ألقى اليوم رئيس الحكومة الحبيب الصيد كلمة في افتتاح اليوم الوطني حول التصدير تحت شعار "حلّنا في التصدير" وحضر الافتتاح كل من وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وعبد المجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وأصحاب مؤسسات ومصدرين، وقد تم اختيار شعار "حلنا في التصدير" لهذا اليوم الوطني. وفي ما يلي نص الكلمة التي ألقاها الصيد: "ويندرج لقاؤنا اليوم في إطار حرص الحكومة على تشريك كل الأطراف المعنية بقطاع التصدير في تقييم هذا القطاع الاستراتيجي، و الوقوف على النقائص و الإشكاليات التي تعترض حسن آدائه وإقرار جملة من الإجراءات و الإصلاحات الكفيلة بالنهوض به. كما يندرج تنظيم اليوم الوطني حول التصدير في إطار تحسيس كل المتدخلين في القطاع بضرورة جعل التصدير أولوية وطنية ضمن الخيارات الاقتصادية لبلادنا. وإن اختيار شعار « حلنا في التصدير» يمثّل رسالة إلى كل المتدخلين لحثهم على إيجاد الحلول التي تتناسب مع خصوصية الوضع. ونأمل أن يكون هذا اللّقاء فرصة لإقرار أفضل الصيغ العملية لمزيد استغلال الإمكانيات التصديرية والرفع من القيمة المضافة للصادرات التونسية، وتحسين أداء المتدخلين في عمليات التصدير، بما في ذلك المصالح الإدارية المدعوة إلى تذليل الصعوبات وإزالة الحواجز أمام التصدير. حضرات السيدات والسادة، لا يخفى على الجميع الدور المحوري لقطاع التصدير في دفع عجلة التنمية وتطوير الإستثمارات وخلق مواطن الشغل وضمان التوازنات الكبرى في إقتصاديات كل الدول. و ما فتئ قطاع التصدير يحظى بكامل الاهتمام من خلال ما يتم إقراره من برامج وإصلاحات. وقد حقّق هذا القطاع نتائج ايجابية بتخطّيه لعديد الأزمات. وتبقى هذه النتائج دون الأهداف والطموحات في ظل هذا الظرف الدقيق الذي تمر به بلادنا والذي يستدعي أكثر من أي وقت مضى تعبئة كل الطاقات والإمكانيات لدفع عجلة الإنتاج وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية للسلع والخدمات التونسية وكذلك تحسين مناخ الأعمال وتسهيل الإجراءات وتبسيطها بالنسبة للمصدرين ومعاضدة المجهود التصديري داخل الجهات لتحسين نسق تطور الصادرات وتقليص العجز التجاري. وقد اتخذت الحكومة جملة من التدابير اللازمة لمزيد تحرير الاقتصاد الوطني من كل العراقيل وإعطائه دفعا جديدا من خلال مزيد التفتح على الخارج كما أعدت مجلة جديدة للاستثمارات تنص على ضمانات وامتيازات جد مشجعة للمستثمرين. وبادرت بإصلاح القطاع البنكي والجبائي إلى جانب إصدار قوانين جديدة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وفي مجال المنافسة والأسعار. وفي نفس المسار تم إعداد الخطة الوطنية لدفع الصادرات بالتشاور مع المهنيين ومع مختلف الفاعلين في هذا المجال حيث تم : . تدارس مختلف المسائل التي لها علاقة بالصادرات والتعمق فيها . تقديم حزمة من الإجراءات العاجلة والهيكلية بما يمكّن من وضع إستراتيجية متكاملة لتنمية الصادرات التونسية في إطار رؤية طموحة تمكّن من بلوغ الأهداف المرسومة ضمن المخطط التنموي 2016-2020 . وسيكون اليوم الوطني حول التصدير مناسبة للتعمق في المقترحات والتوجّهات المضمنة بالخطة وإرساء منهجية متكاملة تعطي انطلاقة جديدة للصادرات تأخذ في الاعتبار التغيرات والمستجدات التي تشهدها الساحة الاقتصادية الوطنية والدولية وتساهم في تكريس مقاربة تنموية جديدة من خلال تشريك كافة الجهات المعنية وجعل التصدير ضمن الأولويات الوطنية القصوى. يساهم قطاع التصدير ب 38.4 % في الناتج المحلي الإجمالي كما أن نسبة انفتاح الاقتصاد مرتفعة (87 % من الناتج المحلي الإجمالي ) وتعتبر نسبة تغطية الصادرات بالواردات مرتفعة مقارنة بعديد البلدان المشابهة بمعدل 70 % خلال العشرية الأخيرة ، هذا إلى جانب وجود جهاز تصديري متنوع يعد 6000 مصدّر، لكن مع تواجد ضعيف في المناطق الداخلية نتيجة غياب سياسة جهوية للتصدير وتمركز خدمات الإحاطة بالعاصمة (4 ولايات تمثل أكثر من 85 % من إجمالي الصادرات). وتواجه الصادرات التونسية مجموعة من الإشكاليات تحد من نموها ويرجع بعضها إلى : . واقع البنية الاقتصادية الوطنية . ضعف التنوع القطاعي للصادرات التونسية . ضعف المحتوى التكنولوجي والبحثي كما أن العرض التونسي من الخدمات القابلة للتصدير ليس مهيكلا بالقدر الكافي لفرض نفسه في الأسواق الخارجية إلى جانب ارتفاع تكاليف الإنتاج بالنسبة لعدد من القطاعات مقارنة بالدول المنافسة. كما أن ارتفاع تكاليف النقل واللوجستيك وكثرة الإجراءات الإدارية يؤثر سلبا على نسق الصادرات هذا إلى جانب محدودية خطوط الشحن البحري والجوي وغياب فضاءات لوجستية قادرة على تخفيض التكاليف وتقليص الآجال. وقد أثّر كذلك الوضع الجيوسياسي المضطرب في المنطقة على تطوير المبادلات التجارية التونسية مع البلدان المجاورة والبلدان العربية وتراجعت الصادرات التونسية في اتجاه تلك الدول بصفة ملحوظة ولا سيما مع الشقيقة ليبيا. ولكن رغم هذه الإشكاليات والصعوبات لا بد من التأكيد أن الصادرات التونسية لها نقاط قوة من الضروري تثمينها من ذلك بالخصوص تنوع الاقتصاد وكفاءة مواردنا البشرية. وقد سجّلت السنوات الأخيرة وُجودَ هَامِشٍ كبير لتحسُّن بعضِ القطاعات التصديرية، وخصوصا قطاع الخِدمات مع بِدَايَةِ بُروزِ جيلٍ جديد من المصدّرين من ذوي الكفاءة في التجارة العالمية قادرين على حُسن استغلال الميزة التنافسية لتونس التي تعتمد على القرب الجغرافي والقدرة على التأقلم بسرعة مع متغيرات الطلب خصوصا في الأسواق التقليدية . كما عملت الحكومة على تمتين العلاقات الاقتصادية والتجارية مع أبرز الفاعلين الاقتصاديين على المستوى الدولي بما أتاح للصادرات التونسية عديد الفرص للتّموقع في أسواق ذات مردودية عالية. ورغم الظرف الاقتصادي الصعب وتطور الأزمة الاقتصادية لدى عدد من الشركاء التجاريين لبلادنا، يبقى الطلب الخارجي على السلع والخدمات التونسية هامّا ومتنوعا مع هامش كبير للتطور لبعض القطاعات ذات القيمة المضافة العالية على غرار قطاع تركيب السيارات وصنع مكونات الطائرات والخدمات الصحية والخدمات المهنية وخدمات التعليم. كما أنّ المنتجات التونسية المصدّرة لها قابلية للتثمين والتطوير. وستساهم البرامج التي تم وضعها والتي بصدد الانجاز على غرار البرنامج الثالث لتنمية الصادرات وبرنامج تأهيل قطاع الخدمات في تحقيق هذه الأهداف. كما أن للمؤسسات التونسية إمكانيات كبيرة للتواجد بفاعلية في الأسواق الصاعدة والواعدة على غرار الأسواق الروسية والإفريقية والخليجية وتدعيم مكانتها في الأسواق التقليدية. وضروري اليوم أن تتحرك كل المبادرات وكل الهياكل وكل الكفاءات والخبرات الوطنية داخل البلاد وخارجها لتجسيم كل الفرص إلى مبادلات تجارية فعلية. وتجدر الملاحظة كذلك أنه رغم الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به بلادنا لم تفقد تونس ثقة جل مستثمريها بل أن بعضهم استثمر في توسعة مشاريعهم مما ساهم في تطور نسبة الاستثمار سنة 2015 ب 19 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2014. ونتطلّع إلى أن يمثّل هذا اللقاء منطلق تنفيذ خطة طموحة للنهوض بالتصدير مع تكريس شعار «حلّنا في التصدير» على أرض الواقع لدى كافة الأطراف لأنه فعلا الحل الأمثل لبلوغ مستويات أرفع من النمو الاقتصادي والرقي الاجتماعي".