شهدت أسعار اللحوم وخاصة الحمراء منها ارتفاعا جنونيا خلال الأشهر الأخيرة بلغت مستوى لم تعرفه من قبل، حيث استقرت لحوم الضأن ما بين 17500 مليم إلى 20 وحتى 21 دينارا في بعض الجهات، كما عرفت لحوم البقري نفس الاتجاه وبلغت أسعارها حدود 18 دينارا. وباعتبار تحرير أسعار اللحوم فإن وزارة التجارة لم تحرك ساكنا ولم تبد أي اعتراض على هذا الترفيع الجنوني في أسعارها وطفقت كالعادة تؤكد على الصعوبات التي يمر بها المربون، وخاصة في ما تعلق بارتفاع أسعار الأعلاف. كما أنها لم تعتمد كالعادة ما يعرف بقرار السعر المرجعي الذي كان يقوم به وزير التجارة للحد من ارتفاع الاسعار ولو لمدة معينة. وأسعار اللحوم المشار إليها باتت واقعا في كامل أنحاء البلاد بمدنها وأريافها وقراها ولم يسلم من الاكتواء بنارها أي أحد حيث توحدت مظاهر الترفيع في كل الجهات وباتت ظاهرة عامة وأمرا واقعا فرضه القصابون على الجميع. والغريب في الأمر أن هذا الشطط الحاصل في أسعار اللحوم يأتي في فترة تتوفر فيها اللحوم بالشكل الكافي، حيث إن فصل الربيع يكون عادة مرحلة تتوفر فيها اللحوم بالقدر الكافي وزيادة نتيجة توفر الخرفان وبقية أنواع الماشية المعدة للذبح. أما عن أسباب الترفيع في أسعار اللحوم فإن المراقبين للسوق يشيرون إلى أن هناك جملة من العوامل قد تجمعت لتفرض هذا الواقع ومن أبرزها غياب المراقبة والحوار مع الناشطين في القطاع، وكذلك ارتفاع أسعار الأعلاف وعدم تدخل السلط للحد منها وبالتالي معاضدة مجهود المربين، وعلى وجه الخصوص أيضا مظاهر السرقة والتهريب التي شملت كل أنواع الماشية وتواصلت دون هوادة باتجاه القطرين الليبي والجزائري. وعلاوة على هذه الأسباب تؤكد مصالح وزارة التجارة على تفشي ظاهرة الذبح العشوائي والتجاوزات التي يقوم بها أصحاب محلات المشاوي على الطرقات الوطنية، وذلك دون احترام للقانون الذي ينص على أنه لا يسمح لهؤلاء بعمليات سوى الخرفان التي يفوق وزنها 30 كلغ بينما نراهم يتهافتون على الخرفان الصغيرة وفي ذلك ضرر فادح للقطيع واستنزاف له. والغريب في الأمر أن مظاهر ارتفاع أسعار اللحوم التي تفشت في الأسواق باتت أمرا واقعا فرض على المستهلك لكن الحكومة لم تبد لحد الآن أي استعداد لمقاومة هذه المظاهر أو القيام بتدخل لتعديل السوق عبر توريد اللحوم المبردة والقضاء على الاحتكار الجاري في هذا القطاع الحيوي.