قدم ائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات أمس خلال لقاء إعلامي بالعاصمة التقرير الذي أعده مرصد قيس أداء الإعلام أثناء الانتخابات التشريعية والدور الثاني للانتخابات الرئاسية بالشراكة مع المعهد الديمقراطي الوطني، وكشف هذا التقرير ارتكاب عدد من وسائل الإعلام بمناسبة تغطيتها الحملة خروقات جسيمة ترتقي إلى مستوى الجرائم الانتخابية لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تأخذها بعين الاعتبار وغضت عليها الطرف. إبراهيم الزغلامي مدير مشروع قيس أداء الإعلام حسب معايير الحياد والنزاهة خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية قال:"لو أن الهيئة طبقت القانون على النحو المطلوب، كانت ستلغي نتائج الكثير من الفائزين في الانتخابات التشريعية ولم تكن لتقتصر على قائمة حزب الرحمة ببن عروس". وأضاف أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كانت النقطة السوداء في المسار الانتخابي في تونس نظرا لصمتها المريب حيال الخروقات الفاضحة التي ارتقت إلى مرتبة الجرائم الانتخابية، وكانت ردود فعل الهيئة على حد وصفه، مريبة جدا وتصريحات رئيسها نبيل بفون غريبة خاصة لما طلب الضغط على القضاء لكي يطلق سراح المترشح نبيل القروي من السجن، وذكر أنه تم في بداية الحملة الانتخابية تفهم ارتباك الهيئة نظرا لتداخل المواعيد الانتخابية وللخلافات الداخلية صلبها لكن صمتها على التجاوزات استمر إلى آخر لحظة، كما أنها عند التعاطي مع الخروقات المرتكبة تعاملت بمكيالين، فمن غير المفهوم مثلا إسقاط قائمة حزب الرحمة بناء على ارتكاب مخالفة الإشهار السياسي في إذاعة نطاق بثها يقتصر على تونس الكبرى وعدد مستمعيها قليل وهي إذاعة القرآن الكريم وعدم إسقاط قائمات أخرى بناء على ارتكاب نفس المخالفة من قبل تلفزة نسمة المارقة بأتم معنى الكلمة والتي يبلغ عدد مشاهديها يوميا ثلاثة ملايين. وأضاف الزغلامي أن هيئة الانتخابات قالت إنها رصدت الإعلام الورقي والرقمي لكنها لم تصدر حصيلة الرصد ولم ترتب عليه أي أثر. وكان الهدف من رصد الإعلام خلال الحملات الانتخابية التشريعية والرئاسية في دورتها الثانية الذي تواصل أربعة أشهر، تحديد مدى التزام مختلف المؤسسات الإعلامية بالتشريع الانتخابي وبمبادئ الحياد والموضوعية والنزاهة ومراقبة مدى اِحترام مبدأ التّناصف في الحضور الإعلامي بين المترشّحين من الرّجال والنّساء ومراقبة مدى اِحترام وسائل الإعلام لمبدأ الإنصاف في التّغطية الإعلامية لنشاطات وبرامج مختلف القائمات المترشّحة. فعلى مستوى الإعلام الورقي تمّ تصنيف وتحليل ومراجعة 445 عددا من الصّحف اليومية والأسبوعية وإدراج 8253 مادّة إعلامية ضمن المواد المتعلقة بالانتخابات الخاضعة للرصد وبلغ عدد الخروقات المسجلة 1843 منها 70 خرقا خطيرا وتتعلق أغلب الخروقات بالتحيز وبالدعاية وكانت جريدة لابراس أكثر الصحف اليومية احتراما للمعايير الانتخابية وجريدة الصحافة أكثرها خرقا لهذه المعايير، وكانت جريدة تونس هبدو أكثر الصحف الأسبوعية احتراما للمعايير الانتخابية وجريدة الشارع المغاربي الأكثر خرقا لها. اما على مستوى الإعلام البصري فتم على حد قول الزغلامي تصنيف وتحليل ومراجعة 2328 ساعة بثّ تلفزي للقنوات الستّة الخاضعة للرصد وإدراج 2340 مادة إعلامية ضمن المواد المتعلقة بالاِنتخابات والخاضعة للرصد وبلغ عدد الخروقات المسجلة 2296 منها 103 خروق خطيرة وتتعلق اغلب الخروقات أيضا بالتحيز والدعاية وكانت القناة الوطنية الأولى الأكثر اِحتراما للمعايير الانتخابية، ولم ترتكب أيّ خرق خطير بينما كانت قناتا الحوار التونسي ونسمة الأكثر خرقا لهذه المعايير الانتخابية إذ ارتكبتا لوحدهما 94 % من الخروقات الخطيرة. وفي ما يتعلق بالإعلام السمعي فتم تصنيف وتحليل ومراجعة 5850 ساعة بثّ إذاعي ل 15 إذاعة خاضعة للرصد وإدراج 10276 مادة إعلامية ضمن المواد المتعلقة بالاِنتخابات والخاضعة للرصد وبلغ عدد الخروقات المسجلة 1298، منها 17 خرقا خطيرا وكانت الإذاعات العمومية الأكثر اِحتراما للمعايير إذ لم ترتكب أيّ منها خرقا خطيرا، في حين كانت إذاعة موزاييك الأكثر خرقا للمعايير الاِنتخابية من حيث العدد، وإذاعة اكسبراس أف أم الأكثر خرقا من حيث درجة الخطورة. وعلى مستوى الإعلام الإلكتروني تم تصنيف وتحليل ومراجعة 7014 مادة إعلامية تتعلق بالانتخابات تم نشرها بالمواقع الستّ الخاضعة للرّصد، 40 % من هذه المادّة منشورة على موقع باب نات وبلغ عدد الخروقات المسجّلة 1151 منها 26 خرقا خطيرا وكانت آخر خبر أونلاين أكثر المواقع احتراما للمعايير الانتخابية وموقع باب نات الأكثر خرقا لها. واعتمد فريق الرصد عشرة معايير لقيس اداء الاعلام خلال الفترة الانتخابية وهي الاشهار السياسي، والدعاية الايجابية والدعاية السلبية، وانتهاك كرامة الانسان وحقوقه ومعطياته الشخصية، والتحيز وعدم الحياد، وغياب الدقة والموضوعية، وسبر الآراء، والتحريض على الكراهية أو التمييز أو الإقصاء، وتضليل الناخبين ونشر الأخبار الزائفة وتحريف المواقف، والمس من قيم الدولة المدنية الديمقراطية أو الدعوة إلى انتهاك الحقوق وخنق الحريات والدعوة لعودة الاستبداد، وأخيرا عدم احترام مقتضيات الأمن العام والدفاع الوطني. العينة المرصودة تتكون العينة التي اشتغل عليها مرصد قيس أداء الإعلام حسب معايير الحياد والنزاهة خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية من وسائل الإعلام الأكثر حضورا وتأثيرا ويمثّل مجموعها ما بين 60 إلى 80 % من نسبة المبيعات أو التصفّح أو الاِستماع أو المشاهدة. وغطى الرصد ست قنوات تلفزيّة وهي الحوار التّونسي، نسمة، التّاسعة، الوطنية الأولى، حنّبعل، وقرطاج+ وست إذاعات ذات بثّ وطني وهي موزاييك أف أم، وشمس أف أم، واِبتسامة أف أم، واِكسبراس أف أم، والإذاعة الوطنيّة وإذاعة الشّباب وتسع إذاعات ذات بثّ جهوي وهي جوهرة أف أم، صبرة أف أم، ديوان أف أم، وأكسجين أف أم، إذاعة صفاقس، إذاعة الكاف، إذاعة المنستير، إذاعة قفصة، وإذاعة تطاوين. وشمل الرصد خمس صحف يوميّة وهي الصباح، الشّروق، المغرب، الصّحافة، لابراس، وثلاثة صحف أسبوعيّة وهي الشّارع المغاربي، تونس هبدو، الرّأي العام وشمل بعض المواقع إخباريّة إلكترونية وهي باب نات، كابيتاليس، الصّدى، بزنس نيوز، آخر خبر أون لاين، تونيزي نيمريك. وتبين من خلال رصد مدى احترام وسائل الاعلام لمبدئ الانصاف والتناصف. فروقات كبيرة في تغطية أنشطة وبرامج القائمات المترشحة في كل وسائل الاعلام ففي الاعلام الورقي استأثرت القائمات المستقلة بالقدر الأكبر من التغطية وكانت نسبة الحضور الاعلامي للنساء في حدود 32 %، اما في الاعلام البصري فاستأثرت قائمات النهضة بالنصيب الأكبر من التغطية اما قائمات ائتلاف الكرامة وحركة الشعب والحزب الدستوري الحري فكانت الاقل تغطية وكانت نسبة الحضور الاعلامي للنساء في حدود 17 %، وفي الاعلام السمعي كانت القائمات المستقلة الاكثر حظا في التغطية اما قائمات تحيا تونس والتيار الديمقراطي والحزب الدستوري الحر فكانت الاقل تغطية وفي المقابل استأثرت قائمات التيار الديمقراطي في الاعلام الالكتروني بنصيب الاسد من التغطية وكانت قائمات ائتلاف الكرامة والحزب الدستوري الحر وحركة الشعب الاقل تغطية. وانتهى رصد الانتخابات الرئاسية في وسائل الإعلام وتحديدا معرفة مدى احترام مبدأ المساواة بين المترشحين قيس سعيد ونبيل القروي إلى نتيجة واضحة مفادهما عدم تكافؤ الفرص وهضم حق سعيد نظرا لأن القروي حظي في الإعلام الورقي ب 72 % من نسبة التغطية الجملية وفي الاعلام البصري بنسبة 75 % وكانت هذه النسبة في نسمة 92 % وفي الحوار التونسي 98 % وحظي القروي في الإعلام المسموع بنسبة تغطية تساوي 72 %. ودعا ابراهيم الزغلامي إلى تنقيح القانون الانتخابي بشكل يمنع على أصحاب المؤسسات الإعلامية والمساهمين فيها والمشرفين عليها من الترشح إلى أي انتخابات رئاسية أو تشريعية أو محلية، و إلى تعديل القوانين المنظمة للإعلام وإحداث هيئة اِتّصال سمعي بصري تتمتع بالصلاحيّات الدستورية الكاملة وأوصى هيئة الانتخابات بفرض احترام القانون وبالتنسيق مع المجتمع المدني ومنع كل أشكال الدعاية السلبية ضد أي مترشح أو قائمة مترشحة خلال كامل الفترة الانتخابية. سعيدة بوهلال