شركة السكك الحديدية تعلن عن إستئناف سير القطارات على الخط صفاقس/المتلوي وصفاقس/قابس صباح الجمعة    قريبا في تونس: إسناد بطاقة ''الفلّاح'' المهنية    مركز النهوض بالصادرات يطلق دعوة للمشاركة في بعثة مشترين من نيجيريا إلى تونس    تحذيرات من ارتفاع الديون في العالم وسط تراجع النمو    قطيعة بالتراضي بين الإتحاد المنستيري ومدرب فريق الأكابر    الرابطة 1 : حوار الصدارة بين الاولمبي الباجي والنادي الافريقي يقفز الى الواجهة    اريانة/ ايقاف مروج مخدرات وهذا ما تم حجزه..    اردوغان يكشف جنسية منفذي هجوم أنقرة..    الأولمبي الباجي: نجم الفريق يغيب عن مواجهة النادي الإفريقي    خطير/ حجز 618 كلغ من الجبن الفاسد في مخزن عشوائي بهذه المنطقة..    عاجل/ منخفضات جوية جديدة وعودة الأمطار الى غاية هذا التاريخ..    نواب: يجب مساءلة وزارة المالية عن نسب النمو السلبية قبل الحديث عن ميزانية 2025    مدنين: تاخير موعد فتح موسم صيد الاخطبوط الى يوم 15 نوفمبر المقبل    22 دار نشر تشارك في المعرض الدولي للكتاب بقابس    تونس في أقلّ من شهرين: إيقاف 700 مفتّش عنه قرب المؤسسات التربوية    الاهلي يتوج بكاس السوبر المصري على حساب غريمه الزمالك    المنتخب الوطني للرقبي يشارك في كأس أمم إفريقيا المقبلة    هذا ما تقرر في حق رجل الأعمال محمد فريخة    حزب الله يعلن قصف قاعدة الكرمل جنوب حيفا بصواريخ نوعية    شقيقة سيرين المفقودة: ''اتّصل بنا طفل وطلب 50 مليون''    جلب الارهابي معز الفزاني للمحاكمة...    وفاة الممثل ''تيكين تيمال'' أحد أبطال ''قيامة أرطغرل''    اختيار معهد باستور لتطوير إنتاج لقاحات الحمض النّووي الريبوزي المرسال    عاجل/ إستشهاد 3 صحفيين في قصف صهيوني استهدف مقر إقامتهم جنوب لبنان    حوادث: 439 مصاب خلال 24 ساعة..    بالفيديو: محرز الغنوشي يكشف المناطق المعنية بأمطار ''الويكاند''    الكرم الغربي : ايقافات بالجملة لعدة عناصر اجرامية خطيرة    باجة: إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة    المطالبة بالترفيع في عداد التاكسي من 900 مليم الى دينارين    هام/ اجراءات جديدة لضمان ديمومة هذه الشركات..    وزير الإقتصاد يجري سلسلة لقاءات في واشنطن ويوقع على اتفاقية ضمان تمويل.    إختيار معهد باستور لتطوير إنتاج لقاحات    جراح يستأصل أوراما دماغية بحجم تفاحة كبيرة    طقس الجمعة: ضباب محلي وأمطار متفرقة خلال الليل    استشهاد3 صحفيين في غارة إسرائيلية على مقر إقامتهم بجنوب لبنان    وزير الخارجية يؤكد التزام تونس بقيم الأمم المتحدة ويدعو إلى إصلاح النظام الدولي لتحقيق العدالة    المعهد الفرنسي بتونس يُطلق "مشروع عليسة" لدعم الإبداع وتعزيز المشهد الفني في تونس    الكشف عن قائمة المرشحين لجوائز 'كاف 2024': التفاصيل    الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي تقرّر الترفيع في سعر القهوة إلى 200 مليم كحد أقصى    قوات الاحتلال تقتحم مستشفى كمال عدوان و28 شهيدا بخان يونس    السعودية.. بدء بناء أكبر مبنى في العالم بكلفة 50 مليار دولار    جوزيب بوريل: "عدد ضحايا القصف في لبنان من المدنيين غير مقبول"    فيما انتشرت مظاهر التلوث بأنواعه .. الإسلام أمرنا بطهارة الظاهر والباطن !    خطبة الجمعة...فلسفة الإصلاح بين الناس    رحل أحد رموز الفن التشكيلي في تونس...وداعا الأمين ساسي    اليوم بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة...«عين المحبّة» عرض موسيقي مجاني دعما للمبدع التونسي    منبر الجمعة ...الوكيل والكفيل !    اختراق علمي هام يكشف أسرار بيولوجيا طيف التوحد    غدا: الكعبة المشرفة تشهد ظاهرة فلكية    حضور تونسي هام للتعريف بتظاهرات ثقافية في المهرجان الدولي للفنون طريق الحرير في شانغهاي بالصين    الرابطة الأولى: تغيير توقيت مباراة النادي الصفاقسي وترجي جرجيس    الأسبوع القادم: مسبح بلفيدير يفتح أبوابه.. وهذا سعر الحصة الواحدة    المنتخب التونسي للرقبي ب7 لاعبات يشارك يومي 9 و10 نوفمبر المقبل بأكرا في كاس افريقيا للامم    الساحة الثقافية التونسية تفقد الفنان التشكيلي الأمين ساسي    عاجل : الداخلية تعلن ان حملة ملاحقة مروجي المخدرات جاءت تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية    طبيب الفنان أحمد سعد يصدم جمهوره: التفاصيل    نحو استقدام اطارات طبية وشبه طبية تونسية للعمل في الكويت    أيوب اليزيدي: من ولد بلاد إلى علامة تجارية في الستريت وير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : آية في الصوم هي من " المشكل في القرآن "
نشر في الصريح يوم 27 - 05 - 2019

إن المشكل من القرآن هو مبحث في الدراسات القرآنية تفطن إليه العلماء القدامى وألفوا فيه مؤلفات عدة كما أن المحدثين من علماء ومفكرين معاصرين قد اعتنوا هم كذلك بهذا الصنف من الدراسات فظهرت في العصر الحديث كتب عدة تناولت الآيات التي تثير إشكالا في الفهم لدى المتعامل مع كتاب الله والتي يعتقد في كونها متناقضة أو متضاربة أو تحتاج إلى تأويل لكونها قد تحدث اللبس والغموض في الفهم والصعوبة في إجلاء المعنى . وهذا النوع من القرآن هو ليس من نوع المتشابه الذي ذكره الله في سورة آل عمران في قوله تعالى " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم .. " فالمشكل من الآيات القرآنية ليس هو المتشابه من القرآن الذي خفي معناه وعسر فهمه إلا بتأويل من ذوي العلم والمعرفة الراسخين في العلم والذي يحتمل أكثر من معنى وإنما المشكل من القرآن هو آيات قراءتها الظاهرية والحرفية قد تثير الغموض والتناقض الأمر الذي يحتاج معه إلى إزالة الاشكال باستعمال أداة من أدوات الفهم كالناسخ والمنسوخ أو تطبيق قاعدة تقييد المطلق وتخصيص العام ومن الأمثلة على هذا المشكل من القرآن قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون " البقرة / 184.
فهذه الآية تبدأ بخطاب عام يقر مبدأ عاما وحكما عاما موجها إلى عموم المؤمنين وكافة المسلمين يخبرهم فيه بأن الصوم فريضة عليهم في مدة محددة وزمن معلوم ثم يتنقل الخطاب الإلهي إلى الحديث عن فئة من هؤلاء المؤمنين استثنوا من هذا المبدأ العام وموقعهم خارج هذا الحكم وهذه الفئة التي تتمتع برخصة في الإفطار في رمضان هي فئة المرضى والمسافرين.
إلى حد الآن الخطاب الالهي واضح ولا لبس فيه ولا يثير إشكالا غير أن المقطع الذي يأتي بعد ما سبق من حديث قد أحدث اللبس وأوقع الإشكال في الفهم وهو قوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " فهل هذا المقطع معطوف على ما قبله من حديث فتكون الفئة التي تقدم الفدية على عدم صومها رغم رخصتها في الإفطار هي فئة المسافرين والمرضى أم أن العطف هنا يشمل المخاطبين في أول الآية وهم عموم المسلمين ليكون الخطاب هنا معني به فئة الصائمين القادرين عليه وبالتالي يكون المعنى أن من يطيق الصوم مطلقا والقادرين عليه بإمكانهم الافطار مقابل تقديم فدية للمساكين ؟
فالمشكل في هذه الآية هو معرفة هل أن الاستثناء من واجب الصوم في الخطاب الإلهي معني به عموم المسلمين أم أن الخطاب هنا موجه إلى الفئة التي رخص لها الله بالإفطار بسبب مرضها أو سفرها؟ لقد صور الإمام البغوي في تفسيره هذه الحيرة ونقل اختلاف العلماء في فهم هذه الآية المشكل حيث أنهم لم يجدوا من مخرج لهذه الحيرة في الفهم إلا باللجوء إلى استعمال آلية الناسخ والمنسوخ معتبرين أن قوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه ... " منسوخة بما جاء بعدها من القرآن في قوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " البقرة / 185 بمعنى أن من ذهب إلى هذا الفهم قد اعتبر أن المخاطب بالإفطار مقابل تسديد فدية هم عموم المسلمين الذين توجه إليهم القرآن بالخطاب في أول الآية بوجوب الصيام " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " وبهذا الفهم يكون المعني بتقديم الفدية هو المسلم العادي الذي يطيق الصوم وبإمكانه أن يفطر مع قدرته عليه مقابل تسديد فدية مقررة للمساكين.
ولكن إلى جانب هذا الفهم هناك رأي آخر ذهب إليه قتادة من التابعين يقول بأن الآية خاصة في حق الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ولكن يشق عليه فرخص له الله في أن يفطر ويفدي عن أيام فطره ثم نسخ الحكم. أما الحسن من التابعين فقال هي للمريض الذي يستطيع الصوم فخير بين أن يصوم وبين أن يفطر ويفدي ثم نسخ الحكم بقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه "
واختار الإمام الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب حلا آخر لهذا الإشكال الذي تثيره الآية وهو أن الفدية مقابل الإفطار معني بها المريض والمسافر الذين يطيقان الصوم على اعتبار وأن هناك من هذه الفئة من يطيق الصوم ويمكن أن تتحمل المرض وبالتالي يمكنها الصوم رغم أن الله قد رخص لأصحابها بالإفطار وفي هذه الحالة يكون المريض والمسافر مخيرين بين أن يصوما أو أن يفطرا مع تقديم فدية ثم نسخ حكم التخيير بالنسبة للمطيق من المسافر والمريض وأوجب عليهما الصوم أي أن النسخ في هذه الآية حسب الإمام الرازي يخص حكم التخيير بالنسبة إلى المريض والمسافر القادرين على الصوم ليصبح الحكم المتعلق بالآية هو وجوب الصوم الذي يسري على المريض والمسافر المطيق للمرض والقادر على الصوم .
هذا جانب من الحيرة التي نجدها في كتب تفسير القدامى ولكن ألا يمكن فهم هذه الآية من سورة البقرة بطريقة أخرى وكيفية مختلفة من دون استعمال لآلية الناسخ والمنسوخ ليكون الفهم الذي نقترحه لإزالة الإشكال هو أن القرآن قد أقر مبدءا عاما وأقر استثناء له فالمبدأ العام هو وجوب الصيام لجميع المسلمين القادرين عليه والاستثناء هو لفئة من المؤمنين في وضعية المرض الشديد أو السفر البعيد الجالب للمشقة ولكن داخل هذا الاستثناء هناك من يطيق الصوم ويقدر عليه رغم المرض والسفر يتولى تقديره الفرد بنفسه أو بالاستعانة بطبيب من أهل الاختصاص فهذه الفئة قد سمح الله لها بالصوم رغم الرخصة بالإفطار التي يتمتعون بها وهذا هو المقصد من قوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ... وإن تصوموا خير ا لكم " وبالتالي فإن العطف في هذا المقطع من الآية يخص المقطع الذي سبقه وهو قوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " وبعد بيان هذه الوضعيات يحسم القرآن المسألة بالنسبة إلى المخاطبين بخطاب وجوب الصيام ( وهم القادرون على الصيام بدءا والقادرون عليه رغم مرضهم وحالة سفرهم ) بقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " وبهذا الفهم وهذه القراءة لهذه الآية في كليتها وباعتبارها وحدة متكاملة يحكمها بيان واحد متناسق يزول المشكل وينتهي الغموض وتنتهي الحيرة من دون حاجة إلى استعمال آلية النسخ لعدم وجود ما يدل عليه في النص القرآني. فما رأي الشيخ السلامي فيما ذهبت إليه ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.