تولى صباح اليوم الخميس علي العريض رئيس الحكومة بقمرت الاشراف على افتتاح اشغال المجلس الوطني للجباية الذي خصص لتقديم المشروع الأولي لإصلاح المنظومة الجبائية بحضور عدد من أعضاء الحكومة ونواب المجلس الوطني التأسيسي. وقال :"بلادنا اليوم في امس الحاجة الى الوحدة الوطنية من أجل رفع التحديات خاصة منها التصدي لمخاطر الارهاب والعنف والفوضى والمغالطات التي من شانها ان تشعل النعرات وتبث الفرقة" مضيفا "بلادنا اليوم في حاجة للهدوء والعمل لا للاضرابات والاضطرابات...بلادنا في حاجة الى الوعي بامكانياتها وقدراتها والوعي بالواقع والمعطيات كما يمكنها بالفعل من الخروج الى الوضع الأفضل...بلادنا في حاجة الى التوافق على الدستور وعلى حكومة توافق وطنية تسمح بمواصلة العمل وانجاز متطلبات المرحلة والمرور الى انتخابات حرة عامة ونزيهة ينتظرها الجميع".، وفق ما أوردته رئاسة الحكومة. كما أعرب رئيس الحكومة عن أمله في ان يبقى جميع التونسيين يقظين حذرين من كل ما يمكن ان يهدد ثورتهم ، مجددا تعهد الحكومة بمواصلة العمل الدؤوب وفاء لدماء الشهداء ووفاء لكل أبناء الشعب التونسي دون استثناء. مكاسب اجتماعية وقال رئيس الحكومة أن نتائج كبيرة تحققت في مجال التزويد بالماء الصالح للشراب وتهيئة المساك الريفية وتوفير موارد الرزق بالتوازي مع انطلاق انجاز المشاريع ذات البعد الاجتماعي التي من شأنها ان تقضي على ظواهر الاقصاء والتهميش وتحقيق العدالة الاجتماعية وتقلص من التفاوت الجهوي وتمنع كل تفاوت في توزيع الثروات كاشفا عن أن الحكومة ستنشر معطيات إحصائية حول هذه المسائل قريبا. كما لفت النظر إلى انه تم الترفيع في المنح المخصصة لفائدة العائلات المعوزة وزيادة عدد المنتفعين إضافة إلى البدء في تنفيذ برامج مشاريع للتنمية المندمجة التي شملت سبع ولايات من بينها الكافسليانة،سيدي بوزيد، قفصة وتطاوين حيث تتوزع هذه المشاريع على 36 معتمدية بقيمة مالية قدرها 200 مليون دينار وأنه تمّ هذا اليوم إمضاء وثيقة البدء في تنفيذ برامج هذه المشاريع. وأوضح علي العريض ان حكومته بذلت جهودا كبيرة لفائدة عائلات شهداء وجرحى الثورة والمتضررين بشكل عام من ممارسات النظام السابق والمتمتعين اليوم بالعفو العام بما يمكّن من تسهيل عملية ادماجهم في الدورة الاقتصادية والاجتماعية اضافة الى تسوية وضعية 6 ألاف من وضعيات عمال المناولة وانتدابهم وطمأنتهم على موارد رزقهم ومستقبلهم وذلك بالتوازي مع ضبط برنامج مدّته 5 سنوات ويشمل تسوية وضعيات 20 الف من العاملين وفق "الالية 16" والذين عملوا لسنوات طويلة بأجور زهيدة سيما في الادارات ومختلف المواقع الاخرى والسعي في نفس الوقت إلى تسوية وضعية 4 ألاف من هؤلاء كل عام. مضيفا أن الحكومة عملت ولاتزال بحرص شديد مثلها مثل الحكومات التي سبقتها بعد الثورة على الإلتزام بكافة تعهداتها وهي تعمل حاليا بنفس الحرص رغم بعض الكلام الذي أكد رئيس الحكومة أنه في جزء كبير منه يعد توظيفا سياسيا ومبالغات وأحيانا تجن على العمل المتواصل والدؤوب للحكومة ولمختلف المصالح الاخرى. ملف الدّعم وقال رئيس الحكومة ان دعم الدولة للمحروقات ومواد النقل والمواد الاساسية تضاعف أكثر من 3 مرات بما دفع الى اجراء تعديلات وذلك بعد دراسة مستفيضة بحيث لن يتم المس بأي شكل من الاشكال بالطبقات الضعيفة او المتوسطة. وحول ما يتم تداوله في ما يهمّ الترفيع في كلفة استهلاك الماء والكهرباء بين ان ذلك سيشمل شريحة الفئات القادرة وذات الدّخل المرتفع والتي يتسم استهلاكها للطاقة بالافراط بما يمكن هذه الشريحة من المواطنين من الوعي بأهمية المحروقات. وأشار الى ان السيارات الشعبية من فئة 4 او 5 خيول تمثّل حوالي نصف أسطول السيارات بالبلاد وتكلف الدولة دعما يقدر ب 250 دينار سنويا للسيارة الواحدة وأن توجيه الدعم وترشيده بالنسبة للمواد الاساسية والمحروقات يخضع لمبدأ مستوى الدّخل و يضع في الإعتبار عامل الإفراط في الإستهلاك وأن التعديل في منظومة الدعم وترشيدها هدفه تقليص العبء العام حسب الفئات الاجتماعية وأن هذا لن يجلب فقط مداخيل مالية إضافية للمجموعة الوطنية بل من شانه ان يشعر المواطن بالتداعيات السلبية لإهدار الطاقة وما وراء ذلك من تبذير للمال العام. وبين ان هذه المساهمة الجديدة في منظومة الدعم من قبل فئة من المواطنين لا تمثل إثقالا على كاهل المواطنين من الفئة الضعيفة أو المتوسطة مجددا التاكيد على ان الاجراءات والتعديلات لن تمس بالمرة الطبقة الضعيفة والمتوسطة وما يقال عكس ذلك مبني على عبارات لبعض الأطراف من قبيل "سمعنا" و"قالوا" والتي لا اساس لها من الصحة،وهؤلاء الاشخاص عليهم بإتيان الدليل على ما يقولون". وأوضح علي العريض ان الحكومة اجرت حزمة من الإصلاحات الناجعة من أهمها إلغاء مديونية أكثر من 75 الف فلاح لا تفوق مديونيتهم 5 آلاف دينار الى جانب استثناء الفئات التي يفوق دخلها السنوي 5 ألاف دينار من دفع الأداءات الضريبية،وهو ما يعني زيادة صافية في الشهر الواحد بحوالي 40 دينار لمن دخله الشهري 400 دينار . وتحدث رئيس الحكومة عن بعث مؤسسات صحية وعن اعتماد معايير لإنشاء عدد من كليات الطب في بعض الجهات وذلك من خلال الاتفاقيات مع الدول العربية والأجنبية ذات العلاقة مع مراعاة ان تكون المؤسسات الجامعية الطبية لها اشعاع اكبر حيث تم البدء بشكل تدريجي في انشاء مثل هذه المؤسسات في بعض المناطق مبينا ان الحكومة في هذا الاطار ملتفتة الى كل ابناء الشعب وتساند التوجه الخاص بتركيز اقطاب وكليات في اختصاص الطب والهندسة وغيرها من المؤسسات التعليمية والاكاديمية. وأضاف : "تونس دولة واحدة وأي مشروع يبنى على ارضها في اي منطقة كانت هو على ملك كل التونسيين دون استثناء ولن ننسى ابدا لا قفصة ولا قابس ولا غيرهما وما قمنا به فقط يندرج في نطاق الأولويات وبالرجوع الى المعطيات المتوفرة". وعرّج علي العريض على أهمية ولاية سيدي بوزيد في تاريخ تونس وفي حياة التونسيين حاضرا ومستقبلا مؤكدا انها فرضت مرحلة تاريخية عرفتها كل المنطقة العربية لا بالعنف والارهاب وانما بثورة ناجحة عمّت آفاقها كل المنطقة والثورات العربية التي اعقبتها وأن الموجة الاخيرة للديمقراطية انطلقت من مدينة اسمها سيدي بوزيد وهي علامة يجب تسويقها في العالم وستكون يوما "محجة" ومقصدا لكل سكان الارض وإنشاء مؤسسات فيها او حتى برمجة ذلك امر يسانده كل العالم مما يستوجب التسويق لهذه الجهة باعتبارها علامة تونسية بامتياز وباعتبارها منبع الثورة وثروة معنوية لا يجب اهدارها وان كل ما تم اقراره يأتي بعد ارضاء الله لمصلحة تونس وشعبها. إصلاحات كبرى ولفت رئيس الحكومة النظر الى ان بعض الاحداث التي اختلطت فيها بعض الابعاد يجب ان تفسح المجال للتاكيد على انه في تونس لدينا عراقة ودولة لها شأنها ومواطنوها متساوون في الحقوق والحريات والواجبات وانه مهما كان حب الاشخاص لجهاتهم فانه من الواجب والضروري يظل حبنا جميعا تحت راية الوطن، تونس. وأبرز العريض ان هذه الحكومة التي جاءت في ظل عواصف وأزمات تعيشها أغلب بلدان محيطنا الاقليمي وخاصة الدول الأوروبية التي تربطنا بها علاقات متينة في عديد المجالات وتاثير ذلك على السياحة والتصدير، هذه الحكومة أنجزت مجموعة من الاصلاحات الكبرى والتي منها اصلاح الجباية وإصلاح منظومة الصفقات العمومية بما فيه من تبسيط للاجراءات وتكثيف إجراءات التصدي للفساد وتكريس الشفافية ونزاهة المعاملات وإقرار قوانين تشجّع على انتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة باعتبار أن هذا المشروع سيستفيد منه المستثمرون لاستغلال مصادر الطاقة خاصة الشمسية اضافة الى المصادقة على القانون المنظم للشراكة بين القطاع العام والخاص وقانون آخر تحت عنوان "تونس الذكية" سيمكن المؤسسات الاجنبية من فتح فروع لها بتونس من شانه ان تخلق مواطن شغل جديدة تستفيد منها كفاءاتنا حيث انه من المنتظر توفير 10 آلاف موطن شغل سنويا. وذكر علي العريض أن الإصلاحات التي أنجزتها الحكومة شملت بالأساس مجالات الأمن والتربية والتعليم والقضاء الذي قال إن الاصلاحات بشأنه مازالت تمضي قدما حتى يكون الجهاز القضائي بعيدا عن التجاذبات وبمنأى عن تأثيرات الجميع.