نظمت أمس الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بنزل المشتل ملتقى حول المجمّعين غير المنظمين (البرباشة) للوقوف على أهم المشاكل والصعوبات التي يواجهونها ولإرساء هياكل تنظم مجال عملهم وتحميهم من المخاطر المحدقة بهم. وفي هذا الإطار قال «الطيّب رمضان» المدير العام للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات انّ الهدف من هذا الملتقى هو إرساء هياكل للمجمّعين ومزيد تنظيم عملهم. وأضاف انّ هذا الملتقى هو تتويج للإجراءات التي قامت بها الوكالة الوطنية للتصرّف في النفايات خاصة في المصب المراقب ب«جبل شاكير»، مشيرا إلى انه تم بعث مشروع في هذا المجال والتنسيق مع عديد الوزارات للإهتمام ب«البرباشة». وكشف رمضان ان الملتقى تم بالتنسيق مع الوكالة الألمانية للتعاون الفني والشبكة الإقليمية لتبادل المعلومات والخبرات التي تنشط بين دول المشرق والمغرب ملاحظا أنه تم جلب خبرات دولية للإستفادة من تجاربهم في هذا المجال وأكدّ ان ظاهرة «البرباشة» موجودة في جلّ البلدان. وقال رمضان ان لدى مصر الكثير من المجمّعين و«البرباشة» وان الظاهرة موجودة بها بكثرة نظرا للكثافة السكانية وحجم النفايات، وقال انه سيتم خلال هذا الملتقى عرض التجربة المصرية في هذا المجال للوقوف على النتائج التي حققتها ملاحظا ان الملتقى يأتي لبلورة مشروع مشترك. وكشف رمضان أنّ الوكالة الألمانية للتعاون الفنّي خصّصت 500 مليون دينار لهيكلة القطاع وإخراج «البرباشة» من هذا الواقع غير المنّظم. وقال انه ومن خلال بعض الإحصائيات التي قامت بها الهياكل المعنية فإنّ حوالي 8 آلاف مواطن ينشطون في مجال النفايات ويجمعونها من الشوارع والطرقات والأحياء والمصبات في تونس العاصمة، وأكدّ ان العديد منهم يقدمون ما يجمعونه إلى وسطاء و«سماسرة» وان هؤلاء يستغلونهم ماديا. وقال انّ فئة قليلة منهم تقدّم النفايات إلى شركات مختصة في الرسكلة والتثمين، وأضاف ان الهدف من هذا الملتقى ومن هذه الورشات هو هيكلة القطاع وتنظيمه للحدّ من الدخلاء وللقضاء على إستغلال الأطفال في هذا المجال وكشف انه يتم دعمهم لمواصلة دراستهم عوض الإنقطاع عنها. وأكدّ رمضان ان هناك عدة تجارب ناجحة كالمغرب التي تدرج «البرباشة» ضمن مؤسسات وشركات خاصة لتنظيمهم وحمايتهم. أمّا «عمر الزواغي» مدير بالوكالة الوطنية للتصرّف في النفايات فقد قال ان عدد القطاعات المهمشة في تونس أو ما يعرف ب«البرباشة» في مجال جمع النفايات إرتفع بعد الثورة، وأضاف ان المجمّعين يقومون بفرز النفايات وبيعها، وان اغلبهم يقتاتون من المداخيل التي توفرها لهم النفايات. وأكدّ انّهم كوكالة وجدوا أنفسهم أمام خيارين: فإمّا منع المجمّعين من دخول المصبّات المراقبة أو التحاور معهم وهيكلتهم وتنظيمهم، وقال انهم خيروا اللجوء الى الحلّ الثاني وهو التحاور معهم ولكنّهم اصطدموا بغياب الوعي وعدم دراية العديد من «البرباشة» بالمخاطر التي تحدّق بهم بالإضافة الى عدم قيامهم بالتلاقيح الضرورية، وقال انّ المرحلة الأولى في هذا المشروع تنّص على تحسيس المجمّعين بضرورة التلقيح وأكدّ انه تم توفير التلاقيح الضرورية ل «البرباشة» ضدّ إلتهاب الكبد الفيروسي وضدّ عدة أمراض أخرى موضحا ان هذا البرنامج تم خلال سنة 2013 . وقال الزواغي ان الإنطلاقة في هذا العمل كانت ب«جبل شاكير» وأكدّ انه يضم حوالي 300 «برباش»، وقال انّ الأخطر في الأمر هو وجود أطفال دون 16 سنة وكذلك متقاعدين، وكشف انه يوجد حتى من هو في سن 85 سنة واعتبر انّ هناك من كان يعمل في الصحة أو في الفلاحة... وقال «جلبنا أطباء وتلاقيح ل «البرباشة»، وأكدّ انه تم منحهم قفازات لحمايتهم... وأضاف ان المشروع في هذا المجال أعمق بكثير من مجرّد توفير تلاقيح وان عدد الناشطين في القطاعات الموازية كالأسواق والطرقات يقدر ب 900 ألف شخص من بينهم 150 ألفا ينشطون في قطاع النفايات من بينهم حوالي 70 ألف «برباش»... وأضاف انّه سيتم في 2014 الإنطلاق في دراسة معمقة لإيجاد حل جذري لإدماج المجمعين في منظومة واضحة. وقال انه يتم توفير مبلغ 4 ملايين دينار من رسكلة المواد البلاستكية وكذلك من المواد المثمنّة في تونس، وأكدّ انه رغم ذلك فإنه لا يوجد أي مشروع ملموس أنجزته الدولة في مجال التثمين . ودعا الزواغي الى الأخذ بيد المجمعين ومساعدة «البرباشة» لأنهم يعتبرون حلقة أساسية في فرز النفايات. وأضاف انّ هذا الأمر إذا إستدعى إرساء قوانين جديدة فلم لا يتم ذلك ويصبح ل«البرباشة» تغطية إجتماعية وتقاعد. من جانبها قالت «عزيزة كوكي» ممثلة عن وزارة الشؤون الإجتماعية انّ الوزارة قامت بالإحاطة بالأطفال ال«برباشة» ومساعدتهم على العودة الى مقاعد الدراسة ولكنهم كانوا يصطدمون بواقع عودتهم دائما الى العمل في مجال جمع النفايات وبالمصبات، وكشفت ان العائلات هي التي عادة ما تشجع أبناءها على العمل بعدما تعوّدت على الحصول على الأموال. وأكدّت أن من أهم أسباب الإنقطاع عن الدراسة هو العمل في المصبات للبحث عن الرزق. واعتبرت كوكي ان ظروف الحياة القاسية هي التي تدفع الكثير من الأطفال والشباب للعمل في المصبات وان نابشي المزابل يأملون في تحسين ظروف حياتهم، ودعت الى تجريم عمل الأطفال بالمصبات والتكثيف من المراقبة لمنع دخول الأطفال اليها. وعلى هامش هذا الملتقى قال «منير حيزم» رئيس مركز تآلف لتنمية الجمعيات ل«التونسية» انهم يعملون في شكل مجموعة تتكون من عديد الجمعيات مضيفا انهم يرّكزون في عملهم الجمعياتي على اليتامى والطلبة. وأكدّ ان عديد الطلبة ينشطون في مجال جمع النفايات وأنهم يحاولون توفير منح دراسية للحدّ من عمل الطلبة في هذا المجال والتركيز على دراستهم وكشف انه تم إرجاع قرابة 25 يتيما الى مقاعد الدراسة ومنحهم منحا. وكشف حيزم انّ من بين الحالات التي لديهم شيخ مسنّ يبلغ 87 سنة من جبل الأحمر وقال انه ينشط في هذا المجال هو وأولاده وحتى أحفاده، وأنه يستيقظ الثالثة صباحا ويوصل أولاده بواسطة حمار ثم يوّزعهم على المناطق أحدهم في «النصر» والآخر في المرسى والأخر في مكان مغاير وكل شخص منهم لديه إختصاص إما جمع الخبز أو البلاستيك... وأكدّ انهم ينهون العمل في السادسة ليلا وهكذا دواليك، وكشف ان هذه العائلة والتي تتكون من 15 فردا توارثت هذه المهنة جيلا عن جيل وتقتات منها وان كل فرد منها ينقطع عن الدراسة يمتهن مباشرة هذه المهنة. من جهته كشف «فريد» احد مجمّعي النفايات (برباش) انه صاحب شهادة عليا إختصاص هندسة مدنية، وأضاف انّ لديه قرابة 10 سنوات في هذا العمل وأنه كان يعمل ويدرس في الوقت نفسه وانه بعد التخرج لم يجد عملا فإمتهن مهنة تجميع «النفايات» وقال انّ هناك عديد الصعوبات التي تعترض المجمعين، وكشف ان البعض منهم قد يتعرض للإصابة في يده أو للمرض وأن عملهم يكون في الليل وفي الشتاء وفي ظروف قاسية. واضاف انه يجني بين 20 و50 دينارا يوميا حسب طبيعة النفايات وساعات العمل. بسمة الواعر بركات