عرضت ليلة البارحة قناة «الجزيرة» تحقيقا حمل عنوان «مقتل عرفات: الجزيرة تكشف سرّ موته» في محاولة لاماطة اللثام عن سبب وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل بأحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس عام 2004 . ويتقصى الفيلم الحقائق التي أفضت مجتمعة لمقتل ياسر عرفات، أشهر زعيم عرفه الشعب الفلسطيني، والذي ارتبطت التحولات الكبرى في القضية الفلسطينية باسمه. تبدأ القصة في أكتوبر 2004 حينما ظهرت أعراض المرض على ياسر عرفات. لم يمضِ أكثر من شهر على ذلك حتى توفي.. دون معرفة الأسباب. بيد أن القصة لم تنته، فلدى وفاة عرفات كانت قناعة معظم الفلسطينيين أنه قد اغتيل، وعندما دفن دُفنت معه الإجابة على تساؤلاتهم الكثيرة. ثم توالت الفصول التي تذهب لوضع موت الزعيم الفلسطيني تحت عنوان الاغتيال السياسي. وكان الخبراء السويسريون أصدروا تقريرا حصلت «الجزيرة» على نسخة منه يؤكد وفاة عرفات مسموما بمادة البولونيوم. شهادات يقدم الفيلم شهادات من شخصيات كانت قريبة من الحدث، ومما يورده كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن ناصر القدوة -وهو ابن شقيقة عرفات وكان في عام 2004 يشغل منصب وزير الخارجية في السلطة الوطنية الفلسطينية- اتصل به وقال له «صائب، اتصل من فضلك بالأميركيين وقل لهم أن يطلبوا من الإسرائيليين إعطاءنا الترياق (مصل مضاد للسمّ) فقمت بذلك». ويورد أيضا تصريحات للطبيب الشرعي البروفيسور ديف باركلي ومنها «ليس هناك أدنى شك -في اعتقادي- في أن البولونيوم هو الذي أفضى إلى وفاة ياسر عرفات. ونحن الآن لدينا الدليل الدامغ على ذلك، فما علينا إلا أن نعرف من الذي قام بذلك». وبالنسبة لزوجة عرفات سهى وابنته الوحيدة زهوة، فإن أملهما معقود على القضاء الفرنسي إذ لا يزال التحقيق الجنائي الفرنسي الجاري في باريس بشأن جريمة القتل هو أفضل أمل لهما لمعرفة الجاني الذي قتل ياسر عرفات. جريمة القرن وقد ذهب التحقيق الذي اجرته «الجزيرة» الى ان الرئيس الفلسطيني الراحل توفي بعد حقنه بمادة مشعة يمكن ان تكون قد تناولها في دوائه أو طعامه أو شرابه خاصة بعدما بات الرجل محاصرا في مقر إقامته بعدما حولته السلطات الاسرائيلية الى سجن مؤقت واشرفت هي بنفسها على عملية تقديم الاكل والماء والدواء للرئيس الراحل ولم يستبعد الصحفي الذي أجرى التحقيق امكانية وجود حارس او مساعد خائن تولى مهمة حقن الرئيس الراحل بهذه المادة او دسها في شرابه ومأكله استنادا الى عديد المصادر. وذهب البعض الى حد اعتبار قضية اغتيال ابو عمار الاعقد على الاطلاق فيما وصفها البعض الاخر بانها جريمة القرن حسب تعبير سهى زوجة الرئيس الراحل ووصل بشق اخر علىى غرار صائب عريقات والقدوة الى حد الحديث عن وجود مؤامرة خبيثة . وأوضح عريقات خلال التحقيق ان القدوة طلب منه الاتصال بالامريكيين وحثهم على اقناع الاسرائيليين لاعطائهم الترياق ( المصل المضاد المضاد للسم ) لمساعدة الرئيس الراحل على التخلص من السم بجسده حتى تدب الحياة في كافة انحاء جسده الذي بدى في حالة يرثى لها الا ان الموت كان اسرع . من جانبه قال شعث انه عندما انتقل عرفات الى جوار ربه انتابت عديد الاطراف شكوك حول اغتيال ياسر عرفات, مما طرح مسألة تشريح الجثة , مضيفا ان الفرنسيين لم يتبنوا هذه الفكرة ولم يشجعوا السلطة الفلسطينية على انتهاج هذا المسلك ( اي التشريح ), ومن جانبها اقرت سهى انها كانت تعارض فكرة تشريح جثة ابو عمار والاقتصار على اخذ عينات من دمه وبوله وهي موجود في المستشفى الفرنسي الذي اخفى العينات وابعدها عن الانظار لكن ظهرت فيما بعد, وعزت سهى قرار رفضها الى رمزية الشهيد عرفات ومكانته لدى الشعب الفلسطيني. وأوضح القدوة انه لم يخطر على بالهم منذ الوهلة الاولى ان عرفات مات مقتولا باستخدام سم البلوتونيوم المشع . عباس يتصل بهولاند و طفت قضية اغتيال الشهيد ياسر عرفات على السطح سنة 2012 واتخذت منعرجا اخر واعيد فتح بعض الملفات ذات العلاقة بقضية الاغتيال, وهو ما دفع بالرئيس الفلسطيني الحالي الذي - اعرب عن استيائه مرار من بعض وسائل على غرار الجزيرة التي اجرت تحقيقا لفت الانظار الى قضية مقتل الرمز عرفات معتقدا ان التحقيق فيه اشارة الى تاجيج الاوضاع لاشعال ربيع عربي في فلسطين حسب الصحفي الذي قام بالتحقيق – بالسلطات الفرنسية والتقى بالرئيس «فرنسوا هولاند لاطلاعه على معطيات جديدة ذات صلة بالملف . و قد اعتبرت سهى ان قضية الاغتيال اصبحت معركتها باعتبار انها تحولت الى ملف جنائي, وقد اختلفت سهى عرفات ومحاميها مع السلطة الفلسطينية حول موعد تشريح جثة الرئيس الراحل, خاصة وان الفريق اكد ان مادة البولونيوم سريعة الاضمحلال من الجسد . ماهي اخر وجبة تناولها عرفات ؟ ماهي اخر وجبة تناولها عرفات ؟ كان هذا السؤال الذي طرحه المحققون على سهى لكنها اعلمتهم انها لم تكن مع ياسر عرفات في ايامه الاخيرة وأنها لا تعلم ماذا تناول بالضبط . و فيما بدأ العد التنازلي لموعد استخراج الجثمان تعالت اصوات بعض اصوات الرافضين لهذه الفكرة من بينهم القدوة الذي قال :» لا ادعم فكرة استخراج الجثة...» وقد بدا متشنجا عند اعلان عباس قرار الموافقة على تشريح الجثة, فيما تعلل بعض الرافضين لاستخراج الجثمان بالشريعة الاسلامية التي قالوا انها تمنع التشريح لكن سرعان ما خرج الشيخ «تيسير التميمي» صديق الرئيس الراحل لتفنيد هذا الادعاء . و قد تحدث الصحفي عن عديد الصعوبات التي واجهها خلال قيامه بالتحقيق منها مضايقات السلطة الفلسطينية التي كلفت مجموعة من الأشخاص بمراقبة الفريق الصحفي والتنصت عليه وصلت الى حد تفتيش عرفهم بالنزل الذي يقيمون فيهم ومنعهم من التحدث الى عدد من الاطراف التي لها صلة بالملف, وركز الصحفي على عدم تعاون السلطات الفلسطينية معه لاجراء التحقيق . الطبيب يقبل جبين عرفات عند استخراج جثمانه و سمحت السلطات الفلسطينية لطبيب فلسطيني واحد كان قد جمعته لقاءات سابقة بعرفات بلمس الجثة, واخذ العينات التي سيتم نقلها فيما بعد الى المخابر الفرنسية والسويسرية والروسية, وقال الطبيب الفلسطيني:» لقد شاهدت شعر لحيته, لقد لمست جبهة ابو عمار وقبلت جبينه...». وأثبت هؤلاء الخبراء وجود المادة بمقادير تصل إلى 18 مرّة ضعف المقادير العادية في سياق تقرير صدر في 7 نوفمبر الجاري وسلمت نسخة منه إلى أرملة عرفات التي سبق أن رفعت قضية أمام القضاء الفرنسي. كما تسلم رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية بوفاة عرفات اللواء توفيق الطيراوي نسخة ثانية من التقرير السويسري. و قدم التحقيق الذي اجرته قناة الجزيرة عديد المعطيات الجديدة واماطت اللثام عن عديد الحقائق التي رافقت عملية اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل, لكنها لم تتوصل الى المسؤول المباشر عن مقتل عرفات الذي دفن اللغز معه الى حدّ الآن.