في مثل هذا اليوم 13 ماي من سنة 2007 انتقل إلى عفو ربه صديقنا وصديق العائلة الحبيب شيبوب رحمه الله وبوفاته خسرت الذاكرة التونسية أحد أهم رواتها فقد كان خزانة متنقلة من الظرف والأدب والتاريخ تروي أخبار الأسلاف من أدباء وفنانين وشيوخ علم وتصوف وسياسة بدقة تنبئ عن ذاكرة حديدية فأيام كنت بصدد البحث عن مقالات محمد الصالح المهيدي في الجرائد والمجلات كنت أخبره بعثوري على مقال ما فيسرع بوصف الصفحة والمقالات الموجودة بها يمنة ويسرة فقد كان يحفظ القصيد من سماع واحد، طوال حياته لم يتوقف المرحوم عن كتابة الرسائل والاتصال بالأدباء في مختلف الأقطار العربية ومن النوادر أنه كان يعرف القاهرة شارعا شارعا وحارة حارة يروي ما يدور فيها من أحداث وأخبار تهم هذا الشاعر أو ذلك الفنان رغم أنه لم يزرها، ومن النواحي المسكوت عنها لدى المرحوم أنه لم يكن يقبل الضيم أبدا فقد كان الشعر وسيلته المفضلة لردّ غائلة المعتدين إذ كان يكتب هجائيته ثم يرسلها إلى المهجو عن طريق البريد وقد مكنني رحمه الله من البعض منها فقد كان هجاؤه حادا مقذعا لا يبقي ولا يذر ولم يتجرأ أي واحد من الذين هجاهم على أن يتقدم بشكاية فيه لأن ذلك سيكفل انتشارها ويوسع من دائرة قرائها ومما أذكر أن أحد الذين هجاهم حالما وصلته القصيدة سارع إلى القدوم إلى مقهى حمدون في باب سيدي عبد السلام حيث كنا نجلس يوميا معتذرا لسي الحبيب راجيا منه أن لا يوزع القصيد فقصائده رحمه الله مؤذية يستعمل فيها مصطلحات التحقير والاتهام الدارجة في الخصومات اليومية لدينا ولكن بعربية قريبة من العامية مما ييسر حفظها، ولصداقاته المتنوعة كان يبادر برثاء الذوات التي أضافت إلى الوطن وحفظت ذكره كأحمد خير الدين وجلال الدين النقاش ومصطفى خريف وغيرهم، لما توفي الطاهر غرسة في 10 جوان 2003 رثاه الحبيب شيبوب بقصيد أعتقد أنه آخر مرثية له قبل أن يغادر الدنيا نشرت في جريدة الصريح بتاريخ 14 أكتوبر 2003 رحمهم الله جميعا وأجزل ثوابهم بقدر ما أحبوا هذا الوطن.