رغم التأثير الإيجابي لنمو الإنتاج الفلاحي على تحقيق أمننا الغذائي وتوفقه في معظم المجالات الغذائية في تأمين الاكتفاء الذاتي منذ سنوات في منتجات الدواجن والخضر والغلال والألبان وبفارق سلبي طفيف في اللحوم الحمراء، تبقى الحبوب التي تمثل مادة استهلاكية أساسية والشريان الرئيسي في الجسم الاقتصادي عصية عن تغطية جانب بارز من حاجياتنا الاستهلاكية منذ عقود. ويعود ذلك إلى هشاشة القطاع نظرا لارتباطه بالعوامل المناخية التي تجعل مواسم إنتاجه متذبذبة شديدة التأثر بأحكام الطبيعة. والدليل أنّ تغطية الاستهلاك من مادة القمح اللين الذي نحتاجه في صنع رغيف الخبز اليومي يتوقف على توريد نحو82 بالمائة من الحاجيات. وتقدر الواردات من القمح الصلب ب32بالمائة. وبالنسبة للأعلاف الحيوانية فإنها ترتبط كذلك بما ينتج خارج حدودنا بمعدل 28 بالمائة بالنسبة للمجترات فيما يرتهن الفلاح في إنتاج الدواجن إلى السوق الخارجية بصفة مطلقة في توفير المواد الأولية لإنتاج أعلافه. وعلى جسامة هذه النقطة السوداء وهالة تداعياتها على ميزان الواردات وعلى فاتورة الشراءات باعتبار تقلبات الأسعار بالأسواق العالمية ومنه على صندوق الدعم يأمل وزير الفلاحة محمد بن سالم في تجاوز هذا العائق في غضون أربع أو خمس سنوات على أقصى تقدير إذا ما كتب للخطة المنشود بلورتها الاستمرارية على مستوى التقني. وفق تصريح " للصباح" أمس على هامش ورشة إقليمية للأمن الغذائي والتغذية تحتضنها تونس هذه الأيام بتنظيم من المكتب الإقليمي بشمال إفريقيا التابع لمنظمة الأممية للأغذية. ويرى في اللجنة الوطنية المحدثة مؤخرا للترفيع في الإنتاج وتقليص التوريد آلية ناجعة ومساعدة لبلوغ هذا الهدف من خلال تركيبة أعضائها المنتسبين أساسا لقطاعات الإنتاج والبحث والهياكل المهنية ما يضفي طابعا واقعيا على مقترحاتها يساعد على بلورة استراتيجية وطنية للحد من التوريد. ويستند وزير الفلاحة في الدفاع عن واقعية مقاربته وتفاؤله بكسب رهان الاكتفاء الغذائي في هذه المادة إلى القدرات الإنتاجية الهائلة غير المستغلة على مستوى مردودية المساحات الزراعية التي أثبتت نتائج البحوث أنها لا تتجاوز راهنا 60 بالمائة من طاقتها الحقيقية.وذلك في تلازم تام مع عناصر محورية أساسية لوضع ماكينة الإنتاج على السكة عبر تحسين المناخ العام للقطاع الفلاحي وتحفيز الاستثمار والإحاطة الفنية بالفلاح ومراجعة مقومات الترويج والتسويق.. خذ وهات وباستفساره عن سبل التعاون مع ال"فاو" الكفيلة بدعم أهداف التنمية الفلاحية والمساعدة على تقليص فجوة نقص الإنتاج في الحبوب وإن كانت تونس تعتبر من البلدان المحققة لاكتفائها الذاتي في عديد المواد أوضح بأنه عرض على ضيوف الورشة من ممثلي المنظمة العالمية للأغذية صيغة تعاون ثلاثي تشاركي تضع خلاله بلادنا خبراتها وكفاءاتها الفلاحية في خدمة أي بلد يحتاجها بتنسيق من الفاو،وفي المقابل تتولى المنظمة تأمين تمويلات لمشاريع تنموية لإعانة الفلاحين على استغلال مستغلاتهم وتكثيف إنتاجيتها. بنك الطعام التونسي إلى جانب حضور عديد الخبراء والمهنيين وممثلي المنظمات الناشطة في مجال مقاومة الجوع من بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط كان لنا لقاء خاطف مع رئيسة الجمعية الخيرية " بنك الطعام التونسي" وجيهة الجبابلي التي أكدت على الطابع الخيري والاجتماعي للجمعية المحدثة منذ نحو السنة والنصف وغياب الطابع السياسي والحزبي عنها مختزلة رسالة الجمعية التي تنشط ضمن الشبكة العالمية لبنوك الطعام تحت شعار "معا ضد الجوع" في المساعدة على تحقيق الأمن الغذائي ومقاومة الجوع في كامل أنحاء الجمهورية. وذلك من منطلق الإيمان بحق المواطن التونسي في الحصول على الغذاء الكافي والمتوازن. وفي هذا السياق تم استهداف الفئات الهشة العاجزة بدنيا وماليا عن تأمين قوت يومها بتوزيع المساعدات والتوغل في عمق المناطق النائية بتقديم وجبات الطعام لأطفال المدارس. ورغم كم البرامج والتدخلات التي حققتها في المدة الوجيزة من انبعاثها تصطدم الجمعية بصعوبات تمويل بارزة من شأنها إرباك تجسيم زخم الأفكار والمشاريع التي تتوفر عليها الهيئة المسيرة لبنك الطعام في ظل العزوف الملحوظ عن التمويل من الفئات المقتدرة التي أشاحت بوجهها حسب المتحدثة عن تمويل أنشطة الجمعيات الخيرية. كما تعتبر الحكومة مغيبة عن تقديم الدعم المادي. فيما تتولى رئيستها باعتبارها امرأة أعمال تأمين القسط الأكبر من التمويلات إلى جانب بعض المساهمات المحدودة من فئات اجتماعية متوسطة تؤمن بنبل دور الجمعية. سلة غذاء العالم في تقييمها لوضع الأمن الغذائي بالسودان عرجت رئيسة منظمة "المسار" السودانية إنصاف عبد لله ابراهيم في تصريح للصباح على ما تتوفر عليه السودان من موارد مائية هائلة ومساحات زراعية شاسعة جعلت منها سابقا سلة غذاء العالم. لكن أمام تحديات الراهن يبقى المطلوب فتح أبواب الاستثمار الخارجي ومصالحة أبناءها مع العمل الزراعي وتحفيزهم على الاستثمار. وبخصوص دور المنظمة في مقاومة الجوع قالت المتحدثة بأنها تعمل منذ 13 سنة كجمعية خيرية لتنمية الرحل وحماية البيئة على التدخل الفاعل في مجال تدريب هذه الفئات في إدارة مشاريع تربية الماشية وطرق استغلال إنتاجهم. إلى جانب تقديم خدمات التعلم والدراسة للأطفال وتعزيز الوعي بالأمراض المتأتية من سوء التغذية والاهتمام بصحة الأم الأبناء.. وهكذا يبرز أن الجوع آفة كبرى لا يمكن مقاومتها إلا في إطار شامل متعدد الأطراف والمتدخلين فهل ينجح لقاء تونس في طرح بوادر خطة عملية لمواجهة هذا الخطر الذي يقضي على ملايين البشر سنويا.