قبيل توجه الوفد الحكومي مطلع الاسبوع المقبل الى واشنطن للتفاوض مع صندوق النقد الدولي ومسؤولين من الادارة الامريكية بشان وضع برنامج إصلاح اقتصادي جديد، ومن اهم النقاط التي تستكمل الحكومة لمساتها الاخيرة لتضمينها في برنامج الزيارة واحد اهم الشروط التي طالب الصندوق باصلاحها في مراسلاته الاخيرة توسع في عجز الميزانية العمومية وتفاقم في حجم الديون العمومية مع انكماش اقتصادي وصف بالخطير بسبب تعثر الاصلاحات في العوامل المتسببة في هذا الاختلال والتي على راسها تفاقم حجم كتلة الاجور…التي تناهز ال 20.5 مليار دينار بما يفوق ربع الميزانية العمومية للدولة التي قدرت ب 52.6 مليار دينار، في قانون المالية لسنة 2021. ويرى العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي ان البلاد لم تعد تتحمل اخلالات جديدة في توازناتها المالية خاصة انه من اهم الأسباب المباشرة وراء عجز الميزانية العمومية هو ارتفاع حجم كتلة الأجور في السنوات الأخيرة لتفوق ال 20 مليار دينار في القانون الأخير للمالية ولم يتم العمل على التقليص من هذا العبء مع كل الحكومات المتعاقبة، بل بالعكس عرفت كتلة الأجور ارتفاعا بنحو 10.9 بالمائة في السنة المنقضية لتصل إلى مستوى 19 مليار دينار مع نهاية 2020. وعرفت كتلة الأجور في بلادنا ارتفاعا ملحوظا في السنوات العشرة التي تلت ثورة 14 جانفي 2011، حيث قفزت من 7680 مليون دينار خلال سنة 2011 إلى حدود ال 13385 مليون دينار في 2016، ووصلت خلال سنة 2017 إلى ما يناهز ال 14 ألف مليون دينار لتبلغ في سنة 2018 ال 16000 مليون دينار وفي حدود ال 19000 مليون دينار لتصل الى 20.5 مليار دينار في القانون الجديد للمالية. كما تطورت كتلة الأجور في تونس بأكثر من 50% لتصل باحتساب النسبة من مجموع الناتج الداخلي الخام للبلاد الى ما يقارب ال 16 بالمائة وهو رقم يعتبر خطيرا جدا بالمقارنة بما يطالب به صندوق النقد من إصلاحات والعودة بكتلة الأجور إلى نسبة 12.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في الاتفاقات السابقة مع الدولة التونسية واجمعت العديد من الأوساط المالية أن ارتفاع كتلة الأجور تتطلب تدخلا سريعا من قبل الحكومة من خلال مراجعة منظومة الوظيفة العمومية باعتبار أن أكثر من 70 بالمائة من النفقات العمومية تتوجه مباشرة إلى الأجور، لتسجل بذلك تونس أعلى النسب في العالم من حيث كتلة الأجور. كما تسجل تونس أرقاما قياسية من حيث عدد الموظفين العموميين الذين وصلوا إلى حوالي 800 ألف موظف من ذلك 640 ألف موظف بالإدارات العمومية و187 ألف موظف في المؤسسات العمومية بعد أن كان العدد لا يتجاوز ال 450 ألف موظف في سنة 2011… كذلك لا يمكن اليوم للبلاد أن تتحمل تبعات إجراءات جديدة للرفع من أجور الموظفين لتتجاوز نسبة كتلة الأجور أكثر من 16 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، باعتبارها ستؤثر سلبيا على توازناتها المالية، كما ستؤثر سلبا على صورة البلاد لدى المؤسسات المالية المانحة وستفقدها ثقتها في ما يتعلق بإيفائها بتعهداتها المالية معها . وهذا ما عبر عنه رئيس الحكومة هشام مشيشي في اخر لقاء جمعه عن بعد ببعثة خبراء صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن العلاقة مع الصندوق هي علاقة استراتيجية بالنسبة لتونس وللحكومة التي تستعد فعليا للانطلاق في مسار الإصلاحات الهيكلية التي نادى بها التونسيون وانتظروها طيلة عشرة سنوات تاريخ اندلاع الثورة،. وأضاف رئيس الحكومة ان الدولة تستعد للانطلاق في اعتماد إصلاحات اقتصادية واجتماعية هامة في العديد من المجالات تتماشى وتعهداتها مع الأطراف المانحة، كما نوهت بعثة خبراء صندوق النقد الدولي من جهتها بأهمية العلاقة مع تونس باعتبارها شريكا استراتيجيا لدى هذه المؤسسة المالية الدولية والتزام بلادنا بمجمل تعهداتها مثمنة إرادة الحكومة في إرساء إصلاحات هيكلية من أجل دعم الاقتصاد. وبالتالي فان الحكومة ستواجه في هذه الزيارة تحديات كبيرة قد تقبل من خلالها بشروط جديدة من قبل صندوق النقد الدولي من اجل التقليص من حجم كتلة الأجور حتى تتحصل على تمويلات جديدة هي في امس الحاجة اليها في الظرف الراهن والتي تناهز ال 20 مليار دينار هذه السنة وهو نفس حجم كتلة الأجور .