قسم الاستعجالي عاجز بسبب نقص الأطباء والمعدات، استقالة العديد من الأطباء وإيقاف آخرين، ونصيب الكاف من الانتداب صفر ينظم أهالي ولاية الكاف منذ أول أمس مسيرات احتجاج على الوضع الذي آل إليه مستشفى الكاف في المدة الأخيرة وخصوصا قسم الاستعجالي الذي عجز عن التعامل مع مصابي الإرهاب بما حتم نقلهم على عجل إلى مستشفيات العاصمة. كما يعاني العديد من أهالي الجهة من النقص الحاد في الأطباء والتجهيزات بما يجبرهم على الانتظار لعدة أشهر في مستشفيات العاصمة، مما دفع بعدد من ممثلي الأطباء والمجتمع المدني إلى التوجه أول أمس إلى وزير الصحة للحديث عن هذه «الوضعية الكارثية» كما يسمونها، وذلك بعد استقالة عدد كبير من الإطارات الطبية وشبهها في المستشفى الجهوي وإيقاف عدد آخر في إطار التحقيق في قضية التأمينات المتعلقة بتزوير محاضر حوادث مرور. كما عرفت جهة الكاف منذ بعضة أعوام عزوف أطباء الاختصاص، ليس فقط من الصحة العمومية بل كذلك من القطاع الخاص، وقد سبب هذا النقص كوارث صحية شهيرة منها وفاة امرأة شابة بسبب غياب أطباء توليد. ومما زاد في غضب أهالي الجهة وخصوصا الإطارات الطبية وشبهها هي أن وزارة الصحة قد انتدبت عددا كبيرا من الأطباء بعنوان 2014 لأغلب مستشفيات البلاد كان نصيب الكاف منه صفرا، رغم الوضعية التي ذكرناها سابقا. وكان وزير الصحة قد أدى إلى مدينة الكاف يوم 8 مارس الماضي زيارة تفقد وعمل، أين تحدّث عن إنشاء قطب صحي جامعي وكلية طب في الجهة لكن ذلك بدا أضغاث أحلام، لأن الواقع كان يزداد تدهورا كل يوم ويؤكد أن القطاع الصحي قد تراجع إلى الوراء وأن الوزارة لا تملك صورة دقيقة عن حساسية الوضع في هذه المنطقة، حتى أنها لم تنتدب لها طبيبا واحدا في إطار الانتدابات الأخيرة. وهكذا، بدا المستشفى الجهوي بالكاف في حالة تنذر بكارثة مع بداية شهر رمضان في منطقة مهددة بالإرهاب، لذلك قرر ممثلو المجتمع المدني وخصوصا الأطباء تكوين وفد وملاقاة الوزير لتحسيسه بخطورة الوضع الصحي بالمستشفى وما له من انعكاسات على صحة المواطنين. وتكون الوفد من السادة إبراهيم القاسمي كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل، وسمير مكاوي الكاتب العام المساعد والدكتور كريم النابلي عن نقابة أطباء المستشفى الجهوي بالكاف ورمزي البوزيدي هو جامعي وعمار ثليجان عن المجتمع المدني بالجهة، كما سارعت النائبة عن الجهة في المجلس التأسيسي السيدة منيرة عمري بالحضور والمشاركة في هذا الوفد. وقال السادة المشاركون في الوفد الذي توجه أول أمس إلى وزارة الصحة ل«التونسية» أنّ الوزير استمع إليهم بأدب وتفهم، ولكنهم خرجوا من مكتبه بلا شيء، سوى وعد بطرح الموضوع على اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد بعد الإفطار من يوم الأربعاء. وفي الأثناء، وفيما كان الوفد في مقر الوزارة، تسارعت الأنباء عن الكمين الذي أودى بحياة أربعة عسكريين في المنطقة الجبلية الرابطة بين ساقية سيدي يوسف والطويرف، وإصابة آخرين، وخصوصا عجز مستشفى الكاف عن توفير العلاج الأولي لهم بما تطلب المسارعة بنقلهم إلى مستشفيات العاصمة، وهكذا عاد أعضاء الوفد إلى الكاف، بمشاعر خيبة عميقة وهو ما أدى إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مستشفى الكاف، فيما دعت «الجبهة الشعبية» في الجهة إلى مسيرة بعد الإفطار للتعبير عن مشاعر الخيبة والغضب والاحتجاج لما آل إليه الوضع الصحي في الولاية، وقد التحقت أغلب المكونات السياسية بهذه المسيرة التي لم تحمل أية شعارات سياسية، لكنها عبرت عن حالة الاحتقان الذي تعيشه الجهة بسبب تردي وضعها في كل المجالات وخصوصا الخدمات الحكومية. كما دعا ناشطون في المجتمع المدني وسياسيون إلى تنظيم مسيرة أخرى ليلة البارحة الخميس أمام المستشفى الجهوي ثم إلى الإذاعة الجهوية بالكاف التي يتهمونها بالتقصير المهني الكبير وعدم اهتمامها بتطورات الحدث الإرهابي في ساقية سيدي يوسف حيث كانت في تلك الساعة تبث نكتا وتعاليق حول الأكل.