أكد رئيس الحكومة السيد مهدي جمعة مساء أمس في الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية للصحّة المنعقدة بقصر المؤتمرات بالعاصمة أن هذا اللقاء يأتي تتويجا للحوار المجتمعي حول السياسات والاستراتيجيات والمخططات الوطنيّة للصحّة ولمسار تشاركي انطلق منذ عامين بهدف إعطاء دفع جديد للمنظومة الصحية الوطنية. كما يهدف هذا الحوار إلى تشخيص واقع القطاع الصحي بتونس وتقديم الحلول الكفيلة بإصلاح المنظومة الصحية بما يستجيب لتحقيق الديمقراطية الصحية والعدالة الإجتماعية. وبيّن رئيس الحكومة الحرص من خلال اعتماد هذا التمشي على تشريك كافة الجهات وجميع الأطراف المتدخلة في القطاع الصحي من مهنيين ونقابات مهنية وجمعيات ومنظمات وطنية وأحزاب سياسية وممثلي المجتمع المدني، مبرزا أن الإقبال الكبير الذي ميز هذا الحوار لدليل على الوعي بأن إصلاح المنظومة الصحية مشروع جماعي وهدف مشترك لكافة التونسيين والتونسيات. وأكد السيد مهدي جمعة بهذه المناسبة التزام الحكومة بإقامة نظام صحي ناجع للجميع يقوم على أساس الجودة والإنصاف بين الجهات على مستوى البنية التحتيّة والموارد البشرية وتحقيق العدالة في تونس، مضيفا أن الظرف قد أصبح ملائما لاقتراح إستراتيجيات وخطط عملية للرفع من نجاعة منظومتنا الصحية التي لا تزال، رغم تطور المؤشرات، تواجه عددا من التحديات وخاصة التفاوت الجهوي والاجتماعي والنقص على مستوى متطلبات الرفاه الصحيّ للمواطن عند وضع السياسات الإنمائية العامة للبلاد بسبب المركزية الإدارية. وأكد رئيس الحكومة في كلمته بالمناسبة أن الوقت حان لتحقيق توافق بين جميع الأطراف المشاركة في مسار تنمية المنظومة الصحية لمزيد النهوض برفاه المواطن باستنباط طرق كفيلة برفع التحديات التي يشهدها القطاع بسبب التحوّلات الديمغرافية والوبائيّة والارتفاع الكبير للنفقات الصحيّة سواء تلك التي تتحملها المجموعة الوطنية أو الأسرة التونسية. وأوضح السيد مهدي جمعة أن الحكومة تعمل جاهدة لتحقيق استمرارية القطاع العمومي للصحّة كقطاع مرجعيّ يمثِّل ملاذا لما يقارب من 80 % من طالبي الخدمات الصحية، كما أنها تسعى جاهدة لإيلاء مزيد من العناية بالقطاع الخاص باعتباره مكونا أساسيا من مكونات منظومتنا الصحية الوطنية وعاملا أساسيا للنهوض بتصديرِ الخدمات. وعبّر السيد مهدي جمهة عن أمله في أن تتمكن تونس بفضل معاضدة شركائها الدوليين وخاصة الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحّة العالمية من التوصل إلى توافق حول التوجهات المستقبلية للسياسة الصحيّة للعقدَيْن المقبلين تضمن في نفس الوقت إقامة النظام الصحي الذي تتطلع إليه ومساعدة الأسرة الصحيةبمختلف إطاراتها على القيام بعملها في أفضل الظروف الممكنة. كما أشاد رئيس الحكومة بالمناسبة بالحس الوطني العالي للتونسيين وبالمستوى الحضاري للمجتمع داعيا الجميع إلى مزيد البذل والعطاء وإعلاء قيمة العمل ومزيد الإنخراط في حملات النظافة وحماية البيئة والضغط على النفقات الصحية باعتبار أن الحفاظ على سلامة صحة المواطن هي مسؤولية الجميع،مؤكدا أن ضمان الحقّ في الصحّة رهان مطروح لا يمكن كسبه إلاّ بتظافر جهود الجميع وخاصة في هذا الظرف الانتقالي الدقيق. وفي ختام كلمته جدد السيد مهدي جمعة تأكيده أهمية أن يكون الإعلان الصادر عن هذه الندوة الوطنيّة مُعبّرا على تطلعات وطموحات المواطنين الذين شاركوا في مختلف محطات هذا الحوار، ومستجيبا للقيم التي تجمعهم ومُتماشيا مع الإمكانيّات الوطنية وجسامة التحديّات والرهانات التي يفرضها الواقع الصحي والتحوّلات الثّقافيّة والاقتصادية والاجتماعيّة والبيئيّة التي تعيشها البلاد مشيرا إلى أن الحكومة ملتزمة باعتبار صحّة المواطن في مقدمة اهتماماتها.