بغض النظر عن عدد الوافدين الأجانب على تونس والذي يريده البعض أن يكون بمثابة الشجرة التي تحجب غابة معاناة قطاع السياحة فانه يخطئ من يعتقد أن حال السياحة التونسية يسير نحو الأفضل وان بوادر الشفاء من أثار الأزمات المتتالية بدأت تظهر للعيان مع الوقوف عند حصيلة الموسم الصيفي. لقد مثّل موسم الذروة استمرارا لمعاناة أهل القطاع الذين ظلوا يشكون تراجع نسب الإشغال رغم تحسنها التدريجي بفضل توافد أعداد هامة من الجزائريين وإقبال متواضع للتونسيين في غياب شبه كلي للأوروبيين في العديد من المحطات السياحية التي كانت تعرف بإقبالهم المفرط عليها خلال السنوات التي سبقت تأزم الوضع الأمني. ورغم أن الوحدات الأمنية بذلت مجهودات كبيرة لإنجاح الموسم وضمان سلامة المصطافين حيث يتوافد على بعض المحطات السياحية عشرات الآلاف من العربات في اليوم الواحد ومثلها من الزوار ومن المقيمين فان ذلك لم يشفع في شيء اذ كان موسما دون المرجو . قد يكون للاستثمار في الأمن مردود ايجابي في قادم المواسم خصوصا بعد رفع بعض الدول ومتعهدي الرحلات العالميين الحظر تدريجيا عن تونس لكن ذلك يستوجب صبر أيوب مع تواصل انخفاض ثمن الرحلات لسنوات قادمة لإعادة كسب ثقة سياح باتوا يخشون على أنفسهم حتى في عقر دارهم . وان إيهام الجهات الرسمية بان عدد الوافدين غير المقيمين بما فيهم التونسيين المهاجرين هو انتعاشة للسياحة يعتبر بمثابة الضحك على الذقون فالسياحة هي أولا وقبل كل شيء بنية تحتية وجب ان تعمل وأهمها الفنادق ثم هي كل الخدمات الترفيهية الأخرى على غرار الملاهي والمطاعم والمحلات التجارية المتواجدة بالمحطات السياحية والتي والحق يقال لم تستفد في شيء من الوافدين الأجانب بل أنعشها أساسا التونسيون والقليل من الجزائريين على اعتبار أن إمكانات إنفاق لجل الوافدين من الشقيقة الجزائر محدودة . ان القطاع يعوّل كثيرا على انتعاشة ما بعد موسم الصيف التي تجلب شريحة معينة من السياح الذين يعملون في بلدانهم صيفا كما تعوّل على سياحة نهاية الأسبوع التي تجلب بدورها طبقة مترفهة من السياح يأتون للعلاج بمياه البحر وممارسة رياضة الغولف ..وجلب مثل هؤلاء السياح يستوجب خطة ترويجية استثنائية ومدروسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ..فالزنقة في قطاع السياحة وقفت للهارب .