من المتوقع ان يشهد موقف حركة النهضة تحولا جذريا بخصوص مسألة التحوير الوزاري سيما في ما يتعلق بالحقائب الوزارية السيادية. وقد أبدت الحركة مرونة واضحة على عكس المرات السابقة حيث بات من الواضح انها أصبحت اقرب الى التخلى عن حقائب كثيرا ما أكدت انه لا تحوير فيها على غرار الخارجية والعدل. وتأتي هذه الخطوة اثر اجتماع مجلس شورى الحركة والذي تبنى ضمنيا موقفا يؤكد عن تخليها عن حقائب وزارية سيادية لفائدة أطراف جديدة ستلتحق قريبا بالائتلاف الحاكم . وقد تدعم هذا الموقف مع اعلان البيان الصادر عن مجلس الشورى الذي اعتبر " أنّ خيار الائتلاف في إدارة الحكم هو الخيار الصحيح والأصلح لواقع البلاد كما يؤكّد حرص الحركة على دعم وتطوير التّجربة التّشاركيّة في إدارة الحكم والانفتاح على كلّ الأطراف السّياسيّة والاجتماعيّة والمدنيّة والشّخصيّات الوطنيّة دعما لمسار الحوار الوطني." هذا الموقف الجديد كان عكس ما أقره الاجتماع السابق لمجلس الشورى الذي اكد أعضاؤه منذ ما يزيد عن أسبوعين ان الحركة تتمسك بالحقائب السيادية وان اي تغير سياسي في عمل الحكومة لن يمسها بالضرورة. ويأتي بيان المجلس ليؤكد على ان واقع الهروب الي الامام هو خطة سياسية لا يمكن لها النجاح بل من شأنها ان تحشد و توحد ضدها كل المواقف حتى المتناقضة منها وقد لاقى بيان مجلس الشورى تفاعلا إيجابيا من قبل الشركاء التقليديين للحركة حيث اعتبرحزب التكتل من اجل العمل و الحريات ان البيان فيه اشارات ايجابية خاصة في دعوته رئيس الحكومة الاستجابة لمقترحات طرفي الائتلاف الحكومي والاحزاب التي يشملها الحوار من اجل التحوير الوزاري المرتقب. المؤتمر من اجل العمل والحريات رحب كذلك بدعوة مجلس شورى حركة النهضة للانفتاح على أطراف أخرى وبناء تعاقد سياسي واجتماعي، مؤكدا ان ذلك من بين شروط المؤتمر التي تقدم بها سابقا والتي تهدف للإمضاء على عقد اخلاقي وسياسي بين كل اطراف الحكم بيد أن هذه الإيجابية لم تقنع أطرافا أخرى حيث أقر المجلس الوطني للتحالف الديمقراطي وبالتصويت عدم المشاركة في التحوير الوزاري المرتقب. من جهة أخرى تبنى المجلس الوطني للحزب الجمهوري موقفا رافضا للمشاركة في حكومة توسيع "الترويكا" ودعا الى تشكيل جبهة انتخابية موسعة. بدوره رأى الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي ان بيان مجلس شورى حركة النهضة يكرس مبدأ المحاصصة السياسية ولا يعتمد برامج سياسية واضحة ومضمونه مخالف لممارسات الحركة ميدانيا. وامام ما تقدم يبدو جليا ان التحوير الوزاري قد يتأخر الى نحو اسبوع اخر في انتظار ما ستفرز عنه المشاورات الجديدة خصوصا مع التحول السياسي الحاصل في موقف الحركة . يذكر ان التحوير كان من المفترض ان يكون يوم 14 جانفي الجاري ليتأجل الي 20 من نفس الشهر وهو ما عجل بطرح جملة من الاسئلة المتعلقة اساسا بمن يقرر داخل الحكومة هل هو الجبالي ام مجلس الشورى؟ ومن الملاحظ ان انتقادات واسعة لاحقت حكومة الجبالي حول تأخير الاعلان حيث كان آخرها إحراجه ببيان صادر عن مجلس الشورى بدعوته الإسراع وقيامه بهذه الخطوة وكانها إشارة ضمنية انه هو -اي الجبالي- سبب التأخير.