يوجد بفرنسا في مجال التهيئة الترابية والتصرّف في الأراضي بيعا و شراء و خدمة و استغلالا ما يُعرف ب " طريق الحمير " . يُقصد أساسا تلك المسالك والمعابر داخل الأراضي التي يشقّها الحمار سيرا .. لمن لا يعلم ، فإنّ المخطّطين للمناطق الوعرة عندما تستعصي عليهم جهة ، خاصة إذا كانت جبلية ، غالبا ما يستنجدون بالحمار لوضع رسم لأفضل وأقصر مسلك فيها وذلك بانتهاج تجربة " ردّ الفعل الاشتراطي " للعالم الروسي " بافلوف " ، بان يُدرّب الحمار على المكان الذي سيجد فيه العشب ثمّ ينقل الى نقطة بداية رسم المسلك محمّلا بكيسين مثقوبين من مادّة الطباشير ، يُترك في الطريق وحده ، ليكتشف المخطّطون انّه انتهج من المسلك الأفضل والأقصر والاقلّ وعورة .. بعد هذا لمَ نستغرب عندما ينتصر البعض للحمار ، كما حصل مع الفنان المصري زكي طليمات الذي اسّس عام 1930 جمعية الحمير، بلغ عدد اعضائها 30 ألف شخص كان من بينهم عميد الادب العربي طه حسين والكاتب عباس محمود العقاد واحمد رجب والفنانة نادية لطفي والمبدع الكبير توفيق الحكيم الذي ألف كتابا حول الحمار . او ما عاشه العراق مؤخّرا في ظلّ وضعه المأساوي من تأسيس " حزب الحمير " وقد تأكد للجميع و اقتنعوا أنه الحزب المختلف عن باقي الأحزاب، اذ اعلن كونه حزبا غير قومي، بعيدا عن المذهبية المقيتة ، لا يحلم بالسلطة الانفرادية او الاستئثار بالحكم ، بل يؤمن بالتواضع أساساً للحياة بما ميّزه عن بقيّة كلّ الأحزاب . في امريكا الحزب الاهمّ الثاني هو الحزب الديمقراطي ، شعاره حمار الذي يعدّ اليوم ايقونة سياسية و رمزا انتخابيا لاحد اعرق الأحزاب في العالم . حكاية اختيار الحزب لشعار الحمار تعود الى عام 1828 عندما تهكّم منافسو احد المترشحين لرئاسة امريكا و هو " أندرو جاكسون " الذي رفع شعار " لنترك الشعب يحكم " ، فلم يجد من ردّة فعل تجاههم الاّ ان استخدم في ملصّقاته الانتخابية صورة حمار .. ليصبح من ذلك الوقت رمزا رسميا للحزب الديمقراطي . المعلوم كذلك عند أهل البادية انه لا يمكن ان يهدّىء الحصان الهائج إلا الحمار، حضوره هو وحده قادر على كبح جماح غضبه والحدّ من ثورته وتمرّده على صاحبه !. سأل احدهم شخصا هل تعرفني؟ فأجاب لا، ولكنني اعرف حمارك ردّ عليه ،معك حق فكل الحمير تعرف بعضها.!