اجتمع اليوم الخميس مجلس إدارة البنك المركزي. وقد قرر المجلس الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك دون تغيير. كما أكّد على "عميق انشغاله إزاء تفاقم التوتر الذي بات يهيمن على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية حول مسألة الإعداد للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية على المستويين الحكومي والتشريعي، الأمر الذي أفرز مناخا فاقدا للرؤية المستقبلية، مناخا لا يسمح باعتماد سياسة نقدية تستجيب لمتطلبات الصيرفة المركزية الرشيدة، مناخا غير ملائم لدعم الاستثمار وخلق مزيد من مواطن الشغل والحد من الفجوة بين الجهات".
وفي ما يلي نصّ البيان الصادر عن مجلس إدارة البنك المركزي والذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه : استعرض المجلس في بداية أشغاله أهم مستجدات الظرف الاقتصادي الدولي الذي تميز حسب آخر المؤشرات بتواصل تحسن النشاط الاقتصادي خلال الثلاثي الثالث من السنة الحالية في الدول المصنعة وخاصة في بلدان منطقة الأورو وبتراجع التقلبات على مستوى الأسواق المالية العالمية بالعلاقة أساسا مع إعلان أهم البنوك المركزية مواصلة انتهاج سياسات نقدية توسعية.
وبخصوص تطور الوضع الاقتصادي الوطني، سجل المجلس عددا من المؤشرات الإيجابية يذكر من بينها :
أ- تواصل تحسن مؤشر الإنتاج في القطاع الصناعي خلال النصف الأول من سنة 2013 (1,8٪ مقابل 1,4٪ قبل سنة)
ب- انتعاشة مبيعات أهم القطاعات الموجهة للتصدير على غرار النسيج والملابس والجلود والأحذية والصناعات الميكانيكية والكهربائية،
ت- عودة النمو الإيجابي في القطاع السياحي خلال شهر أوت 2013 مقارنة بنفس الشهر قبل سنة وذلك بعد التراجع المسجل خلال شهر جويلية، على مستوى كل من البيتات السياحية الجملية (+3,5٪) وعدد الوافدين (+20,1٪) والمداخيل بالعملة (+11٪)
ث- تسجيل بعض الإنفراج بالنسبة لتطور الأسعار، مع بقاء التضخم في مستويات مرتفعة حيث تراجعت زيادة مؤشر الأسعار خلال شهر أوت 2013، للشهر الثاني تباعا، إلى 6٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 6,2٪ في الشهر السابق. كما شمل نفس هذا المسار نسبة التضخم الأساسي (دون اعتبار المواد المؤطرة والطازجة) التي تراجعت من 6,4٪ إلى 6,1٪ من شهر لآخر.
ج- بقاء الموجودات الصافية من العملة الأجنبية في مستوى مقبول حيث بلغت 11.291 مليون دينار أو ما يعادل 103 يوما من التوريد بتاريخ 25 سبتمبر 2013 مقابل 9.983 مليون و98 يوم في نفس التاريخ من السنة الماضية.
وبالمقابل أشار المجلس إلى جملة من التطورات السلبية تتمثل في ما يلي: أ- تواصل الضغوط على ميزان المدفوعات مع بقاء العجز الجاري في مستوى مرتفع خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية، أي 4,5٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5,7٪ قبل سنة جراء تعمق عجز التجارة الخارجية،
ب- استمرار تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر (-0,7٪ خلال الثمانية أشهر 2013)
ت- انخفاض فائض ميزان العمليات المالية بحوالي 790 م.د
ث- تواصل الضغوط على سعر صرف الدينار بالعلاقة مع تطور المؤشرات الاقتصادية والمالية حيث سجل انخفاضا ب 7,7٪ منذ بداية السنة الحالية وإلى غاية20 سبتمبر مقابل الأورو وب 5,4٪ مقابل الدولار الأمريكي
ج- استمرار حاجيات البنوك من السيولة في مستوى مرتفع خلال شهر سبتمبر 2013 وذلك للشهر الخامس على التوالي مما أدى إلى مواصلة البنك المركزي توفير تسهيلات نقدية للجهاز المصرفي بعنوان إعادة التمويل علما وأن هذه التسهيلات تندرج في إطار تزويد السوق بالسيولة الضرورية على أساس تطور العوامل الموضوعية المحددة لها كما تم توضيحه في بيانات سابقة.
ح- تواصل تباطؤ نسق الإيداعات لدى القطاع المصرفي خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية (زيادة القائم ب 3,7٪ مقابل 5٪ خلال نفس الفترة من سنة 2012) خاصة الإيداعات تحت الطلب وحسابات الإدخار.
خ- تسجيل مسار مماثل بالنسبة لمساهمة الجهاز المصرفي في تمويل الاقتصاد خلال نفس الفترة (4٪ مقابل 6,9٪) نتيجة تراجع القروض متوسطة الأجل وتباطؤ نسق القروض طويلة الأجل بالعلاقة مع فتور نشاط الاستثمار.
وبعد مناقشة مجمل هذه التطورات، قرر المجلس الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير. كما أبى المجلس إلا أن يؤكد مجددا على عميق انشغاله إزاء تفاقم التوتر الذي بات يهيمن على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية حول مسألة الإعداد للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية على المستويين الحكومي والتشريعي، الأمر الذي أفرز مناخا فاقدا للرؤية المستقبلية، مناخا لا يسمح باعتماد سياسة نقدية تستجيب لمتطلبات الصيرفة المركزية الرشيدة، مناخا غير ملائم لدعم الاستثمار وخلق مزيد من مواطن الشغل والحد من الفجوة بين الجهات. وعلى ضوء ما سبق، لايسع المجلس إلا أن يهيب بجميع الأطراف والفرقاء السياسيين وكل مكونات المجتمع المدني، كي يبذلوا كل ما في وسعهم حتى يضمنوا توفير الأسباب الكفيلة بكسب الرهان التنموي المصيري الذي تنطوي عليه الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية.