على عكس ما أسرّت به مصادر رسمية من رئاسة الحكومة المستقيلة ل «التونسية» (أنظر عدد أمس ص 5) من أنه من المنتظر أن يوافق صندوق النقد الدولي على تحرير أو تسريح القسط الثاني من القرض الانتمائي الاحتياطي لفائدة تونس علمت «التونسية» من مصادر مطلعة لدى دوائر القرار في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أنه لا توجد ضمانات كبيرة لتونس كي تتحصل خلال الأيام القادمة على القسط الثاني من القرض من طرف كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وانه تمت مطالبة الحكومة القادمة ببرنامج واضح لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية التي تخنقها ويبدو أن الكرة في شباك مهدي جمعة المطالب بتوجيه خطاب دقيق وواضح يطمئن به المانحين الدوليين الذين أصبحوا يشككون في قدرة تونس على الإيفاء بتعهداتها بخصوص الإصلاحات المطلوبة في المرحلة القادمة وهي إصلاحات تعتبر عاجلة ولا تتطلب وقتا كبيرا ومن بين هذه الإصلاحات مطالبة البنك الدولي بإيقاف هيمنة بعض العائلات على الاقتصاد التونسي وخصوصا على قطاعات صناعية معروفة حيث طالب البنك الدولي بتحرير قطاع الخدمات على غرار القهوة والسيارات وبعض الخدمات الأخرى المحتكرة فقط من طرف عائلات بعينها حسب ما نقلت المصادر .ومن الإصلاحات العاجلة التي يطالب بها الهيكلان الماليان الدوليان حوكمة القطاع البنكي ومراجعة أكيدة لقانون إفلاس الشركات وتسهيل الإجراءات الإدارية والدعوة لحوار وطني حول الاقتصاد التونسي . وأمام تفاقم الصعوبات واستبعاد مصادرنا أي إفراج عن القروض من طرف المانحين الدوليين قبل تشكيل حكومة جمعة وسماع خطابه في المجلس الوطني التأسيسي فإنه من المتوقع إما أن تعلن المؤسستان المانحتان تأجيل النظر في الوضع بتونس أو الإفراج عن جزء من بقية القرض . ويمكن القول إن اعلان وزير المالية الياس الفخفاخ عن عدم الترفيع في أسعار المحروقات سيزيد الوضع تأزما مع الصناديق الدولية المانحة باعتباره شرطا من شروط الإفراج عن القروض وكذلك باعتبار أن هذا الإجراء سيعمق من مسؤولية حكومة مهدي جمعة خاصة مع تأخر حكومة العريض في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والتي أشرنا إلى جانب منها وفي صورة تواصل حجب القروض عن تونس فان الحالة ستكون أكثر تعقيدا في الأشهر القادمة وخاصة بداية من شهر مارس القادم حيث أن الحكومة التونسية مطالبة بتسديد مبلغ 4000مليون دينار للمؤسسات الدولية المانحة وفي صورة عدم القدرة على خلاص هذا المبلغ فستخلق مناخا لانعدام الثقة بين تونس والدول والبنوك الدولية المانحة .