الكأس عندما تم الاعتداء على محامية من طرف امني وخاصة عندما لم يتم اصدار اي قرار يعبر عن الجدية في تحمل المسؤوليات وتتبع المعتدين وهو امر لا يعبر عن حيادية مفترضة ومطلوبة للتعاطي مع الموضوع وهو ما لا يخيف المحامين ولا يثنيهم عن التحرك للدفاع عن مهنتهم وعن أنفسهم». وشدد بالثابت قائلا «ان البعض استغل حادثة صفاقس لتشويه صورة المحاماة والتشكيك في جدارتها بتمثيلية فاعلة تليق بموقعها ودورها في المجلس الاعلى للقضاء وطلبات المحامين في هذا الباب سابقة لهذه الحادثة والاحتجاجات التي تلتها في صفاقس وعلى المستوى الوطني هي مناسبة متجددة للتأكيد على مطلب المحامين في اصلاح القضاء ومن ذلك الاستجابة والاخذ بعين الاعتبار لرؤيتهم لمشروع المجلس الأعلى للقضاء». من جانب آخر اكد عبد الستار المسعودي المحامي والقيادي في حركة «نداء تونس» ان غضب المحامين مشروع باعتبار الاعتداءات المتكررة عليهم سواء كانت من طرف بعض اعوان الامن او حتى من طرف بعض القضاة على حد تعبيره. وقال المسعودي «ان هذا التحرك يعد هبة من قبل المحامين للدفاع عن قطاع المحاماة الذي يرمز الى الحريات ومقومات الدولة باعتبار ان هذا القطاع منذ القدم يدافع عن استقلال القضاء والحريات العامة وبالتالي هذه المعركة سنخوضها ضد كل من يحاول ان يركّع قطاع المحاماة أو أن ينال منه فهو قوي بأبنائه ورصيده النضالي وقيادييه وسنرى خلال الايام القادمة انه لا ولن يتمكن أي كان من المس بالقطاع وهذه التجارب خضناها سابقا ونجحنا فيها ». وشدد المسعودي ان هناك البعض من القضاة لا يريدون رؤية المحاماة معهم في المجلس الأعلى للقضاء وهناك شقّ آخر من الذين يريدون «تصغير» دور المحامي في السلطة القضائية بصفة عامة . من ناحية أخرى اكد رضا الطرخاني عضو الهيئة الوطنية للمحامين ان السبب الرئيسي وراء تنفيذ الاضراب العام هو تكرر الاعتداءات على المحامين من طرف الأمنيين في العديد من ولايات الجمهورية قائلا « ان هذه الاعتداءات أصبحت ممنهجة خاصة وان النيابة العمومية اصبحت تغض الطرف عن المعتدين ولا تقوم بتتبعهم مما يعتبر تواطؤا مع الأجهزة الامنية في مخطط اشمل يهدف إلى ضرب المحاماة ودورها الوطني سواء في الثورة او في المرحلة الانتقالية». وأضاف الطرخاني ان تونس تمر بمرحلة دقيقة من تاريخها وان قدر المحاماة ان تخوض المعركة ضد الظلم والقمع باعتبار ان حقوق وحريات الشعب أصبحت مهددة في ظل سعي البعض للعودة الى المنظومة القديمة مشددا «نحن نحارب من اجل قضاء مستقل لا يرضخ للتعليمات ولا يكون أداة في يد السلطة التنفيذية بل يضمن حقوق الناس وحرياتهم وسلطانهم في ذاك ضميرهم». من جهته اكد محمد الفاضل محفوظ رئيس الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين ان هذا الأسبوع سيكون احتجاجيا على خلفية الأحداث التي شهدتها المحكمة الابتدائية بصفاقس من جهة ومحاولة إقصاء المحاماة التونسية من المشهد القضائي من جهة اخرى قائلا « وكالعادة ستنتصر المحاماة ولن تركع لمحاولات الضغط عليها ». وأضاف محفوظ «ان الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين لن تقبل بإقصاء قطاع المحاماة من المجلس الاعلى للقضاء باعتبار ان المجلس هو الانتاج الاول لدستور الجمهورية التونسية الذي أقر في الباب المتعلق بالسلطة القضائية ان هذه السلطة مكونة من فريقين الفريق الاول هم السادة القضاة المحترمون والفريق الثاني هم السادة المحامون المحترمون». وشدد عميد المحامين انه من أهداف الاحتجاج الذي يشنه المحامون تطبيق الدستور عبر ضمان الحقوق والحريات من خلال بعث المجلس الاعلى للقضاء قائلا «ان دفاعنا عن القطاع هو ليس دفاع عن امتياز للمحاماة بل هو دفاع عن حقوق وحريات المواطن» من جانبه اكد المحامي عبد الناصر عواينية ان المحاماة مستهدفة بالاستفزاز ومحاولة جرها الى معارك وهمية وذلك من خلال احالة المحامين على الهيئات القضائية دون موجب قائلا «ان المعركة الحقيقية اليوم هي معركة تمثيلية المهن غير القضائية داخل المجلس الأعلى للقضاء القادم وهناك من يرفض ان تكون الهيئة الوطنية للمحامين ممثلة داخل المجلس وللاسف هذه المعركة ترجمت الى قرارات قضائية مما يؤكد الحاجة الملحة لإصلاح المنظومة القضائية بصفة عامة ». وأضاف عبادة الكافي المحامي والقيادي في حركة «نداء تونس» ان ما أفاض الكأس حادثة الاعتداء على محامية في صفاقس من طرف عون امن وحين تظلمت الى النيابة العمومية لم يقع السماع اليها فتوجه وفد من المحامين الى مكتب السيد الوكيل العام ويبدو ان السيد الوكيل العام قال ان عون الامن تم الاعتداء عليه أيضا وهذا ما فنده المحامون وتطورت الأمور في ما بعد الى احالة عدد من المحامين على التحقيق ومنهم اعضاء الهيئة الوطنية لذلك تحركت المحاماة في حركة نضالية للدفاع عن القطاع بصفة عامة ولتحقيق أهدافها من دفاع مستقل وقوي». رحمة الشارني