أطلقت مجموعة من المنظمات الدولية نداء طالبت فيه السلطات المصرية بحماية الحريات العامة والمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان وتضمّ مجموعة المنظمات الموقعة كلّ من منظمة الحقوق للجميع السويسرية والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان- جنيف ومنظمة أصدقاء الإنسان الدولية- فيينا ومركز العدالة السويدي ومنظمة حرية وإنصاف التونسية ومنظمة مارش فور جستس الأمريكية ومفوضية الحقوق المدنية الأمريكية. وفي ما يلي نصّ النداء الذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه : شهدت مصر منذ إعلان القوات المسلحة الإطاحة بالرئيس مرسي مطلع جويلية تصعيداً خطيراً في انتهاك حقوق الإنسان، وصل حد الاعتداء على الأوراح (القتل خارج نطاق القانون)، والاستخدام المفرط للقوة من قبل رجال الأمن، وحملات الاعتقال التعسفية الواسعة، والاعتداء على حرية التجمع والرأي والتعبير السلمي. وعلى الرغم من تعهّد السلطات المصرية مراراً وتكراراً بأنها تكفل حق التعبير عن الرأي، وحماية المتظاهرين السلميين، وعدم الانحياز لأي طرف، غير أن التحقيقات تبرز إخفاقها بشكل كبير في ذلك، وغضها الطرف عن الممارسات العنيفة التي تنتشر في الشوارع المصرية من قبل من يسمَّون محلياً "بالبلطجية" (وُثِّقت العديد من الحالات كانت قوات الأمن تكتفي فيها بالمراقبة ولا تتدخل)، واستخدام الجيش المفرط للقوة المميتة في تفريق المتظاهرين وبشكل غير مبرّر، ما أسفر عن عشرات القتلى ومئات المصابين حتى الآن، إضافة إلى الموجات المستمرة من الاعتقالات التعسفية على خلفيات سياسية وخارج نطاق القانون. والمؤسف أن ذلك كله يُصاحب بإهمال في التحقيق الجدي في هذه الانتهاكات وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة، خصوصاً إذا كانوا من أفراد الدولة وأجهزتها الأمنية، وحتى في ظل وجود أدلة قوية على الجرائم المرتكبة. وإزاء هذه الظروف المؤسفة، فإننا نعرب، نحن ائتلاف المنظمات الحقوقية التي تعمل على تقصي انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، والموقعون على هذا الإعلان، عن إدانتنا الشديدة للاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات المسلحة المصرية والحرس الجمهوري في التعامل مع المتظاهرين، وندعوها إلى السعي للالتزام بالمعايير الدولية في تعاملها مع المتظاهرين السلميين-حتى لو مارسوا نوعاً من العنف-، والتي تضيّق من نطاق استخدام القوة المميتة إلى أبعد مدى، بحيث يكون فقط في الحدود التي تدرأ خطراً داهماً يهدد أرواح الآخرين وحيث لا توجد وسيلة أخرى لدرأه. وبالتالي فإن إطلاق الذخيرة الحية على حشود كبيرة وبشكل عشوائي يعدّ أمراً غير مقبول وينبغي أن يعدّ مجرَّماً. كما ندعو الحكومة المصرية القائمة بإدارة البلاد في هذه الفترة الانتقالية إلى تسهيل إجراء تحقيق جدي ومستقل في الانتهاكات المذكورة تشارك فيه منظمات حقوق الإنسان وشخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، ومحاسبة من يثبت تورطهم بجرائم،حيث إن سياسة الإفلات من العقاب يجب أن تنتهي. وينبغي العمل بسرعة على حماية حقوق الإنسان والحريات العامة بموجب التزامات مصر الدولية، وحماية كافة المتظاهرين بغض النظر عن توجهاتهم ومواقفهم، ووقف حملات الاعتقال والملاحقة على خلفيات سياسية خارج نطاق القانون، خصوصاً بحق الصحفيين وعدد من قادة الرأي المعارضين. كما إننا نعرب عن قلقنا البالغ من تدخل القوات المسلحة في العملية السياسية بأية صورة من الصور، وهو ما يضر بوضوح بعملية التحول الديمقراطي في مصر، ويخالف الدستور المصري الذي أُقرّ في استفتاء شعبي نزيه، وهو ما يثير الشكوك حول النوايا من قيام القوات المسلحة بإعلان تعطيل العمل به مؤقتاً. كما أن عدم تحديد طول الفترة الانتقالية أو موعد عقد الانتخابات الرئاسية القادمة، يثير المخاوف من أن تمتد الفترة الانتقالية إلى أجل غير معلوم. وإننا ندعو أيضاً إلى وقف حملات الكراهية والتحريض التي تمارس من الأطراف المختلفة في مصر، وينبغي أن تعمل السلطات المصرية على وضع حد لحالات التشويه والدعوة للعنف، والتي تجري بشكل متعمد وعلى نحو يهدد السلم الاجتماعي ويضع المجتمع المصري كله في حالة استقطاب حاد وتنازع يُخشى أن لا ينتهي إلا بحرب أهلية. وفي الوقت الذي نشجع فيه الحوار البنّاء والمصالحة الوطنية بين الأطراف المتنازعة على أسس عادلة وقواعد دستورية سليمة، فإننا نؤكد على أن الحفاظ على الحقوقوالحريات العامة يعدّ جوهر روح العدالة اللازمة لتأسيس دولة مدنية حديثة مستقلة في مصر ما بعد ثورة 25 جانفي.