من حسن حظّي .. أنَّني قاربت طوال مسيرتي المهنية ، مهنة المتاعب ، شخصيتين تطبعان المرحلة الرّاهنة من تاريخ تونس اليوم .. رئيس الجمهورية السابق منصف المرزوقي ، و رئيس الجمهورية الحالي الباجي قائد السبسي ، بالمناسبة لمن لا يعلم فساكن قصر قرطاج حاليا لم يعمل في المحاماة و يشتغل بالسياسة فحسب ، بل باشر لفترة العمل الصحفي ، الاهمّ تولّى إدارة احدى اعرق المؤسسات الصحفية وهي التي كانت تصدر عنها صحيفتان معارضتان " الرأي " و " ديمكراسي " بالفرنسية . تولّى السيد الباجي قائد السبسي ادارة تحرير " الرأي " عند مرض صاحبها السيد حسيب بن عمار الذي اجرى عملية جراحية على القلب المفتوح .. كنت شخصيا أباشر مسؤولية رئاسة التحرير ، وكان من بين الكتّاب في " الرأي " وقتها منصف المرزوقي القادم حديثا ، من غربة طويلة بفرنسا .. كانت توجّهاته العروبية و القومية لا تلقى تجاوبا كبيرا داخل أسرة " الرأي " التي في اغلب منسوبيها من ذوي التوجّهات الّليبرالية .. كان المرزوقي طموحا مستعجلا بشكل غير طبيعي ، يريد ان يكون له موقع داخل النخبة ، يبحث التواصل معها بايّ من الطرق . يحضر المرزوقي احيانا اجتماعات التحرير ، لا تلقى مواقفه تجاوبا ، فهو بالنسبة لاصحاب الجريدة يبقى شخصا " غامضا " ، لا يستقرّ على موقف او رأي .. و غالبا ما يفاجىء من يقاربونه او يتعاملون معه بردود فعل غير متوقٌعة ، كما حصل قبل ايّام في حوار تلفزيوني أجراه مع قناة تلفزيونية بمقترح إسناد جائزة لأجمل إشاعة و هي " الخيشة " الذهبية و جائزة لأجمل اكذوبة و هي " السبركة " و هي اسماء فاجأت الصحفي محاوره الذي يجهل قاموس أدوات التنظيف لدينا نحن الذين حكمنا المرزوقي ..! لكن ما قد يكون غاب عن " صاحب البرنوس "انّ فعل تكنّس يعني لغة ، الاستتار و التّواري !!!!