مكونات السيارات: مؤسسة "يورا" تخطط لتوظيف 6000 شخص في تونس بحلول سنة 2026    مجلس وزاري مضيق يتابع تنفيذ مشروع جواز السفر البيومتري    الاطار التربوي ينفّذ وقفات احتجاجيّة بنابل للتنديد بحوادث العنف    وزير التربية يؤكد تسديد الشغورات في أغلب المواد الأساسية بنسبة 99 في المائة    منتجو الحليب بهذه الولاية ينتظرون مراجعة السعر المرجعي    يزور سماء الأرض مرة كل 80 ألف عام : مذنب يظهر في العالم العربي    الأردن يطالب مجلس الأمن برفع الحصانة عن الكيان الصهيوني وحظر بيعها الأسلحة    وزير السياحة يعطي اشارة انطلاق « رالي التحدي تونس 2024′′    يوميا : العالم العربي يستهلك 1،4 مليار رغيف خبز    حوالي 300 شبهة جريمة انتخابية    بعد هزيمة جزر القمر: المنتخب الوطني يتراجع في التصنيف العالمي الجديد    الترجي الرياضي يصدر بلاغا حول اصابة هذا اللاعب    عاجل : اصطدام شاحنة بحافلة تقل 50 تلميذا في الكاف    القيروان: رشق حافلة نقل مدرسي بالحجارة وهذه حصيلة الخسائر    معهد الهادي الرايس: نسب مرتفعة للإصابة بقصر النظر لدى الأطفال.. وهذه هي الاسباب    بطولة كرة السلة: تعيينات مقابلاي يوم غد من الجولة الخامسة ذهابا    حجز 2 طن من البطاطا تم بيعها خارج المسالك القانونية بهذه الولاية    غدًا: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق بسوسة    النسخة الأولى لكاس العالم للاندية للرماية على الأهداف تحت الماء بتونس من 16 الى 19 اكتوبر    مدينة العلوم بتونس تنظم تظاهرة للاحتفال بيوم الأغذية العالمي    الأثاث والتأثيث: قطاع واعد رغم تحديات ارتفاع الكلفة    اصابة تلميذة بجروح جراء سقوطها من حافلة مدرسية    بورصات الأوراق المالية: تصنيف قاري متميز لتونس    وزارة الصحة تؤكد أهمية التلقيح السنوي في الوقاية من النزلة الموسمية هذا الشتاء    مباراة ودية: التعادل يحسم مواجهة النجم الساحلي وأبوسليم الليبي    إليسا خلال حفل في دبي: "قرّرت العودة إلى عملي ولبنان سيعود أحلى مما كان"    أيهما جاء أولا الدجاجة أم البيضة؟ العلماء يحسمون الجدل أخيرا    الجيش الاسرائيلي يمنع أهالي جنوب لبنان من العودة الى بيوتهم    العدوان على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء الى 42 الفا و175 شهيدا    بسبب تحويلات مالية... محاكمة موظف بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات ورجل أعمال    عاجل/ منخفض جوي وعودة الأمطار بداية من هذا الموعد..    عاجل/ وصفتها بال"فاشية": هذه الدولة تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل    ملف التسفير الى بؤر التوتر: الافراج عن متهم وتأجيل المحاكمة لجلسة 22 نوفمبر    السرس: اصطدام حافلة لنقل التلاميذ بشاحنة ثقيلة (صور)    عاجل/ رصد بؤرتين لمرض الجلد العقدي لدى الأبقار في هاتين الولايتين    رئيس الدولة يلتقي وزير الدفاع الوطني    رئيسة المكسيك تدعو للاعتراف بدولة فلسطين    حزب الله يقصف قاعدة عسكرية إسرائيلية قريبة من حيفا    طقس السبت: الحرارة في ارتفاع طفيف    قيس سعيّد يشدد على سرعة إعادة بناء الصحة العمومية وتبسيط الإجراءات لتجاوز العقبات    التشكيلات العسكرية بالمنطقة العازلة بولاية تطاوين تحبط عملية تهريب سلع بقيمة تفوق 1.2 مليون دينار    الملك محمد السادس: ملف الصحراء يمر من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير    لعلهم يتفكرون...متى تنتهى صلاحية الرجل عند المرأة؟    تنطلق فعالياته مساء اليوم بدار الثقافة باردو..نضال اليحياوي في افتتاح مهرجان أكتوبر الموسيقي    كتاب الأسبوع..ملخص كتاب «محاط بالحمقى»!    فوائد لغوية...من طرائف اللغة العربية    حوالي 20% من الأطفال مصابون بقصر النظر بسبب الهواتف وألعاب الفيديو    مسرح سينما وكتب: وزارة الثقافة تكشف تفاصيل تظاهراتها الكبرى    لطفى بوشناق ولينا شاماميان نجوم افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    المنستير: عروض فرجوية متنوعة في افتتاح الموسم الثقافي الجديد بدار الثقافة بالمكنين    الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ تحصد'' نوبل الآداب ''    سيدي بوزيد: تقديرات صابة الزيتون بالجهة ترتفع إلى حوالي 310 آلاف طنّ    السينما التونسية تتوج في الدورة 12 لمهرجان وهران السينمائي الدولي للفيلم العربي    الجامعة تعين مراد الدعمي على رأس الادارة الوطنية للتحكيم خلفا لناجي الجويني    ستيفان كوزان مدرب جزر القمر: "اختطاف نقطة ضد المنتخب التونسي يعد نتيجة ايجابية"    يسيء إلى سمعة المجتمع...حكم التسول في الإسلام !    مذنّب يقترب من الأرض السبت المقبل    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهندس تونسي يكشف ل «التونسية»:تونس البلد الوحيد الذي يدفن نفاياته السامة في الأرض
نشر في التونسية يوم 23 - 09 - 2014


«جرادو» ضحية المغالطات وما حدث جريمة بيئية
خطر النفايات بالمصبّ الثاني عالميا بعد أخطار النووي
بسمة الواعر بركات
هل هناك حقائق وأسرار لم تكشف عن مصبّ جرادو؟ وإذا كانت الأمور كذلك ما هي؟ لماذا ظلت العديد من المعطيات طي الكتمان؟ هل ارتكبت فعلا أخطاء وجرائم بيئية في التسعينات؟ هل تدخل لوبي أجنبي لفرض تجهيزاته وتمرير تجاربه آنذاك؟ ما حقيقة سقوط جرادو ضحية حسابات جهوية وأوامر فوقية ومغالطات تلو الأخرى؟ من يحاول درء فضيحة الماضي وإخفاء المستور؟...
السيد حسين بن عبد الله «مهندس تونسي وباحث مختص قام بدراسة قيمة وببحث معمّق حول مصب جرادو فكانت الحقائق والأسرار التالية والتي قد تكون نقطة البداية لكشف المستور عن هذا الملف الغامض .
«التونسية» قرأت التقرير الذي احتوى على أكثر من 13 الف كلمة وتضمن تفاصيل دقيقة جدا وتقارير مفصلة ومدعومة بتواريخ ومعلومات علمية نقدّم ما جاء فيها.
يقول السيد حسين بن عبد ا&: «لقد كان ضمن البرنامج الوطني للتصرف في النفايات الصناعية الخطرة إحداث عدة محطات للمعالجة قوامها ثلاثة مصبات جهوية مستقلة غير أن الوكالة الوطنية لحماية المحيط وقتئذ (قبل إحداث الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات في 2005 )تنصلت من مسؤوليتها وأخلّت بذلك مما جعلها تحيد عن الصواب البيئي لذلك برمجت محطة مركزية تعاضدها ثلاثة منشآت فرعية جهوية قوامها مصب جامع للنفايات السامة والعضوية الخطرة وثلاثة مصبات فرعية للنفايات الشبه خطرة ولكن في الحاصل لم تفلح الوكالة الوطنية لحماية المحيط إلا في انجاز مصب واحد لكامل البلاد التونسية وفي غير الأماكن التي شملتها الدراسات».
وأضاف انه في المرحلة الأولى ومنذ سنة 1993 وإلى 1994 أنجزت عدة دراسات تتعلق بانتشار وكثافة تواجد النفايات الصناعية بكامل تراب البلاد التونسية. جنحت على إثرها كلّ مكاتب الدراسات الأجنبية والتونسية الى وضع طريقة مدروسة للتصرف في النفايات تسمى: «المنظومة الجهوية الثلاثية للتصرف المستقل في النفايات الصناعية» فكانت محطة تونس لجهة الشمال ومحطة ولاية سوسة لجهة الوسط ثم محطة ولاية صفاقس لجهة الجنوب مشيرا إلى أن الاختيار الحاصل يستجيب كليا ل «مبدإ القرب» المذكور مؤكدا انه بعد ذلك أنجزت دراسات أخرى لتحديد مواقع صالحة للمحطة في كل ولاية من الولايات الثلاث المذكورة وان ذلك ما تقرر عقب اجراء عمليات الاختيار التفاضلي: محطة طبربة (تونس)، محطة بوفيشة (سوسة) ثم محطة الصغار عقارب (صفاقس) وان ذلك ما استقرت عليه دراسات أعمال البرنامج الوطني 1993 الى حدود سنة1998.
صراعات جهوية والضحية «جرادو»
وقال محدثنا: «لقد كان الصراع والنفور واضحا بين هذه المناطق فلا أحد قبل بالتخلّص من نفاياته بجهته مع أنه هو الذي ينتجها وهو المنتفع الأول بنعمة المصانع وكان ذلك منذ التسعينات إلى بداية القرن الجديد»، وأشار إلى انّ الحل كان التعيين القسري والفوضوي لمنطقة لم تكن لها أية صفة فنية للانتماء لهذا المجال، وشددّ على ان الضحية كانت بلدة «جرادو» من ولاية زغوان حيث انه وفي العهد البائد أمكن القيام بذلك وتم التحويل العشوائي والهمجي( أي لم تسبقه أي دراسة) للمحطة المركزية ببلدة بوفيشة من ولاية سوسة إلى منطقة «جرادو».
وأكدّ انه على خلفية هذا التحويل القسري تنّفست جميع الأطراف المتدخلة الصعداء وخاصة منها الوكالة وإقليمها في النفايات الصلبة بينما وقعت بلدة جرادو ك «البقرة السائبة» فكثرت سكاكينها:المراكز الفرعية الثلاثة استبشرت بالضحية فبادرت بالتخلص نهائيا من محنة مصباتها وهذا ما تشهد عليه منشأتا قابس وصفاقس حاليا وقد تخلصت المناطق الفلاحية من إحداث مراكز التجميع الثانوية للمبيدات وأخيرا تخلصت المستشفيات الأم من إشكالياتها البيئية وصار مصب جرادو كما قرّره تهاون وعبث الوكالة الوطنية لحماية المحيط آنذاك والهياكل التابعة إليه مصبا وحيدا للبلاد التونسية.
تفاصيل سرية عن قطعة الأرض
وأشار محدثنا الى ان الدراسات الخاصة بإنشاء المحطة المركزية انطلقت منذ أواسط سنة 1997 وانتهت بالفعل في ديسمبر 1998 وأن الغريب في الأمر أن وزارة البيئة والتهيئة الترابية وقتئذ راسلت وزارة الفلاحة في 18 فيفري 1998 لتمكينها من تخصيص قطعة أرض فلاحية ب «عين الفوارة» من جرادو ، وذلك قصد انجاز محطة معالجة النفايات الصناعية الخطرة والخاصة، مضيفا: «كيف يمكن إرسال هذا المطلب في ظل عدم جاهزية دراسة المؤثرات على المحيط للمشروع حتى نتحدث عن المصادقة عليها؟، معتبرا ان رد وزير الفلاحة آنذاك كان مناسبا حيث انه في جوان من نفس السنة طلب الموافقة شريطة المحافظة على المحيط الفلاحي المجاور من التلوث وطلب دراسة المؤثرات على المحيط مؤكدا ان الوكالة الوطنية لحماية المحيط ونظرا لعلمها بجميع الخروقات والتخريبات تنصلت من مسؤوليتها وانها رفضت تسجيل رأيها على الدراسة المذكورة خاصة وأنها تعلم مسبقا أن التأثيرات سلبية وأنها من جانب آخر تعلم أن الموقع معيّن وانه لا سبيل لتغييره فتواصلت الأمور هكذا عدة سنين الى أن تدخل الوزير الأول لدى وزير الفلاحة في فيفري 2005، أي قبل أشهر من بداية تنفيذ الأشغال على أساس ان بناء المحطة سيكون في سبتمبر 2005 حيث طلب من وزير الفلاحة آنذاك إصدار مشروع أمر يتعلق بتغيير صبغة الأرض الفلاحية للموقع لكن وزير الفلاحة استمر في عدم الاذعان للوكالة موضحا أن الأمر يقتضي الإدلاء بدراسة مؤثرات المشروع على البيئة والمحيط وانه يجب ان يكون مصادقا عليها من طرف الوكالة. وأمام إصرار وزير الفلاحة على تطبيق القانون من ناحية وتعنت الوكالة من ناحية أخرى آستنبطت الوكالة في فيفري 2005 حيلة للخروج من المأزق تمثلت في تكوين لجنة فنية مختلطة وافقت شكليا على تلك الدراسة ، غير أن وزير الفلاحة استبسل ولم يخضع لهذه التصرفات ولم يمنح الوكالة ما تترجاه من أمر وزاري بإبدال صبغة الأرض الى أن اندلعت ثورة الكرامة في جانفي 2011 لكن الغريب في الأمر أن وزير الفلاحة في حكومة الترويكا أصدر في سبتمبر 2013 الأمر المتعلق بتغيير صبغة الأرض.
خفايا الصراعات
وكشف أنه في الأثناء حدث غليان شديد بين أطراف الوكالة الوطنية لحماية المحيط الأم بتونس وأطراف الوكالتين الجهويتين بسوسة وصفاقس سببه أن بعض الجماعات أدركت بعد فوات الأوان أن تمشيهم مع خيار الخبراء الألمان في توخي تقنية المصبات المراقبة كان بالفعل غير صائب وسيؤدي إلى إشكالات بيئية وفنية وحتى قانونية متعددة، وقال انه كان في متناولهم الابتعاد عن ذلك لو تم أتباع مقترح الخبراء الفرنسيين بتوخي تقنيات العصر للتصرف في النفايات الصناعية ولكن يبدو أن مقترح الجانب الألماني قد رشح بدون منازع لأنه أظهر استعداده لتمويل المشروع ثم الإشراف الفني عليه.
وأكدّ انه في نهاية النقاشات والحوارات تيقنت الجماعة المذكورة بأن المحطة الجهوية البيئية ستكون في هيئتها مؤلفة من عدة مراكز بيئية وفي شكل وحدات بينما هي وبحسب قوانين العرف البيئي العالمي للعصر مستقلة بذاتها ولا يجب قانونا مجاورة بعضها البعض، واعتبر ان كل واحدة منها مصنف في المنزلة الأولى من الأخطار وكما سنتعرض إليه فإن هيئة المحطة ستأتي مؤلفة من أربعة وحدات هي بحسب التعريفات الدولية والإفريقية ثم الأوروبية كالآتي (D13 ,D12 ,D9,D5).
محراق نفايات على الأرض؟
وأضاف ان التوجه العالمي كان يهدف لا إلى القضاء التدريجي على طريقة دفن النفايات العضوية الصناعية بالأرض بل إلى المنع القانوني لدفنها في الأرض وهذا يعني آليا منع معالجتها بالسبل التي تؤدي إلى إتمام العملية بالدفن وهذا ما أدى إلى تصنيف النفايات العضوية الصناعية في رتبة النفايات الخاصة أو الحرجة وفي الأخير نتج عن ذلك كله إحداث برنامج وحدة عمليات خامسة هي(D10): محراق نفايات على الأرض خاص بالنفايات العضوية. وكشف محدثنا ان طريقة تجميع العمليات المختلفة لمعالجة النفايات مسموح بها دوليا فقط بالنسبة لمجال النفايات المنزلية وما شابهها ملاحظا ان مثل هذا العمل في مجال التصرف في النفايات الصناعية وبنفس المحطة ممنوعا دوليا ، وان في قوانين وان ذلك أدى بالوكالات الثلاث إلى الوقوف على ما يلي :
أن المحطة الجهوية للنفايات وبحسب مكوناتها في العصر الذي نعيشه ستكون عند انجازها من أخطر مراكز معالجة النفايات في العالم،كما أن هذه المحطة الجهوية بتقدير مضار وشدة أخطارها الكيمياوية ستأتي طبيعيا في المرتبة الثانية عالميا بعد منشآت الطاقة النووية والذرية ، كما أن هذه المحطة الجهوية من الناحية التشريعية والقانونية ستتعارض آليا مع مبادئ اتفاقية باماكو الافريقية واتفاقية بازل الدولية ثم مع توجهات دول الاتحاد الأوروبي في الميدان .
دفن النفايات السامة؟
وأكدّ السيد حسين بن عبد ا& أن البلدان الغربية والتي تعيش في رفاهة مالية واقتصادية لم تتصرّف تصرف بلادنا في إزالة النفايات، وكشف انّه على سبيل المثال تتعهد فرنسا فقط بتغطية التصرف في النفايات الصناعية بنسبة النصف فيما تتحمل المؤسسات الخاصة وزر التصرف في النفايات المتبقية، وعلى هذا المنوال فإن عدة مؤسسات خاصة افريقية وعربية هي التي تدير شؤون نفاياتها لوحدها بالتصدير إلى الخارج للمعالجة ، ولا يبقى للدولة سوى مهمة المراقبة البيئية .
واعتبر انّ المعضلة الحقيقية تتمثل في إقدام بلادنا على دفن النفايات السامة والعضوية في الأرض ،مؤكدا ان البلدان العربية والإفريقية لم تجرؤ على دفن نفاياتها السامة في الأرض .
وقال انه ليس من العيب أن نجاهر بالحقيقة المرة وهي أن هذا المشروع عند نشأته كان في صميمه سببا وفرصة لاستدراج الأموال، مشيرا الى أن وزارة البيئة آنذاك تحدثت عن تفشي ظاهرة الفساد المالي. وقال انه وبسبب الاستسلام لأوامر الطرف الألماني الممول،صارت تونس أكبر بلد ملوث للأرض وللثروة المائية بما أنها الوحيدة في العالم التي تقدم على دفن النفايات السامة والنفايات العضوية الخطرة في الأرض، مؤكدا ان تونس تنفرد في العالم بجعل نفس الموقع يحتوي على المصب المذكور وبجانبه مصب النفايات الخاصة غير المعالجة وبجانبه مخازن وسيطة للمواد التي لا تعالج هناك مما يفتح المجال للتفاعلات التلقائية بين المواد الكيميائية المطروحة ممّا قد يؤدي إلى ظهور مواد جديدة أخرى شديدة السمية.
محطة تطهير لكن...؟
وكشف محدثنا انه وفي محاولة يائسة لتغطية هذه المعضلة أقيمت بالتوازي محطة تطهير أطلق عليها «اسموزية» غير أن المحاولة أدت الى الفشل لعدم نجاح عمل المحطة مع مختلف المواد السامة والمواد العضوية وممّا أدى الى تعطّبها بعد نشاط متقطع ترتب عن معالجة النفايات السائلة من سامة وعضوية خطيرة مضيفا أن مصب جرادو وحسب المعطيات المتوفرة لديه في الوقت الحاضر هو أخطر ما يوجد من مصبات ومنفرد في إحداث الضرر بالمائدة المائية وبغيرها من تربة فلاحية، معتبرا ان هذه الحقائق العلمية فنية وانه ليس من الممكن دحضها بما أن دراسات 1998 تثبت تجهيز المصب بشبكة تصريف غاز البيوغاز الذي سينتج عن تخمر الفضلات العضوية الصناعية وقال انه لا يوجد حاليا في العالم مثيل لهذا .
خفايا التعديلات والتغييرات بالجملة؟
وقال انه طرأت عدة إضطرابات وتعديلات على كلفة المشروع وعلى ملف طلب العروض الخاص بانجاز المشروع وفي ملف العروض لاستغلال المشروع مضيفا: «ان فترة انجاز المشروع تغيرت أربع مرات حيث انه سنة 1998 تقرر في فترة 2000 2001 إنجاز المشروع، ثم سنة 2000 تقرر انجازه في الفترة 2001 2004 وفي سنة 2001 تقرر إحداثه في الفترة 2003 2005 وأخيرا سنة 2003 تقرر إعداده في الفترة 2005 2007 وكشف أن الأشغال تمت بالفعل في جانفي 2008».
وأكدّ أن قيمة كلفة انجاز المشروع تطورت فبدت هذه الكلفة لأول مرة وتحديدا سنة 1998 بنحو 17766.688 دينارا ، ثم في نوفمبر من سنة2001 تحصلت الوكالة على قرض من البنك الألماني للتعمير KFW قدره 25.000.000 دينار المخصصة لبناء مركز النفايات ثم في ديسمبر 2004 صارت القيمة الجملية 29.000.000 دينار وذلك بحسب العقد المبرم بين لوكالة وشركة داويداق الألمانية المكلفة بالانجاز وبجلب المعدات والتجهيزات وصعدت هذه الكلفة زمن تدشين المركز في جوان 2009 الى حوالي 30.000.000 دينار.
حقيقة مصب تونس؟
وقال انه حسب التخطيط المسطر فإن جهة جرادو مخصصة لإقامة ثلاثة مواقع الموقع (الحالي) ثم موقع ثان وموقع ثالث وهذا ما برز في دراسة تعتبرها وكالة التصرف في النفايات ووكالة حماية المحيط «سرية» .
وأضاف: إذ اعتبرنا كمية النفايات السنوية 150.000 ألف طن ترسل جميعها الى المحطة المركزية منها 26.000 ألف طن للخزن و124.000 ألف طن للدفن فإننا سنجد أن نسبة 83% من النفايات يقع دفنها ولهذا السبب الواضح يطلق اسم «مصب تونس» على هذه المحطة المركزية ، ملاحظا ان مساحة منطقة جرادو هي مجرد مساحة عمادة وانه إحداث ثلاثة مواقع بها مساحة الواحد منها حوالي 80 هكتارا وبمجرّد طرح 50 هكتارا التي استلهمها بناء المحطة، فان البقية ستخصص لتصميم 190 مصبّا بحسب الموصفات العالمية (10.000 م ² المصب الواحد) . وهذا يعني تخريبا شاملا للأراضي الفلاحية وأن تصبح جرادو موطنا للمصبات الصناعية؟؟؟
إيقاف نشاط جرادو ولكن...؟
وأضاف محدثنا انه في 19 مارس 2013 حسمت المحكمة الابتدائية بزغوان في القضية وقضت بإيقاف نشاط المركز إلى حين إعادة هيكلته فنيا والتخلص نهائيا من الأحواض . وقال ان هذا الحكم قد بدا على غير ما كان يتمناه الطرفان المتنازعان : فأهالي جرادو عن طريق النائبين لهم ناصروا مقترح خبير الجيولوجيا أملا في التوصل إلى حكم بغلق نهائي للمركز. أما الوكالة والشركة الألمانية المستغلة وعن طريق النائبين لهما فلم تُبديا اي ميل يذكر لجملة المقترحات بل على العكس وصفتا مقترح خبير الكيمياء بالحل الفضفاض طالبتين الحكم بعدم سماع الدعوى، مضيفا ان نفس السلوك ونفس التحدي يبرز في ردود الجانب الألماني حيث أنه في 10 مارس 2011 ردت سفارة ألمانيا بتونس بشراسة على نجاح اعتصام أهالي جرادو وعلى لجوئهم واحتمائهم بالمحكمة التونسية لتنوير الحقائق ، كما قامت في 10 أفريل 2013 وعلى اثر صدور الحكم المذكور بتخصيص ما قدره 26 مليون دينار لتحسين هيكلة مركز النفايات وذلك بحسب تصريحات السفير «جانس بلوتنير» في إطار رسكلة وتدوير الديون التونسية البالغة 120 مليون دينار. وختم محدثنا بأن الطرف الألماني ومَن خلَفه لم يكفوا على الضغط على الحكومة التونسية بل مضوا في التصعيد والتضييق عليها حتى تتبنى أراءهم وقراراتهم وأنهم لذلك خططوا لتنفيذ طريقتين للتوصل على الأقل عبر إحداها إلى إعادة فتح المركز وذلك باعتماد الصيانة والإصلاحات التي يُقرّوها خبراؤهم الألمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.